هناك دول حولنا تحاول شراء التاريخ لتثبت أن لها أصولا ومن أصحاب الحضارات من قديم الأزل في الوقت الذي لا ندرك فيه نحن ما نملكه من حضارة

أعتقد أننا أخطأنا في حق الشباب والدولة وأجهزتها قبلنا حتي نشاهد أجيالا لا تعرف عن الوطن وانتصاراته وانتكاساته شيئا اللهم إلا القليل منهم، فمصيبة كبري أن تسأل شابا أو شابة عن أكتوبر أو عن سيناء أو أي مناسبة وطنية ولا يعرف الإجابة.
ببساطة لأنه لم يتعلم شيئا عنهم في مدرسته أو جامعته فلا مناهجنا ولا كتب الدراسة عندنا فيها ما يخلق ذلك الغيور علي تاريخ بلده فالدراسة عندنا أصبحت مجرد وسيلة لشهادة من أجل البحث عن وظيفة استبدلنا أناشيدنا التي كنا نعلمها لأبنائنا بالأغاني الهايفة وزورنا كتب التاريخ لنصبح اضحوكة فنحن البلد الذي تسأل أبناءه عما يخص الوطن ولا تجد إجابة تشفي غليلك وهنا أنا لا أطلق لفظ الجمع ولكن النسبة تجاوزت الـ ٩٥٪ مع الأسف في كل مراحل الشباب السنية، عندما تسأل شابا عن سيناء ويجيبك أعرف ذلك الاسم من التليفزيون أو الجرائد، وعندما تسأل آخر عن طابا أو تحرير سيناء أو معركة العبور فيقول لك باشوفها كل سنة في الأفلام المكررة علي شاشة التليفزيون. للأسف هؤلاء هم من يسهل السيطرة علي أفكارهم من الخبثاء أعداء هذا الوطن، وهم أيضا من يمكن ألا نجد لهم ولاء لبلدهم وهو ما لا نرضاه إذا لعب أحد بعقولهم.. مصر صاحبة نضال وطني كبير منذ عرف التاريخ نفسه ومن عمق الزمان لسبعة آلاف سنة أو يزيد منذ مينا موحد القطرين مروراً بكل العصور حتي تحرير طابا. التحقيق الاستقصائي الذي قامت به الأخبار أمس ووجهت فيه سؤالا للشباب والشيوخ وكان ماذا تعرفون عن ٢٥ أبريل، الشيوخ الذين عاصروا الحروب في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ذكروا انه تاريخ وذكري نضال لاسترداد تراب الوطن أما الشباب فجاءت معلوماتهم عنها مما يرونه في الأفلام والمسلسلات والمؤسف ان بعضهم أجاب عندما سئل عن مكان سيناء وكانت الإجابة صادمة لا نعرف مكانها علي الخريطة العيب ليس فيهم لأن المدارس والمعاهد والكليات لم يعد لديها الوقت ولا المنهج لتدّرس لهذا الشباب تاريخ الوطن بل والفضيحة الكبري التي نبه إليها كثيرون قبلي هو أننا ألغينا حصص التربية الوطنية من مناهجنا وأوقفنا ما كانت مدارسنا تزرعه في نفوسنا ونحن صغار من حب الوطن وتحية العلم والتغني باسمه وكانت مادة الفتوة الإجبارية والتدريب العسكري الذي كنا نتلقاه في مدارسنا الثانوية جزءا من ذلك لتنمية الوطنية في نفوسنا، لن يبني الوطن ويدافع عنه إلا من يعرف كلمة وطن ولديه الشعور والحس القومي. المسئولية هنا علي الجميع من الرئيس لأصغر مواطن علي أرض مصر لأننا كلنا مخطئون في حق هذا الشباب الذي كبر علي مشاهده والاستماع للهيافات ولأننا أيضا تركنا له الحبل علي الغارب بلا رقابة فتسربت إلي أفكاره السموم والدعاوي الباطلة والأغاني المضللة.
كم أتمني أن يتبني مجلس النواب هذه القضية والتي أطلق عليها قضية الجهل بالوطن فلا يعقل أن الشباب الذي نعول عليه ونصوره علي أنه المستقبل يجهل تاريخ بلده القديم والحديث ولا تجد من بينه من هو قادر علي المساهمة في صنع القادم مع الأسف يحتاج الأمر للجنة تقف علي الأسباب وتحدد مناطق الخلل حتي يمكن الاصلاح وإعادة بناء أفكار الشباب ومن ثم توجيه الأجيال الجديدة للطريق الصحيح.
وكم أدعو الله ان تكون وزارة التربية والتعليم قادرة علي إعادة مادة التربية الوطنية كمادة أساسية وأن تكون المناهج معبرة عن الوطن وتاريخه الحافل بالإنجازات، أما الاذاعة والتليفزيون فعليهما ان يعيدا النظر فيما يقدمانه للشباب، انهما مطالبان بالبعد عن التفاهة والاسفاف وتقديم جرعات في حب مصر لاعادة بناء الوعي الوطني ومعرفة التاريخ.