قراءة: أحمد الجمَّال
فى عالم الموضة لا يخفى اسم األكسندر دو بارى ريمونب على أحد، فهو مصفف الشعر ذو الشهرة العالمية، ولد عام 1922 ورحل عام 2008، وكان يمكن أن يعيش حياته مغموراً مثل آلاف من مصففى الشعر فى بلده، لولا أن زبونته إيفيت لابروس، وهى ملكة جمال فرنسا لعام 1930، تزوجت من الأغا خان الثالث ودلت كافة سيدات الطبقة المخملية على صالون مصفف شعرها الموهوب، وتدريجياً ذاع صيته خصوصاً عندما اختارته الممثلة الأمريكية إليزابيث تايلور، عام 1961 لتصميم تسريحة كليوباترا فى الفيلم الشهير الذى قامت ببطولته عن الملكة المصرية القديمة، وسرعان ما أصبح ألكسندر مصفف الشعر المطلوب فى كل الأعراس الملكية بأوروبا.
وقبل 49 عاماً، زار ألكسندر مصر، والتقته آخرساعة ونشرت تقريراً عن تلك الزيارة التى تحدث فيها الرجل عن انبهاره الشديد بالحضارة المصرية القديمة.. فى السطور التالية نعيد نشر التقرير بتصرف محدود:
من دون أن يشعر به أحد، جاء الحلاق الفرنسى العالمى ألكسندر إلى القاهرة، وتسلّل منها إلى الأقصر وأسوان.. أمضى ليلة واحدة فى فندق هيلتون.. ليس عنده أى برامج غير أن يستريح.. وإن كان قد قال أثناء العشاء إنه سوف يقوم بتسريح شعر خمس سيدات على الأكثر.
ومجيء ألكسندر إلى القاهرة جعل عدداً كبيراً من حلاقى السيدات يشعرون بالضيق، فقد نشرت الصحف فى السنوات الأخيرة أن عشرات منهم ذهبوا إلى باريس وقابلوه ورأوه وجلسوا إليه، ولمسوه وأخذوا منه البركة، بل إن بعضهم قد نشر فى الصحف أن ألكسندر قال له شخصياً إنه يتمنى أن يشاركه عمله فى باريس.
ولما جاء إلى مطار القاهرة لم يكن فى استقباله سوى ثلاثة من الحلاقين هم غريب ومحمد سعيد ومحمود.. أما بقية الرابطة التى تضم الألوف فلم يعرف عنه أحد أى شيء.
وعلى الرغم من أن ألكسندر يلفت النظر بملابسه الغريبة.. الحزام الوردى الذى لفه حول وسطه ومشيته الرقيقة الأنثوية وألوانه الغريبة، فإن أحداً من مصورى الصحف ووكالات الأنباء الذين ذهبوا لتصوير وزراء الخارجية والوفود العربية لم يلتفت إلى هذا الرجل الأجنبى الذى التف حوله بعض الرجال ذوى الشعور الطويلة والسوالف المنكوشة، وكادوا يقبلون يديه أو أصابعه، فهم يؤمنون بأنه صانع التيجان الذهبية التى تضعها شهيرات النساء على رءوسهن فى أوروبا، فهو الذى أجلس إليزابيث تايلور بالساعات.. وصوفيا لورين وفرح ديبا وجريس كيلى وفابيولا، وسافرت له الأميرة اآنب أميرة إنجلترا، والملكة فردريكا ملكة اليونان.
ولكن أحداً من المصورين لم يلتفت إلى هذا الرجل الغريب.. وبات ألكسندر ليلته فى القاهرة، ثم قرّر سريعاً أن يرى معالمها.. قال لى: الم أكن أتصوّر القاهرة بهذا الجمال الأوروبىب.
لكنه قرر أن يرى حى الأزهر وخان الخليلى، وهنا صرخ: ااتركونى هنا، فأنا مسحور.. هذا ما أريده.. فى هذا الجو الجميل البسيط أتنفس التاريخ العريق لمصرب.
سألته: كيف وجدت الأقصر وأسوان.. بعد أن رأيت آثار برسبوليس فى إيران؟
وقبل أن يجيب ألكسندر، أستطيع أن أقول إن آثار برسبوليس تعتبر واحدة على مليون - بلا أية مبالغة - إذا قورنت بالأقصر وأسوان، وتعتبر واحداً على ألف مليون - بلا مبالغة - إذا قورنت بالهرم!
فقال ألكسندر: القد قرأت عن هذه الروائع التاريخية، ولكن ملمسها والنظر إليها والحياة إلى جوارها أروع.. إن مصر كنز من كنوز الحضارة، وجوها منجم من الذهبب.
لم يخف عنى ألكسندر شيئاً جديداً سوف يظهر على خطوط الشعر، قد استوحاه من النساء الفرعونيات فى وادى الملوك.. لا أعرف إن كان سيختار لها اسم نفرتيتى أو نفرتاري، ولكن تأثره واضح وبليغ.
قال لى إن موضة الشعر فى العالم كله أن يكون الشعر متعدد الألوان.. المرأة الباريسية الآن شعرها له خمسة ألوان.
ومن الصعب أن تفعل ذلك أى سيدة مصرية.. ويرافق ألكسندر طبيب خاص لأن ألكسندر (52 سنة) مريض، ولذلك فإنه حريص على أن يأكل الأطعمة المسلوقة.
(اآخرساعةب 5 يناير 1972)