خارج النص

سرقة «صلاح الدين» !!

د.أسامة السعيد
د.أسامة السعيد

لم أندهش عندما قرأت تقريرا حول اعتزام شركة تركية بالتعاون مع شركة باكستانية إنتاج مسلسل من ثلاثة أجزاء حول سيرة الناصر صلاح الدين، فسرقة التاريخ ليست بجديدة على من يتفاخرون بأنهم امتداد لإمبراطورية عاشت بالسطو على مقدرات كل شعوب المنطقة، ومارست أضخم عملية سرقة منظمة لتاريخ العرب والمسلمين.. وأقصد هنا تركيا الأردوغانية.

الفصل الجديد من تلك السرقات يكشف استمرار العقلية الأردوغانية الانتهازية، فصلاح الدين ولد وعاش بكردستان العراق، وأسس دولته الأيوبية بمصر، ومنها انطلقت جيوشه لتوحيد الممالك العربية.

وعندما أراد تحرير بيت المقدس من الصليبيين خرج بجيوشه من مصر والشام، ولم تذكر كتب التاريخ أن له علاقة بالأتراك، اللهم إلا أنهم كانوا عبيدا وإماء في ظل الدولة الأيوبية التي توسعت في شراء المماليك من أصول تركية، قبل أن يطيح أولئك المماليك بالدولة الأيوبية نفسها.

وبعد تحريره بيت المقدس عاد صلاح الدين إلى مصر قبل أن يتوفى ويدفن في دمشق عام 1193م، أي قبل 106 سنة من تأسيس الدولة العثمانية عام 1299م ، ولا يزال قبره موجودا بحرم المسجد الأموي بالمدينة التي لا يتوقف الأتراك عن التآمر عليها وتخريبها، ومحاولة إسقاطها ليحكمها تنظيمهم «العميل» .. الإخوان!!

لا يمت - إذا- الناصر صلاح الدين من قريب أو من بعيد بالدولة العثمانية أو تركيا، لكن تلك عادة العثمانيين القدامى والجدد في السطو على كل ما يمت لأمجاد العرب والمسلمين بصلة، فهم محترفو سرقة وتزييف التاريخ، ولن استغرب عندما تمتلئ تمثيليتهم الجديدة - ككل مسلسلاتهم وسياساتهم - بالحواديت الملفقة، لينزعوا صلاح الدين من أصوله العربية، ويختلقوا له تاريخا «عثمانيا» زائفا.

ورغم أن مصر أنتجت عام 1963 واحدا من أعظم الأفلام السينمائية عن سيرة صلاح الدين، وأخرجه يوسف شاهين، وكذلك أنتجت سوريا عام 2001 مسلسلا عن سيرته البطولية، إلا أن لصوص التاريخ من «العثمانلية» لا يريدون عملا فنيا، بل يسعون لممارسة هوايتهم في التلاعب بالمشاعر الدينية والتاريخية وتضليل العقول ببث دعاياتهم الكاذبة التي لا تكتفي بإفساد الحاضر، لكنها تمتد أيضا لتشويه الماضي.