عاجل

«تحالف الغواصات» يهدد بانقسام أوروبي وإشعال المحيطين الهادي والهندي

 فرنسا ستخسر نحو ٤٠ مليار دولار بسبب إلغاء صفقة الغواصات
فرنسا ستخسر نحو ٤٠ مليار دولار بسبب إلغاء صفقة الغواصات

توالت ردود الفعل القوية حول ما بات يعرف بـ«تحالف الغواصات بين استراليا وامريكا وبريطانيا» والذى يأتى فى اطار شراكة أمنية بين الدول الثلاث باتت تهدد بإحداث انقسام اوروبى واشعال منطقتى المحيط الهندى والهادى، بعد توعد الصين ورفضها للاتفاق الذى وصفته بـ «غير المسئول».  


فعقب إتمام الشراكة الثلاثية بين واشنطن ولندن وكانبيرا، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون إلغاء اتفاق ضخم كان قد أبرم مع فرنسا عام 2016 لشراء غواصات تعمل بالديزل والكهرباء، مستبدلاً الصفقة بصفقة اخرى لغواصات تعمل بالدفع النووى بمساعدة واشنطن ولندن. 

وفيما وصفت فرنسا موقف أستراليا بـ»طعنة فى الظهر»، أشار موريسون، إلى أنه أبلغ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يونيو الماضي، بوجود مشاكل حقيقية فيما يتعلق بقدرة الغواصات التقليدية لتحقيق الأهداف الأمنية والاستراتيجية لأستراليا فى المحيطين الهندى والهادى. 

وكانت أستراليا قد أعلنت  بعد الغاء الصفقة مع مجموعة نافال الفرنسية، أنها ستقوم بدلا من ذلك بشراء ما لا يقل عن 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية بتكنولوجيا أمريكية وبريطانية وذلك فى اطار الشراكة الأمنية التى أبرمتها الدول الثلاث وتحمل اسم «أوكوس»، والتى يرى كثيرون انها تهدف للتصدى للنفوذ الصينى فى بحر الصين الجنوبي، إذ تعد المنطقة بؤرة ساخنة للتوترات على مدار سنوات.  
وقد بررت أستراليا إلغاء الصفقة، بالتأكيد على أن خيار تكنولوجيا الغواصات النووية التى قدمتها أمريكا، لم يكن متاحا عند إبرام الصفقة مع فرنسا منذ 4 سنوات بحوالى ٤٠ مليار دولار. 


وأقر موريسون بالضرر الذى لحق بالعلاقات بين أستراليا وفرنسا، لكنه أصر على أنه أبلغ ماكرون فى يونيو بأن أستراليا راجعت تفكيرها بشأن الصفقة وقد يتعين عليها اتخاذ قرار آخر. وأشار الى أن فرنسا أُبلغت بالقرار قبل الإعلان، لكن باريس نفت ذلك، والمحت إلى امكانية طلب تعويضات عن الصفقة من استراليا. 
ومن جانبها قالت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، ان فسخ أستراليا لصفقة الغواصات أمر خطير من الناحية الجيوسياسية وعلى مستوى السياسة الدولية. 


فى الوقت نفسه اعتبر الخبراء أن الشراكة بين الدول الثلاث تؤثر سلبا على الوجود الفرنسى فى منطقة المحيطين الهادئ والهندي، لإرتكاز شراكات باريس فى تلك المنطقة على علاقاتها مع أستراليا والهند. كذلك يثير توقيت إنهاء الصفقة مع فرنسا وإبرام التحالف مع أمريكا وبريطانيا تساؤلات عديدة، لاسيما وأن امريكا لم تشارك تقنية «أوكوس» مع أى دولة أخرى غير لندن، نظرا لأن التقنية شديدة الأهمية وتتيح تبادل المعلومات التكنولوجية المتعلقة بالأنظمة التى تعمل تحت الماء وقدرات شن هجوم بعيد المدى. 


وفى محاولة للتهدئة،أكد وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، أنه لا انقسام بين شركاء واشنطن فى أوروبا حول الاتفاق الأمنى مع بريطانيا وأستراليا. وقال فى مؤتمر صحفى مشترك مع نظيرته الأسترالية، إن فرنسا شريك أساسى لأمريكا والعلاقة معها قوية جدا .  
ومن جانبه، أعلن جوزيب بوريل،  مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى أن التكتل «يأسف» لعدم إبلاغه بشأن الاتفاقية الأمنية المبرمة بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ. وقال بوريل، خلال عرض لاستراتيجية الاتحاد الأوروبى للتعاون فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ: « نحن نشجب ذلك».وأضاف «هذا الإتفاق يجبرنا مرة أخرى على التفكير فى الحاجة إلى تطوير الاستقلال الاستراتيجى للاتحاد الأوروبي». 


وأكد المتحدث باسم بوريل، بيتر ستانو: «سيتم إجراء تحليل للوضع ولتداعيات هذا التحالف»، مشيرا إلى أن «الاجتماع المقبل لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، المقرر عقده فى 18 أكتوبر القادم فى لوكسمبورج، سيشكل فرصة لمناقشة هذا التحالف». 
فى الوقت نفسه يرى خبراء ان «تحالف الغواصات» واختيار أمريكا للتحالف العسكرى منفردا مع بريطانيا وأستراليا بدلا من إبرام هذا التعاون مع دول شمال الأطلسي، يعد نوعا من أنواع الضغط على أوروبا وعلى رأسهم باريس التى تقود بمشاركة برلين تحركات تأسيس جيش أوروبى بدلا من الاعتماد العسكرى المباشر على الولايات المتحدة الأمريكية. 


فى الوقت نفسه نددت الصين بالصفقة الأمريكية مع أستراليا، معلنة رفضها للتحالف الثلاثى فى مجال الغواصات النووية التى تكثف سباق التسلح وتشكل خطورة على السلام والاستقرار الإقليمين، بحسب بيان الخارجية الصينية. 
 وشجبت صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية الاتفاقية الثلاثية، وحذرت من الهزيمة المميتة للجيش الأسترالى فى مقال افتتاحى لها. وقالت الصحيفة إن القوات الأسترالية ستكون على الأرجح أولى القتلى.