لطالما دعوت الله عز وجل أن يمنحني قلباً راضياً، مثل قلبه، فقد كان دائما قانعاً بكل مايعطيه الله، لايغضب ولايحزن علي بلاء أصابه، يسعد بكل مايسعد غيره ويفرحه، حتي لو كان في هذه السعادة ظلم وقع عليه.
هكذا كان الزميل والشقيق الأكبر محمد عبدالمقصود، نموذج للمؤمن الورع الذي يرضي بكل ماقسم الله له، كثيرا ماتعرض لظلم وقع عليه، وكثيرا مااتهمه الزملاء من جيله بالتساهل في حقوقه، وطالبوه بعدم التنازل عن حق له، وكتابة الشكاوي فيمن ظلمه، وكانت دائما عبارته التي يرددها: «هل تريدون أن أشكو عبد إلي عبد» شكوتي لله عز وجل فقط، فسبحانه من يعطيني ويعطي غيري، ولو أراد الله أن آخذ شيئا، فلن يملك عبد أن يمنعه عني.
ولم تكن كلماته مجرد كلمات، قدر ماكانت إيمانا صادقا حقيقيا، تميز به الاستاذ محمد عبدالمقصود، ضمن مزايا كثيرة أخري لاتعد ولاتحصي، أبرزها حبه لعمله وللمكان الذي يعمل فيه، ففي أشد لحظات الألم من المرض، لم يكن يمنعه أن يتصل ليشير إلي موضوع كتب بشكل جيد أو خطأ لم يتم تداركه، وكان الخطأ يغضبه غضبا جماً.. أنه مر دون أن يكتشفه أحد.. كنا ننتظره أول كل شهر يمر علي الجميع، لأخذ الخير كما كان يقول وكان هذا الخير أحد أهم أفعاله، يأخذه لينفقه في مصارفه بسعادة ترسم علي وجهه لايضاهيها أي سعادة في الدنيا.
وكثيرا ماكنا نفاجأ به يأتينا ليقول: لدي ابنة يتيمة ستتزوج الأسبوع القادم، ونريد أن نجهزها ودائما ماكان الله يوفقه فيما يسعي اليه من عمل الخير.. ولم يكن يتوقف عن الشكر والحمد لله عز وجل.. رحم الله قلبا ورعا خاشعاً وأسكنه فسيح جناته.