28 سنة من غياب عبقرى الألحان .. و7 سنوات على رحيل الساخر الأعظم

بليغ حمدي و أحمد رجب
بليغ حمدي و أحمد رجب

من مصادفات القدر الغريبة أن يرحل عن دنيانا بليغ حمدى فى 12 سبتمبرعام 1993، ويرحل فى نفس اليوم فى عام 2014 الكاتب الساخر أحمد رجب. 

«الأخبار» تحيى اليوم الذكرى 28 لهرم الالحان بليغ حمدى، والذكرى السابعة لغياب ابنها الساخر الأعظم أحمد رجب الذى لم أكن قريبا منه بالقدر الذى يجعلنى أكتب عن شخصيته وأحللها، قرأت كل ما كتب فى مؤلفاته الساخرة، وفتشت عن مقالاته التى اصفر ورقها فى مطبوعات دار «أخبار اليوم» التى توقف بعضها عن الصدور مثل «الجيل - وهى - وأخبار اليوم المصورة»، تشرفت بمقابلته مرة واحدة عندما أجريت معه حوارا عن المسرحيات التى أعدت عن كتاباته، وعرفت الكثير عنه فى 10 أيام استمتعت فيه بحكايات من رفيق دربه صاحب الريشة الساحرة مصطفى حسين عندما دعينا معا لحضور فعاليات الإعلام العربى بالمملكة الاردنية، ومنه عرفت سبب الخلاف الذى وقع بينهما وأدى لخصام نتج عنه خسارة كبيرة لقراء مطبوعات «أخبار اليوم»، وفى رأيى الشخصى لا أحد يستطيع أن يكتب عن أحمد رجب بمشاعر أحمد رجب وجزالة أسلوبه وسخريته العميقة، لهذا سوف نكتفى اليوم بإعادة نشر بعض ما كتبه أحمد رجب نفسه.

أما عن صديقى البليغ بليغ حمدى الذى عرفته لأول مرة فى بيت صديقنا المشترك محرم فؤاد، فهو ابن حى شبرا، وأنا ابن نفس الحى الذى تربينا وعشنا فيه قيم الترابط والتسامح، لن اتحدث عن سيرة بليغ ولا غرامياته وزيجاته التى خرج منها مهزومًا مكسورًا لحرمانه من أن يكون له ولد أو ابنة، لن أخوض فى الآلام التى كان يستخرج منها شلال ألحانه، لن اكتب عن التقارير الطبية التى تدمع لها العين فى ملف القضية التى نسختها من محاميه الصديق مصطفى عشوب شقيق الماكيير محمد عشوب، لن أكتب عن مرارة الظلم والغربة والجحود والقسوة فى القضية التى حوكم فيها وكان من ضمن أعضائها ابن شقيق الهضيبى مرشد الإخوان السابق، لن أتطرق لتفاصيل كتابات الصحفيين التى قتلته معنويا وروحيا وحاكمته قبل أن يصدر النقض صك براءته، لن أذكر ما نقله لى محرم فؤاد عندما زاره بفرنسا واستشعر كم المرارة فى نفسه والوحشة التى يشعر بها لمصر التى عشق ترابها، وجحود ونكران من صنع نجوميتهم!

بليغ لم تصدر عملة تذكارية تحمل صورته كما كنا ننتظر بعد رحيله، ولم ينل فى حياته أوبعد رحيله جائزة من الدولة التى غنى لها فى انكساراتها وانتصاراتها، ولا أتذكر أن هيئة البريد أصدرت طابعا يحمل اسمه وصورته، بليغ ظلم بكل معنى الكلمة ومازال يعانى من الظلم حتى الآن، وفى آخر مقابلة إذاعية أجرتها معه محطة لبنانية فى عز مرضه وقبل وفاته بفترة وجيزة سأله المذيع عن سرعدم كتابة ذكرياته مع عبد الحليم وغيره من المطربين، فقال بصوت يغلفه الغضب الممزوج بالاستغراب والخجل: «علاقتى بعبدالحليم علاقة خاصة جداً، فيها حاجات كثيرة لا أسمح لنفسى أن أكتبها، لأنى عرفت الحاجات لأنى وأنا بجواره، احنا عشرة عمر، عشنا معا وسهرنا معا وسفرنا معا، وأنا ممكن أرد على حد بيتكلم على عبد الحليم الفنان والإنسان، من حقى أرد على حد لو أخطأ فى عبدالحليم، ولكن ليسَ من حقى أن أذيع سرا يخص عبدالحليم حافظ شخصياً، دى حكايات شخصية محدش يعرفها ومش من حق حد يعرفها»، فقال له المذيع: «وماذا عمن كتبوا عنه ولم يكن لهم صلة مباشرة به ؟!».
قاطعه بليع قائلا: «هم سمحوا لأنفسهم بأن يكذبوا عشان يدخلوا التاريخ من باب أنه سمع حكاية من ده وموضوع من هنا كله افتراء ومعلومات خاطئة، حرام عليهم، ما بيسبوش حد يرتاح فى قبره».

ما جاء على لسان بليغ حمدى وهو فى عز مرضه يعنى بكل وضوح وصراحة أنه كان ضد كتابة السير الذاتية التى تتناول الحياة الخاصة للفنان، ونفاجأ فى ذكرى رحيله 23 بصدور رواية تحمل اسمه لكاتب التقى ببليغ فى عجالة لا تسمح له بأن يستوعبه، لكنه سمح لنفسه بأن يكتب عنه سيرة روائية كلها مغالطات وتجن عليه لمجرد أنه ضمنها رسائل خاصة تاجر بها البعض بعد رحيل بليغ، وألصق الكاتب فى روايته عبارات لا تليق أخلاقيا ولا يجوز ان تطلق على بليغ ابن الناس والعائلة المحافظة الطيب الكريم الخجول، عبارات لا تليق برجل بين يدى ربه، منتهى الهزل والسخف والظلم، هل كان ينقص بليغ أن يتم تشويه سمعته وهو ميت كما تم تشويهه عن عمد وهو حى ؟!