إضاءة نبوية لحياة عصرية .. التسول مرفوض شرعاً

التسول
التسول

أروى‭ ‬حسن

الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية‭ ‬تحثنا‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬والاجتهاد‭ ‬فيه‭ ‬والسعى‭ ‬لكسب‭ ‬الرزق‭ ‬الحلال،‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أهمية‭ ‬العمل،‭ ‬ولكن‭ ‬أصبحنا‭ ‬فى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالى‭ ‬الكل‭ ‬يبحث‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬بأقل‭ ‬مجهود‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ادعاء‭ ‬الاحتياج‭ ‬والمرض‭ ‬لسؤال‭ ‬الناس،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلَّى‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّم‮»‬‭ ‬علمنا‭ ‬العفة‭ ‬والاستغناء‭ ‬عن‭ ‬الخلق،‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬فى‭ ‬حديثه‭ ‬الشريف‭ ‬فيما‭ ‬رواه‭ ‬البخارى‭ ‬عن‭ ‬أبى‭ ‬هريرة‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬رَسولَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬‮«‬صَلَّى‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّمَ‮»‬‭ ‬قالَ‭: ‬‮«‬والذى‭ ‬نَفْسِى‭ ‬بيَدِهِ،‭ ‬لَأَنْ‭ ‬يَأْخُذَ‭ ‬أحَدُكُمْ‭ ‬حَبْلَه،‭ ‬فيَحْتَطِبَ‭ ‬علَى‭ ‬ظَهْرِه،‭ ‬خَيْرٌ‭ ‬له‭ ‬مِن‭ ‬أنْ‭ ‬يَأْتيَ‭ ‬رَجُلًا،‭ ‬فيَسْأَلَه،‭ ‬أعْطاهُ‭ ‬أوْ‭ ‬مَنَعَه‮»‬‭.‬

فى‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭ ‬يقسم‭ ‬النبى‭ ‬“صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم”‭ ‬باللهِ‭ ‬الذى‭ ‬روحه‭ ‬بيدِه‭ ‬ــ‭ ‬لتقوية‭ ‬الأمر‭ ‬وتأكيده‭ ‬ــ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬نوعه‭ ‬فهو‭ ‬أفضل‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬سؤال‭ ‬الناس‭ ‬وإراقة‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬لهم،‭ ‬وأنه‭
‬مهما‭ ‬يكن‭ ‬شاقا‭ ‬عنيفا‭ ‬فهو‭ ‬أرحم‭ ‬من‭ ‬مذلة‭ ‬التسول،‭ ‬فما‭ ‬يلحق‭ ‬الإنسان‭ ‬بجمع‭ ‬الحطب‭ ‬من‭ ‬التعب‭ ‬خير‭ ‬له‭ ‬مما‭ ‬يلحقه‭ ‬من‭ ‬الذل‭ ‬والخزي؛‭ ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬دليل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬الإسلام‭ ‬للتسول‭ ‬والبطالة؛‭ ‬والحث‭ ‬على‭ ‬السعى‭ ‬والعمل،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬شاقا؛‭ ‬كالاحتطاب‭ ‬مثلا،‭ ‬وكان‭ ‬السبب‭ ‬فى‭ ‬اختيار‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬لمهنة‭ ‬الاحتطاب؛‭ ‬ان‭ ‬الصحابة‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬حطابين،‭ ‬وكانت‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أقل‭ ‬المهن،‭ ‬فأهل‭ ‬المدينة‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬فى‭ ‬الزراعة،‭ ‬والمهاجرين‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬بالتجارة،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬الاحتطاب‭ ‬العمل‭ ‬بها‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬لرأس‭ ‬مال‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬الجهد،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬قال‭ ‬بأن‭ ‬يحمله‭ ‬على‭ ‬ظهره،‭ ‬أى‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بعير‭ ‬يحمل‭ ‬عليه،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬دليل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أى‭ ‬عمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬مد‭ ‬اليد‭ ‬والتسول‭.‬

يجب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬ألا‭ ‬يستكبر‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬مهما‭ ‬كان،‮ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬وإذا‭ ‬وجد‭ ‬عملاً‭ ‬قال‭:‬‮ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يناسبني،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬جلوسه‭ ‬فى‭ ‬البيت‭ ‬وينتظر‭ ‬المال‭ ‬يأتى‭ ‬له‭ ‬أذل‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يناسبه،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المحزنة‭ ‬التى‭ ‬ظهرت‭ ‬بكثرة‭ ‬فى‭ ‬بلادنا‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالى‭ ‬يتركون‭ ‬المال‭ ‬الحلال‭ ‬ويتجهون‭ ‬للسؤال‭ ‬وإدعاء‭ ‬الأمراض‭ ‬والعجز‭ ‬حتى‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬الوفير،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬نراهم‭ ‬بكثرة‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬المواصلات‭ ‬المختلفة،‭ ‬وفى‭ ‬إشارات‭ ‬المرور،‭ ‬والشوارع‭ ‬الجانبية‭ ‬وحتى‭ ‬الرئيسية،‭ ‬لا‭ ‬يتركون‭ ‬مكاناً‭ ‬إلا‭ ‬ويتسولون‭ ‬فيه‭ ‬بإلحاح‭ ‬ودون‭ ‬حياء،‭ ‬وباتت‭ ‬مهنتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬التى‭ ‬يتكسبون‭ ‬منها‭ ‬أموالا‭ ‬طائلة،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬ماء‭ ‬وجهه‭ ‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬الثراء‭ ‬الذى‭ ‬ينتظره،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يتذكر‭ ‬أحاديث‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬يجمعون‭ ‬المال‭ ‬باستغلال‭ ‬تعاليم‭ ‬الشريعة‭ ‬الغراء‭ ‬فى‭ ‬العطف‭ ‬على‭ ‬الفقير‭ ‬المحتاج،‭ ‬وهم‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكونوا‭ ‬عن‭ ‬الفقر‭ ‬والاحتياج‭.‬