أشك كثيرا في أن هذا الشاب صغير السن قد درس الاعلام، أو أنه يعرف شيئا عن رسالة الاعلام ودوره في المجتمع، فكل ما يصدر عنه يؤكد أنه جلس أمام الشاشة بالخطأ!
في أي حلقة نقاش يستضيف فيها ضيفا، غير مسموح للضيف بالتحدث ، هو فقط من يتحدث، فلا يسمح للضيف بإبداء الرأي، ولايقبل بالرأي الآخر، ولا بحق الاختلاف، ودائما هو عصبي، مقاطعا لحديث الآخر، رافضا لأي كلام غير كلامه!
في الأسبوع الماضي اتصل الإعلامي الشاب بأحد الاشخاص ليعلق علي موضوع جزيرتي تيران وصنافير، عبارة واحدة قالها الضيف علي الهواء، ليرد عليه الاعلامي: سأكتفي بما قلت وأغلق الاتصال ليتحدث هو قائلا: كلكم مؤيدون، ثم راح يحدث نفسه بكلمات غير مفهومة اعتاد أن يقولها بنفس الأسلوب، وكأن المستمعين له يفهمون ما يقوله.
بعدها بيومين اختلف الاعلامي الشاب مع متحدثين اليه، فما كان منه ألا أن راح يقسم بأغلظ الأيمان بأن الجزيرتين مصريتان، وأنه علي يقين بمصريتهما، مهما قال من قال!
وبعيداً عن محور النقاش، فهل من حق أي اعلامي الاتصال بمتحدث واغلاق الاتصال في وجهه بمثل ذلك الأسلوب، أليس من حق المتحدث إبداء رأيه، حتي لو كان مختلفا مع رأي من يدير النقاش، ألم يتصل الاعلامي بضيفه ليتعرف علي رأيه، فلماذا يغلق الاتصال في وجهه؟
ولماذا يقسم الاعلامي بأغلظ الأيمان علي أمر هو غير متخصص فيه، ألم يكن من الأحري، أن يستضيف المتخصصين ممن يملكون الحجة والوثائق والمستندات التي تؤكد حقيقة ما بدلا من أن يقسم علي ما لايعرفه.
مؤكد أن من يستمعون اليه، كانوا سيقدرون جهده في إثبات حقيقة غائبة أو غير واضحة، بالاسلوب الصحيح وليس بفرض سياسة الرأي الواحد؟!
ثم من قال أن الصوت العالي والعصبية في الحديث والتشنجات يمكن أن تكون أسلوبا ومنهجا في أي حوار.
الحوار يكون بتبادل الرأي، بالاختلاف، وبحق قبول الآخر والهدوء وتحكيم العقل، ليس من حق الاعلامي فرض رأيه علي الآخرين، والعكس ايضا مرفوض، والمشاهد فقط هو من له الحق في القبول والرفض للرأي الذي يسمعه، ولابد أن يكون الرأي مصحوبا بما يؤكده من أسانيد يستطيع العقل تقبلها والاقتناع بها.
لا أهاجم الشاب الاعلامي وكما قلت، فمازال صغير السن ولكني أردت توجيه النصح إليه، بأن عليه أن يحترم الرأي الآخر، هذا إن اراد أن يحترمه الآخرون، وأن يتخلي عن عصبيته المفرطة والتي يراها كل من يشاهده غير مبررة في أي موضوع نقاشي يتناوله.
تستطيع أن تقنعني وتقنع كل من يشاهدونك بهدوء وبتبادل الرأي مع الآخرين.
رأيك ليس قرارا ملزما علي غيرك.