«المجتمع المدني».. شريك للدولة في النهوض بالإنسان

«المجتمع المدنى».. شريك للدولة فى النهوض بالإنسان
«المجتمع المدنى».. شريك للدولة فى النهوض بالإنسان

تلعب منظمات المجتمع المدنى دوراً مهماً فى خدمة المجتمع وتحسين الأحوال المعيشية لغير القادرين، وفى الفترة الأخيرة اتسع دورها لتصبح شريكاً فاعلاً للدولة فى النهوض بالإنسان فى العديد من القطاعات وتحقيق الأهداف التنموية مع كل من أجهزة الدولة والقطاع الخاص، ومشاركة فى البرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى وبرنامج عمل الحكومة المصرية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.


وقالت الدكتورة ميرفت عبدالعظيم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الظهير الشعبى للتنمية والتنوير بالفيوم، إن المجتمع المدنى شريك أساسى فى التنمية مع بقية أجهزة الدولة وبقية الجهات المعنية، ليس فى التنفيذ فحسب بل فى الرصد والمتابعة وكشريك هام فى التمويل ومصادره، وعلى مدى عقود طويلة استقر الدور الملموس للمجتمع المدنى سواء كأفراد أو مؤسسات.


وتوضح: على سبيل المثال فى مبادرة "حياة كريمة" تقوم تلك المؤسسات ممثلة فى جمعيات أو منظمات بإعداد دراسات عن الفئات المستحقة ونوعية الخدمات المطلوبة لتنمية تلك المجتمعات، كما تسهم عن طريق التعاون مع وزارة التضامن فى تمويل بعض أوجه التنمية مثل تطوير السكن أو توفير معونات سلعية للمناطق الأكثر احتياجاً، كما تمول مشروعات متناهية الصغر لخدمة المرأة والشباب كداعم أساسى لتحسين الأحوال المعيشية.


وأضاف: انطلاقا من التوجه الرئاسى لتشجيع دور المجتمع المدني، تم إدراج تلك المؤسسات كشريك أساسى لا غنى عنه، ومن خلال تجربتى فى منظمات المجتمع المدنى أرى جانباً لا يمكن إغفاله، وهو الدور الثقافى والتوعوى للمحافظة على تلك المكتسبات، إذ لا يمكن تحقيق نمو حقيقى دون تنمية سلوكية وثقافية تطور وتحافظ على النمو الإنشائى والاقتصادي.


من جانبه، يقول يحيى أبوالنور، رئيس مجلس إدارة جمعية "أصدقاء البيئة والمجتمع": إن منظمات المجتمع المدنى قامت بدور إنسانى كبير فى دعم وتحسين الأحوال المعيشية للفئات التى بحاجة لدعم فى هذا المجال، فى كافة الخدمات وتقديم كافة أنواع الدعم بداية من المساعدات المالية المتنوعة وفقا لاحتياجات تلك الفئات، بالإضافة لسداد ديون الغارمين والمشاركة فى "ستر البنات" بمساعدتهم لتيسير الزواج، وكذلك تقديم المساعدات الغذائية متمثلة فى الحقائب والكراتين الخاصة بالأغذية وكذلك توفير الملابس الجديدة والبطاطين فى الشتاء.


لكن فى الفترة الأخيرة امتد عمل الجمعيات الأهلية إلى أسقف البيوت لستر الفقراء والمحتاجين بل وتوصيل المياه للمنازل المحرومة وحفر الآبار فى حال إذا كانت شبكة المياه بعيدة عن المنطقة، ثم امتدت يد الرعاية الصحية لتشمل توفير الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، وكذلك إجراء العمليات الجراحية مجاناً مثل القلب المفتوح وتغيير الشرايين وتركيب الدعامات، وتوفير الأطراف الاصطناعية والكراسى المتحركة والكراسى الكهربائية لذوى الاحتياجات الخاصة، وكذلك تركيب سماعات الأذن والقوقعة وإجراء عمليات العيون مجاناً.


وتوضح: لقد قفز دور الجمعيات لينتقل بعد ذلك إلى دعم مؤسسات الدولة، خاصة المستشفيات فقامت جمعيات بتوفير ماكينات غسيل كلوى لوحدات الغسيل الكلوى وأسرّة للعناية المركزة، بل وصل الأمر إلى توفير أجهزة أشعة وكافة احتياجات المستشفيات، ومنذ بداية أزمة كورونا كان دور الجمعيات الأهلية واضحاً، فقد تحملت الصدمة بعد أن فقد الملايين من العمالة الموسمية مصدر رزقهم، فكفلتهم الجمعيات بتقديم المساعدات والمطهرات والكمامات، بل قامت جمعيات بتطهير شوارع القرى والمدن وتكفلت جمعيات بعلاج الفقراء ممن أصيبوا بالفيروس ومتابعتهم صحياً وإرسال مندوب عنها لتطهير وتعقيم المنزل وأخذ النفايات بعيدا وإرسالها للمحرقة.


