القناطر الخيرية| التفاصيل الكاملة لمقتل شاب على يد عصابة الطريق الدائري

المجني عليه
المجني عليه

كتب: حبيبة جمال

كون أربعة أشخاص تشكيلاً من أجل السرقة، قتلوا شابًا رميًا بالرصاص لسرقته.. هؤلاء الأشخاص الذين اختاروا الحل الأسهل، تصوروا بأن السرقة ستجعلهم يحلون كل مشاكلهم، لكن ماذا وجدوا مع هذا الشاب؟!؛ هاتف محمول وجنيهات قليلة من المال، بمنتهى السهولة أهدروا حياة إنسان لينقوا ما سرقوه على ملذاتهم لكن ما خطط مجرم لجريمته ونفذها ظنا منه أنه لن يكشفه أحد إلا وسقط سقوطا مدويًا، هؤلاء ارتكبوا جريمتهم دون التفكير في أسرة الضحية، قتلوه وألقوا بجثته وسط الطريق، لم يعرف الجناة بأنهم قتلوا أسرة بأكملها، فهذا الشاب كان العائل الوحيد لهم، ليس ذلك فقط بل يتموا طفليه التوءم قبل أن يأتيا للدنيا، وكأن الزمن يعيد قصة الشاب مرة أخرى فهو عاش يتيمًا وطفليه سيعيشان نفس الظروف.. تفاصيل تلك القصة التي تحمل بين طياتها أحداثا تدمي القلوب نسردها الأن في السطور التالية.

 

الحكاية بدأت هنا في  منطقة ميت حلفا، التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية، حيث نشأ محمد عماد، ذلك الشاب الذي يبلغ من العمر ٢٢ عامًا، هو أكبر أشقائه والعائل الوحيد لهم، مات والده منذ أن كان صغيرًا، فقرر محمد أن يكون هو الأب لأشقائه الصغار، بدأ قصة كفاحه من الصغر، وأثبت نفسه، فنال احترام وحب الجميع له، فعمل في جمع مخلفات المخابز، كان الشاب يسعى كل صباح بحثا عن لقمة العيش بالحلال ويعود في المساء ومعه بضع جنيهات يعطيها لأمه، كان راضيًا عن حياته ولم يسخط منها أبدًا، عندما كبر محمد، أراد الزواج مثله مثل أي شاب في سنه، حتى ألتقى بفتاة أحبها وأحبته، ليست غريبة عنه هي ابنة عمته وتعلم ظروفه جيدًا، تقدم لها ووافقت أسرتها عليه، سعى جاهدا أن يجهز عش الزوجية، منتظرا ذلك اليوم الذي سيجمعه بمن اختارها قلبه، حتى جاء اليوم الموعود وتزوج الاثنان، وعاشا حياة مليئة بالسعادة والرضا، سرعان ما زف لهما الطبيب خبرًا سعيدًا؛ أن زوجته تحمل بين أحشائها جنينين، سيطرت السعادة على محمد، فقرر أن يشتري عربة تروسيكل ليساعده في المصاريف ويستطيع أن ينفق منه على أسرته، فاشتراه بالتقسيط، ظل محمد يعد الأيام والليالي التي سيرى فيها طفليه، لكن لم تكتمل فرحته حينما ترصده الجناة وحرموه من رؤية طفليه.


جثة على الدائري

استيقظ محمد كعادته فجرًا، تناول إفطاره وسط أسرته، وضع قبلة على جبين جدته، احتضن أشقائه الصغار، وكأنه يودعهم، ثم خرج بحثا عن لقمة العيش بصحبة صديقه، لكن تعطلت عربته فجأة، تحديدا في نزلة باسوس، أعلى الطريق الدائري، فذهب صديق محمد لإحدى محطات البنزين بالقرب منهم، لكن كانت الصدمة والدهشة عندما عاد فوجد صديق عمره وجاره ملقى على الأرض مصابًا بطلق ناري في الرأس، لا يعرف الشاب ماذا حدث مع صديقه، ومن قتله، فالجريمة لم تستغرق سوى دقائق معدودة، بدأ الشاب بالصراخ مستنجدًا بالأهالي، الذين أسرعوا إليه لمعرفة ماذا يحدث.. الكل يتساءل أي ذنب هذا الذي فعله الشاب ليقتل بهذه الطريقة البشعة غدرًا. 

بلاغ

لم يكن أمام الأهالي حل سوى إبلاغ مركز الشرطة، فتلقي مركز شرطة القناطر الخيرية بلاغا من الأهالي؛ يفيد العثور على جثة شاب مصاب بطلق ناري، على الفور انتقل رجال المباحث لمحل الواقعة، بالفحص تبين سرقة الهاتف المحمول ومبلغ من المال كان بحوزة هذا الشاب، تم نقل الجثة للمشرحة، وتشكل فريق بحث لكشف لغز الجريمة وتمكنوا من إلقاء القبض علي تلك العصابة وتم حبسهم علي ذمة القضية.

أسرة الضحية

رسم الحزن خيوطه داخل منزل محمد، زوجته بعدما سمعت الخبر وهي في حالة يرثى لها، طريحة الفراش خاصة وأنها في الأشهر الأخيرة من الحمل، البكاء كان سيد الموقف، هنا في هذا البيت البسيط جلست جدة محمد، وبجوارها أشقائه الثلاثة، تسرد كيف علمت بالجريمة، فقالت: "محمد كان العائل الوحيد لنا، تربى يتيما منذ أن كان عمره تسع سنوات، كافح وجاهد لكي ينفق علينا بالحلال، من سيربي أشقائه هؤلاء، ومن سيربي طفليه اللذين لم يأتيا للدنيا بعد، المتهمون لم يقتلوه وحده، لكن قتلونا جميعا معه.


صمتت قليلا تحاول أن تتمالك أعصابها وتتذكر آخر مشهد كان بينها وبين محمد فاستكملت قائلة: "قبل الجريمة بيوم أصر محمد أن ينام وسط أشقائه، وكأنه يشعر بما سيحدث له، أراد أن يودعهم، حتى استيقظ فجرا كعادته، خرج ومعه التروسيكل الذي اشتراه منذ فترة ومازال عليه أقساط، وبعد ساعات من خروجه، وجدت الجيران يقولون أنه عمل حادث به، ونظرا لأني قعيدة لم أستطع الخروج من المنزل، حتى وجدت جارتنا تعزيني وتتساءل من الذي قتله بالرصاص ولماذا؟!، كلماتها كانت كالسهام التي اخترقت جسدي ومزقت قلبي، هنا أدركت أنه مات ولن أراه مرة أخرى، حسبي الله ونعم الوكيل فمن قتله، لا أريد سوى القصاص العادل".


لم تكن أسرة محمد فقط هي الحزينة عليه، بل منطقة ميت حلفا بأكملها حزينة على هذا الشاب، ودعه الجميع في مشهد جنائزي مهيب حضره الكبير والصغير، عندما يذكر اسم محمد عماد، يتذكر الناس مواقفه معهم، لم يكن له أي عدوات مع أحد، كان خدومًا ولم يبخل على أحد رغم عيشته البسيطة، لقبه الأهالي بـ "شهيد لقمة العيش"، الكل لا يتمنى الآن سوى القصاص العادل منهم.