من حق الناس علي أي مسئول، الاستماع لشكواهم وسرعة العمل علي حلها، ولكن بشرط أن يكون الحل بناء علي دراسة متكاملة ، تحدد الاسباب التي أدت للشكوي والأدوات الكفيلة بالقضاء نهائيا عليها، والا يكون الحل جزئيا أو ناقصا ، فيؤدي إلي شكوي أخري جديدة!
لا يجب علي أي مسئول اتخاذ قرار، إلا بعد التأكد من جدواه، بحيث لا يحتاج القرار إلي قرارات أخري مكملة له أو ان يكون مصدر مشكلة جديدة.
وأشير هنا إلي القرار المفاجئ الذي اتخذه د. الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم بحذف اجزاء من المناهج الدراسية لبعض صفوف النقل، والذي جاء في توقيت بالغ الحساسية، إذ انه جاء قبل اداء التلاميذ لامتحانات نهاية العام الدراسي بشهر أو يزيد قليلا.
برر الوزير قراره بانه استجاب لشكوي أولياء الأمور من المناهج ومن الحشو فيها، وبعد صدور القرار تبين ان الحذف طال مناهج قام التلاميذ بدراستها، مما اسفر عن تأكيدات للوزارة بأنه سيتم اعتبار هذه المناهج أو المواد الدراسية درست علي سبيل الاطلاع ولن تحتسب درجاتها.
ولم تنته المشكلة، فقد تجددت باعتراض أولياء الأمور علي المواد الدراسية التي تم حذفها .
ورد الوزير بتصريحات في بعض الصحف أنه لن يحذف أي أجزاء أخري من المناهج الدراسية !
ما حدث نتيجة طبيعية لقرار متعجل تم اتخاذه، دون النظر الي تداعياته والنتائج التي يمكن أن تترتب عليه، فقد أراد الوزير أن يكون صاحب استجابة سريعة لشكاوي أولياء الأمور، وهو أمر محمود له، ولكنه لم يعط لنفسه وللمسئولين بالوزارة الفرصة لاتخاذ القرار الصائب الذي يحقق الحل ولا يتسبب في سلبيات جديدة.. فكانت النتيجة حالة البلبلة التي سادت جميع المدارس وأولياء الأمور بين الاعتراض والقبول لقرار الوزير.
والمؤسف أن المتضرر مما حدث هم التلاميذ، الذين فوجئوا قبل الامتحانات بفترة غير مناسبة بحذف مواد دراسية درسوها وحصلوا فيها علي دروس خصوصية تكبد فيها أولياء أمورهم مبالغ ليست بالهينة، كما أن الدرجات التي حصلوا عليها أصبح عليها جدل حول كيفية احتسابها أو إعادة توزيعها علي اسئلة أخري .
ألم يكن من الاجدر الا يكون قرار الوزير متسرعا وأن تتم دراسته بشكل مستوف، حتي يؤتي الهدف منه، بدلا من اثارة حالة من البلبلة والجدل والتي لن يدفع أحد ثمنها سوي التلميذ وولي أمره .
الناس تعبت من القرارات التي لا تلبي مطالبها وبدلا من ان تحل مشاكلها، تزيدها مشاكل .