ووصل دور منظمات المجتمع المدنى للمدارس لجعل المدرسة جاذبة للطالب، وذلك بتوفير المراوح الكهربائية لبعض المدارس أو سبورات بيضاء للشرح عليها أو أجهزة كمبيوتر وطابعات، ثم ماكينات تصوير لطباعة الامتحانات والحفاظ على سريتها ثم الحفاظ على البيئة بتوفير الأشجار المثمرة مثل الزيتون، للمدارس والمؤسسات المختلفة للمساهمة فى توفير الغذاء وتخفيف درجة حرارة الطقس وتقليل غاز ثانى أكسيد الكربون وزيادة الأكسجين فى الهواء.


تتابع: المنظمات المدنية بمثابة شريك للدولة فى "الطبطبة" على الفقراء والمحتاجين وغير القادرين، والشريك الفعال فى تحقيق الأهداف التنموية مع كل من القطاع الحكومى والقطاع الخاص، حيث يرتكز البرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى وبرنامج عمل الحكومة المصرية (2018-2022) على مبدأ التشاركية الذى يقوم على تشجيع وترسيخ الشراكة الفاعلة بين الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى لضمان مشاركة كافة الأطراف فى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، فالتنمية المجتمعية الإنسانية المعنية بالإنسان وتلبية متطلباته واحتياجاته لا تتوفر له من خلال الحكومات فقط ولكن من خلال مبادرات العمل المدنى والتطوعى الذى يقوم به المواطنون سواء كانوا أعضاء فى تلك المنظمات أم لا.

فيما تقول رحاب عبدالله، مدير جمعية "خطوة للأمام للتنمية": إن منظمات المجتمع المدنى تعتبر ضلعاً أساسياً وشريكاً للمجتمع فى تحقيق التنمية، فالدولة تقوم على عدة محاور على رأسها الحكومة للإدارة والحكم، والمؤسسات الخاصة للتنمية الاقتصادية، ثم يأتى شريك آخر أساسى وهو بوابة لخدمة المجتمع ويتمثل فى الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والتى أخذت منحنى متطوراً على مر السنوات، حيث كان مفهوم مساعدة الآخرين موجوداً بحكم تعاليمنا الدينية التى تحث على مساعدة الآخرين والمحتاجين إلى أن تطورت وأصبحت أكثر مدنية ويحكمها قوانين فى قالب اجتماعى من خلال كيانات منظمة مشهرة  لها دور ونظام وسياسات مالية لأن مواردها لابد أن تخضع للرقابة لأنها منظمات غير هادفة للربح.
وتؤكد أن هدف هذه المنظمات هو إكمال دور الدولة، فهم دائما الأقرب للناس والمجتمع، لأنها تخدم فى جميع المجالات كالتعليم والصحة والتربية، وقد تم بناء الكثير من المستشفيات والمدارس والمؤسسات بطاقة المجتمع المدنى لخدمة فئات كثيرة من الناس، ولا أحد يغفل على سبيل المثال مستشفى ٥٧٣٥٧ فهى فى الأصل عمل أهلى تحول إلى صرح كبير لعلاج الأطفال مرضى السرطان بالمجان. 
تتابع: أساس المجتمع المدنى قائم على التطوع، فكثير من الشباب يريدون ولو التطوع بجزء من وقتهم للمساعدة فى قضية هم مؤمنون بها تحت مظلة كيان خاضع للرقابة والتنظيم، ومهام منظمات المجتمع المدنى العديدة ساعدت على تكاتف العديد من الشباب والمواطنين عموماً يدا بيد لتحقيق أهداف المنظمات والتنمية، وأصبح هناك شغف عند الكثيرين لدراسة العمل التطوعي، وفكرته، وأهدافه وآثاره على المجتمع.
وتشير إلى أن جمعية "خطوة للأمام" واحدة من الجمعيات التى تهتم بعقد تدريبات للشباب فى مجال التطوع وإدارة الوقت، وتطوير المهارات، وكتابة المشروعات، لافتة إلى أنه يعتبر ضمن تطور دور منظمات المجتمع المدنى التى أصبحت تهدف إلى تطوير ذات الإنسان حتى يصبح قادراً على مساعدة نفسه وتطوير فكره وبناء شخصيته، فأصبح هناك اتجاه للتأهيل لسوق العمل وتوفير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فالفكر التنموى يقوم على مبدأ تحقيق الاكتفاء للأسر، والقضاء على الحاجة والبطالة والجوع، وذلك لن يتحقق بالمساعدات المادية بل بتقديم المساعدات فى صور تنموية.
من جانبه، يوضح عاطف الشبراوي، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعى للتمكين الاقتصادى والمشرف على برنامج "فرصة": إن دور منظمات المجتمع المدنى خرج من مجرد تقديم المساعدات المادية إلى من يحتاجون إلى تحفيزهم على العمل والإنتاج والبعد عن الاتكالية، ووصل الأمر مثلاً فى برنامج "فرصة" إلى ترشيح فرد من الأسرة التى قدم لها الدعم للحصول على الدورة التدريبية على أن يتم توظيفهم فى النهاية أو يتم إعطاؤهم أدوات للإنتاج حسب اختيار كل فرد.