تعد المنطقة ذات خصوصية جيولوجية وظواهر طبيعية تشكلت نتيجة البراكين ومنها شلالات كانت مورد الدب السوري المنقرض منذ مائة سنة

من إسرائيليات السلام المعاصر ربط قضية الجولان باستمرار الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم، وقبل توليه السلطة، ومنذ احتلال إسرائيل الجولان (1967) وتهجير سكانه بالقوة داخل سورية وخارجها وقتل الشباب منهم رمياً بالرصاص مثلما ذبحوا الأسري المصريين في سيناء وسحلوهم بالدبابات،وترتيل المستوطنات الإسرائيلية لتهويد الجولان علي أسفار سياسة الاستيطان في فلسطين المحتلة، علاوة علي توجيه الحرب الدائرة في سورية لنصرة أطراف بعينها في مقابل احتفاظ إسرائيل بصك هضبة الجولان الاستراتيجية، بل ضربت عرض الحائط بكل الأعراف الدولية في طلبهاالإبقاء علي الوضع الراهن للجولان بمؤازرة أمريكية وكذلك روسية بحجة أن دولة سورية غير موجودة؟!
واندفعت حكومة نتنياهو علي خلفية مخاوف إسرائيل المعلنة من دولة إيران وحزب الله اللبناني للاجتماع علي الهواء في هضبة الجولان للمرة الأولي،منذ تسع وأربعين سنة مضت، وإعلان غير مسبوق عن أبدية الاحتفاظ بالهضبة في مقابل عدم عرقلة مباحثات جنيف للتسوية السياسية في سورية، وتلاها تدريبات عسكرية للجيش الإسرائيلي في الهضبة وما حولها، حيث لا تعترف الديمقراطية ولا السلام في إسرائيل بنتائج التاريخ والجغرافية والقانون الدولي وتعتمد علي خيبة الأمل الدولية في مواجهة هذا الصلف الاسرائيلي واستمرار منظمة الأمم المتحدة في الشجب وإصدار قرارات واجبة التنفيذ باستثناء إسرائيل؟!
وتحولت نتائج الربيع في الجناح الآسيوي من الوطن العربي لربيع صهيوني بامتياز متعطشاً لمزيد من الأرض العربية، ولا سيما هذه العقبة الكبري في (الجولان) الصخرة المعلقة في شمال شرقي فلسطين المحتلة، وهذا الاستعراض الإعلامي والعسكري والدبلوماسي للضغط المسبق علي الإدارة الأمريكية في ثوبها النسائي الجديد في يناير المقبل (2017).
وتحدد جغرافية مرتفعات الجولان العسكرية، وموقعها الحيوي من الجغرافية التاريخية لقوي الحكم في المشرق العربي خلال عصور مضت، الأهمية الاستراتيجية لمن يمتطيها ويعتلي صهوتها ويتحكم في ثرواتها، ولم تيأس أطماع إسرائيل منذ تأسست (1948) للاستحواذ علي صخرة الجولان بأي وسيلة كانت لاعتبارات سياسية وأمنية وضرورة مستقبلية من واقع ندرة المياه في المنطقة العربية المحيطة بها،فهي رمانة الميزان المائي بإشرافها وسيطرتها علي مصادر المياه ومنابع الأنهار ومجاريها بين سورية ولبنان وفلسطين والأردن، وكان هذا السبب وراء ذلك الاجتياح العسكري للجولان واحتلالها منذ حرب يونيه/ حزيران (1967)، وتبعه قرار الكنيست الإسرائيلي (1981) بضم هذا الجزء منها إلي إسرائيل من جانب واحد ومعارض للقرارات الدولية، وحملتها المسعورة لإسدال الستار عليها؟!
تقع الجولان علي مسافة واحدة من دمشق (الفيحاء) في الشرق وساحل البحر المتوسط في الغرب، وتشرف علي بحيرة طبرية في الجنوب،وتتميز بسهولها الواسعة والمنحدرة وسط تلال بركانية متفاوتة الارتفاع تتخللها حفر بركانية مختلفة الاتساع من البرك والبحيرات، وتستقبل مرتفعاتها الأمطار الغزيرة علي مدار تسعة شهور من السنة، 1300 ملم في شمالي الجولان و1600 ملم في جبل الشيخ سنوياً، ويتأثر مناخ الجولان بالبحر المتوسط وبادية الشام حسب المسافة ومستوي الارتفاع عن سطح البحر.
وتعد المنطقة ذات خصوصية جيولوجية وظواهر طبيعية تشكلت نتيجة البراكين ومنها شلالات كانت مورد الدب السوري المنقرض منذ مائة سنة، وفيها أنواع من حيوانات برية مهددة بالإنقراض، وكثير من الزواحف وأفعي جبل الشيخ شديدة السمية والخطورة، ومن الطيور النسر والصقور والباز والسنونو وأنواع عديدة غيرها، وكذلك ما يزيد علي ألف نوع من النباتات والأشجار، وأزهار شقائق النعمان والسوسن النادرة،مما يؤهل إعلان المكان محمية طبيعية عالمية بعد استرداد سورية لها، وهي نفس المنطقة التي تنازلت بريطانيا عنها لفرنسا وضمتها الثانية لسورية عند استقلالها منذ سبعين سنة مضت.