«أمازون» تتحدى «ديزني» و«سندريلا» تدفع الثمن

كاميلا كابيللو ونيكولاس جاليتزينى بورتر فى «سندريلا» أمازون
كاميلا كابيللو ونيكولاس جاليتزينى بورتر فى «سندريلا» أمازون

الأسبوع الماضى فاجأت «أمازون» الجميع بـ«سندريلا» وقد تبدلت تماما، فكما بدل عملاق التجارة الإليكترونية آليات السوق ونسف أساليب تجارية وواقعًا مستقرًا منذ عقود طويلة، يبدل الآن حكايات وحواديت الطفولة، متحديًا كل الذكريات، وإن كان الهدف ليس الذكريات بالطبع، فأمازون لا تعرف تلك المفاهيم الرومانسية، ولكن هدفها هو الاستحواذ فى كل مجال تدخله بمغازلة مستهلكيه ثم السيطرة عليهم وعلى السوق تمامًا.

فى مباراة حامية للاستحواذ على المشتركين بين اللاعبين الكبار نتفليكس وديزنى دخلت أمازون بكل ثقلها..

ولأنها لم تكن منتجًا للأفلام فكان لابد من شراء حقوق استغلال إنتاج الغير، أبرمت صفقات للفوز بأفلام مهمة، وصفقات أضخم فاشترت شركة مترو جولدن ماير بـ ٨,٤٥ مليار دولار بكل ثروتها الفنية التى بالتأكيد ستمنح أمازون قوة كبيرة فى مواجهة اللاعبين الكبيرين أمامها، وحتى تستقطب أعداء ديزنى والمنظمات النسوية اشترت حق استغلال فيلم «سندريلا» الذى أعادت إنتاجه «سونى» - أقرب الشركات لأمازون الآن - بشكل يخالف تماما حدوتة ديزنى الكلاسيكية التى عرضت عام ١٩٥٠ وأعادت إنتاجها فى ١٩٩٧ بفيلم لروبرت ايسكوف بطولة براندى نوروود.

وهى نسخة سمراء من سندريلا وهو كل الاختلاف، ثم تعيدها بنسخة بيضاء بفيلم لكينيث براناه من بطولة ليلى چيمس، ورغم أن الحدوتة تسبق ديزنى بكثير جدا ويقال إنها تعود للصين، إلا أن ديزنى قدمتها بشكل رسخ فى أذهان ووجدان أجيال، حتى ارتبطت سندريلا بديزنى وأصبح لها بيت فى «ديزنى لاند» أينما شُيدت، تستقبل الأطفال بفستانها الأزرق وشعرها الذهبى الطويل وحذائها الكريستالى الشهير.


لكن كانت سندريلا أكثر أميرات ديزنى اللاتى تسببن فى صب لعنات المنظمات النسوية عليها، فهى خانعة لا تثور لكرامتها أمام إهانات زوجة أبيها وابنتيها التافهتين، خدمتهن عملها الوحيد فى الحياة، تنتظر الخلاص بالزواج وليس بالعمل، كباقى النساء بالحدوتة، وهو ما هوجمت ديزنى بسببه كثيرا، واعتبر المدافعون عن حقوق المرأة سندريلا وغيرها من أميرات ديزنى صناعة ذكوريّة بامتياز كرست لواقع وثقافة مرفوضة الآن تماما، وحاولت ديزنى تغيير سياستها وفكرها فى أفلامها الحديثة، لكن تبقى الكلاسيكيات كما هى طبعا، ويبقى غضب النساء ! 


ومن هنا كانت الطبعة الجديدة من « سندريلا» شخصية قوية متحدية تكافح لتغيير الواقع وتحلم بمستقبل أفضل، تتجاوز أحزانها لمعاملة زوجة الأب القاسية التى لم تزدها إلا إصرارا لتصبح مصممة أزياء وسيدة أعمال فى مجتمع ذكورى لا يعترف بدور للمرأة، سندريلا هنا ملونة بشعر أسود لا تهتم بتصفيفه ولا تجلس أمام المرآة أبدا لتتزين، تصر على حضور حفل الأمير لا لتفوز بقلبه وتتزوجه، ولكن لتبحث عن فرصة لتسويق موهبتها فى تصميم الأزياء، وهو ما يحدث.. يقع الأمير فى غرامها من النظرة الأولى لكنها ترفض زواجها منه، فلديها حلم وإصرار لتفوز بالمستقبل، وأمام شخصيتها القوية وإصرارها، يمضى الأمير معها داعما، متنازلا عن العرش الذى تفوز به أخته الأميرة الذكية راجحة العقل، الفيلم ينصف المرأة ويوجه رسالة مهمة، العمل الجاد والحلم بمستقبل، أفضل من الفوز برجل وزوج حتى لو كان الأمير.


 الفيلم تأليف وإخراج كاى كانون، طبيعى أن تكون النسخة النسوية من «سندريلا» بتوقيع مخرجة، وقد حاولت تقديم عمل استعراضى مستغلة إمكانات وحضور نجمة البوب كاميلا كابيللو، والتى اجتهدت لتضيف لسندريلا من روحها، لكن لم تجتهد المخرجة فى استغلال صوت كابيللو بأغنيات جديدة خاصة بها، واختارت الطريق الأسهل فقدمت أغنيات قديمة ورغم أنها أعادت إنتاجها أيضا بتصميم رائع للاستعراضات إلا أنها كانت خطأ قاتلا وفاصلا، تضافر مع الكوميديا التى لا تناسب الحدوتة فكسر حالة التوحد مع سندريلا، ولم تكتف المخرجة بصدمتنا بتغيير كل تفاصيل الشخصية، الملامح، الألوان، الأزياء، والأداء، فاختارت الممثل الأسود بيلى بورتر ليلعب دور الساحرة الطيبة التى أنقذت سندريلا لتغازل مجتمع الميم لتكتمل الصورة!


تصورت أمازون أنها وجهت ضربة قاضية لديزنى حينما غازلت منظمات حقوق المرأة، وللإجادة حاولت إرضاء مجتمع الميم، فارتدت الضربة لصدرها وفقد الفيلم هدفه ورسالته وفقدت الحدوتة سحرها القديم، وفشلت فشلا ذريعا لتبقى سندريلا ديزنى حاضرة فى الوجدان !