الحقيقة انه قد فاجأتني تصريحات الدكتور نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية الذي طالب بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك العربية لمواجهة الاخطار التي تواجه اعضاء الجامعة وفي مقدمتها ظاهرة الارهاب التي أدت الي تمزيق العالم العربي. كان من الطبيعي ان تجرني الدهشة التي اصابتني بصدور هذه التصريحات عن الدكتور العربي بالذات.. الي تذكر عدم فاعلية الدور المنوط بجامعة الدول علي مدي عقود مضت منذ تأسيسها حتي الآن إلا فيما ندر. المواقف الايجابية التي يمكن ان تحسب لهذه المنظمة القومية العربية التي كانت- ومازالت- معقودا عليها آمال كبيرة تمثلت علي سبيل المثال في دعمها لمصر بعد حرب ٦٧ واثناءحرب ١٩٧٣ ورفض غالبية اعضائها لمغامرة الغزو المشينة التي قام بها صدام حسين لدولة الكويت. في نفس الوقت كان لهذه الجامعة مواقف اخري كانت في غاية السلبية جعلت بعض قراراتها بمثابة دعم وغطاء شرعي للتآمر علي امن واستقرار بعض الدول العربية الاعضاء بها. هذه القرارات تجنبت ما يقضي به الميثاق الذي يحكمها ومتطلبات البحث والدراسة لضمان الصالح القومي العربي. انها جنحت وللاسف الي ممالأة ضغوط وتوجهات لا تضع في اعتبارها مصالح الامن القومي العربي القائم علي امن واستقرار كل اعضائها. كان من نتيجة هذا الخلل في التعامل مع بعض الاوضاع العربية الانسياق وراء عمليات التآمر الخارجي التي استهدفت تفكيك وتمزيق العالم العربي. في هذا الاطار لم يكن خافيا ان المغامرة التي قام بها صدام حسين بغزو العراق بعد تورطه في حرب مدمرة مع ايران.. كانت بداية هذه المؤامرة. وفي اعقاب الهجوم الارهابي المباغت الذي تعرضت له مدينة نيويورك عام ٢٠٠١ .. سعي الامريكيون بتشجيع من الصهيونية العالمية الي ايجاد سبوبة للايقاع بصدام حسين مرة اخري بعد انهاء عدوانه علي الكويت. اختلقوا حكاية اسلحة الدمار الشامل المزيفة لتبرير عملية غزو هذا البلد العربي عام ٢٠٠٣ بهدف تدميره والقضاء علي مقوماته. كانت هذه العملية العسكرية بداية تفعيل ما يسمي بالفوضي الخلاقة لاثارة القلاقل وعدم الاستقرار في الدول العربية الواحدة تلو الاخري. هذا المخطط اعتمد علي العملاء والمأجورين الذين جري تجنيدهم علي مدي سنوات ما بعد حادثة نيويورك. شملت هذه الخطة التآمرية تقسيم السودان بين شمال وجنوب بحروب دموية كانوا وراءها. جاء بعد ذلك الدور علي دول عربية اخري كانت شعوبها تئن من اخطاء واستبداد حكامها. تم انتهاز هذا الغضب الشعبي وما أفرزه من ثورات سُميت بالربيع العربي حيث جري ربطها بمؤامرات واموال المخابرات الامريكية ومساندة تبعياتها في عدد من الدول الغربية. كانت الوسيلة لتحقيق هذا الهدف استثمار التحالف التاريخي مع جماعة الارهاب الاخواني للعمل علي تمكينها من السطو علي هذه الثورات. جاء ذلك في اطار سيطرة وهم امكانية قيام هذا التنظيم الذي يعد »‬ابو الارهاب والتطرف» برعاية مخططاتها ولجم التنظيمات الارهابية والمتطرفة وابعاد شرورها عن امريكا وحلفائها الغربيين. يضاف الي ذلك اثارة الفرقة في الدول العربية المستهدفة شملت تونس وليبيا وسوريا واليمن ومصر. تمكنت الضغوط الامريكية وعمليات الخداع والاستعانة بعمالة قطر في توريط الجامعة العربية في منح الشرعية لعملية تدمير ليبيا استنادا الي اهمية الثروة البترولية الليبية.. بالاضافة الي مساندة الصراع المسلح في سوريا انطلاقا مما تمثله بموقعها الاستراتيجي من الصراع العربي الاسرائيلي. لقد كان شيئا مؤسفا للغاية ان تسقط مصر الزعيمة والرائدة عربيا في هذا الفخ بعد ثورة ٢٥ يناير ابان حكم مجلس عسكري طنطاوي بتأييد هذا السقوط من جانب الجامعة العربية. حدث ذلك بينما كان الدكتور نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية حاليا وزيرا لخارجية مصر في ذلك الوقت هو من اعطي الضوء الاخضر لهذا التدخل الخارجي لتدمير ليبيا وسوريا في هذه الآونة . كان عمرو موسي امينا للجامعة العربية عندما اتخذت القرار الوصمة الذي نعاني من تداعياته المؤلمة حتي الان.  اذن فقد كان للجامعة العربية المبجلة دور اساسي في هذا المسلسل المأساوي الذي يعيشه العالم العربي الان سواء في سوريا او ليبيا او اليمن والذي كان ضمن محصلاته ما يجري في مصر حاليا من ارهاب.