فى رثاء ياسين

شهابٌ وَمَض.. ومضى

الصحفي الراحل ياسين محمد سعد
الصحفي الراحل ياسين محمد سعد

حبيبى الغالى يعز عليّ رثاؤك.. ياسين لم يكن جميلاً فحسب، لكنه أوتى الجمال كله، سمعنا كثيراً عن أناس استأثروا بالأخلاق أو الكرم أو الرجولة.. أما ياسين فقد استأثرت به كل الصفات الحميدة والطباع الكريمة، حاز مجامع الحُسن خُلقاً وخلقة، كان ياسين عصياً على التلوث.. صفحة بيضاء ناصعة تنزهت عن خدوش السواد، وترفعت عن ندوب العطب التى يورثها الصراع على الدنيا ومغانمها الفانية، كان نسمة أبت الانسياق وراء ريح المصالح، ورفضت أن تنجر فى أذيال أعاصير التلون.. لم نره يوماً يلهث على مكسب أو مغنم أو منصب، اللهم لا اعتراض على فقد أعز وأنقى من كانوا بيننا، كان شهاباً له ألقه كألف نجمة.. أو كشمس صغيرة موازية تواضعت وهبطت من فَلَكها لتهبنا النور، شهابٌ ومض بيننا ومضى سريعاً، فضل الأفول والصعود إلى الفردوس حيث مستقره ومنشاه الذى منه جاء.. إلا أنه خلف بيننا من النور ما نبصر به حقيقة الدنيا، لندرك ونتيقين أنه للبشر سليل وبالملائكة شبيه.. وأن أمثاله - وقليلٌ ما هم - لا تسوغ لهم الدنيا ولا يستحسنون سكنها.. ياسين كل من رآك يدعو لمن ربياك؛ هنيئاً لهما فهما منشأ هذه النفس الزاكية، ومنبت ذلك الكيان البشرى الرائع.. ملخص القصة أنك كنت معدناً نفيساً وسبيكة وضيئة وسط عالمٍ صدئ، ياسين كان دائم الابتسامة لا يرفض لشخص طلباً، أحب الله لقاء ياسين فلبى نداء ربه، وأنى له أن يرفض قدر الخالق، وهو الذى يعز عليه أن يرفض طلباً لمخلوق.. كان صادقاً صدوقاً صديقاً للجميع، ياسين كان خفيفاً لا تشعر به، حتى فى رحيله.. ياسين كان وكان، وكان.. ولازال وسيظل أعظم من أن تصفه الكلمات.