عادل عصمت: الاهتمام بأعمالى تأخر لكنه حدث فى وقته!

عادل عصمت
عادل عصمت

حوار: أسامة فاروق

وجدت عادل عصمت تماما كما تخيلته؛ وقور، وهادئ، ومتزن. صوته خافت، وإجاباته قصيرة، فيها من التأمل أكثر ما فيها من الحسم، مدهشة أيضا فى صياغتها التى تفتح الباب أمام إعادة التفكير فى العادى وما نحسبه من المسلمات، يكره التكالب والزحام، يسعى دائما للصمت والعزلة، روحه قلقة لا تستطيع التآلف مع طبيعة القاهرة، يكاد يكون تجسيدا عمليا للأفكار الصوفية التى تتردد كثيرا على لسان أبطال أعماله، هؤلاء الذين أدركوا مبكرا أن الإنسان «مجرد حبة رمل، مخلوق بسيط زائل، عليه أن يعبر الأرض كما يعبر ظل السحاب» وأن الحياة الحقيقية تبدأ حين يدرك الإنسان وضعه ككائن صغير فى الكون الفسيح، وأن يتقبل مجريات حياته برضا لأن «كل شىء مؤقت، فى حالة تغير دائم، والحياة لهاث خلف أمور يمكن فى لحظة أن تزول» متسامح حتى مع ما يؤلمه بإيمان عميق بأن «الألم ملح العيش»، وبأنه «لا خلاص بلا مشقة» وأيضا لأنه «لا يمكن، فصل الجوانب الطيبة عن الجوانب السيئة فى نفس العمل، إنه كتلة واحدة مثل الحياة»! شعوره بالرضا مذهل واكتفاؤه بما تحت يديه فقط يثير الحيرة. 


لم أخف حيرتى كثيرا وسألته فقال إنه لا يملك إجابة حاسمة وإن كانت هذه الأفكار تمثله تقريبا «فكثيرا ما اندهشت من نفسى، لماذا لم أكن طموحا من الناحية الاجتماعية، لماذا لم أرغب فى حيازة الأشياء؟ فى الحقيقة لا أعرف، يبدو أننى ورثت عن أبى قناعته واكتفاءه بالمتع الصغيرة، ثم إننى فعلا أشعر بوطأة تلك التطلعات على روحى ولا أتمكن من تحملها، وأشعر أن المشى أفضل من ركوب السيارة، وأن الجلوس فى مقهى شعبى فى صمت قد يكون مشبعا أكثر من لقاءات فيها من التظاهر والادعاء ما لا أتحمله». لكن أمثاله يستحقون أن نسعى إليهم ونلح على وجودهم وتقديرهم بما يليق بهم وبما يستحقون.


مؤخرا صدرت «حكاية السيدة البيضاء» أحدث رواياته، ومع كل عمل جديد له يستعيد ذهنى تلقائيا تلك الحكاية التى جاءت فى كتابه «ناس وأماكن» حكاية الطفل الذى يمسك بالرماد المتبقى من جسد رتينة الكلوب المحترقة ويتساءل ببراءة: كيف كان هذا الرماد شيئا مضيئا؟ الحكاية التى يرويها ببراعة يستعيدها ذهنى ويرد سؤالها على صاحبها: كيف يستطيع تحويل عالم القرية القاتم المخنوق إلى ذلك العالم الفسيح الملىء بالسحر والحكايات، وأن يجعل من ذلك الرماد نورا ذاهيا ومضيئا؟! الإجابة ربما تكون فى الكتاب نفسه، فـ «ناس وأماكن» ليس مجرد كتاب عن تحولات القرية وعلاقة أهلها بالمدينة، بل دراسة اجتماعية بالغة العمق أساسها الفن ومحورها عالم قديم يتداعى، يرصد عادل عصمت من خلالها ألعاب الزمن، ونصيحتى - إن كان لى أن أنصح - هى قراءته قبل قراءة أعمال عادل فوقتها ستتضاعف المتعة وتتعمق الفكرة وتتكشف قليل من الأسرار، فهو أشبه بالمادة الخام التى يشكل منها أعماله، كما أنه درس عملى فى الكتابة أيضا، عن استخلاص الفن من اليومى والعادى والعابر.


يستعيد عادل عصمت من ذاكرته الروابط التى تحللت والأماكن التى تبدلت والزمن الذى يدير عملية التحول برمتها، يرصد كيف تم تخليق نمط جديد للأسرة فى القرية على نمط المدن. فتفكك العائلة كما يرصده «لم يتجسد فى مجرد الانتقال إلى دار جديدة، أو القيام بعمل خاص، بل فى تخلخل مجموعة من المفاهيم كالأبوة والعائلة وبالتالى فى تغير محتوى المشاعر، وتحول ولاء الفرد إلى ذاته فى الأساس بعد أن كان ولاؤه القديم للعائلة، وفى خضم هذه الحركة التى كانت تفتت شكل التجمع القديم تم اقتلاع بشر من مكانهم الوحيد الملائم لهم». تلك الهزات الكبرى هى محور كل أعمال عادل عصمت وهؤلاء الذين فقدوا عالمهم القديم هم أبطاله، يكتب عن الناس العادية، ليس طمعا فى أسطرتهم، بل ربما ليثبت أن العادى بطل أيضا.. بطل لقصته الخاصة، وأننا جميعا أبطال فى النهاية، فى حياة تجهدنا فى فك طلاسمها وألغازها، لكن كيف تتحول التفاصيل البسيطة، الحياة العادية، إلى أعجوبة تلك هى معجزة عادل عصمت.


لكنها ليست وليدة الصدفة بل تشكلت بدأب وعلى مهل، بدأت عندما كان فى المدرسة الثانوية. فى فترة المراهقة، عندما تبدأ إنزيمات الجسد وشهوة الحياة فى خلق توتر فى الأفكار والمشاعر، وقتها يبدأ الكثير من الشباب فى كتابة الخواطر والأشعار والمذكرات، لكن الأمر أخذ صيغة جدية عندما قرأ ذات يوم عددا من «مطبوعات كتابى» فيه تلخيص لمسرحية فاوست لجوته. يقول: شعرت بنفسى مدفوعا لنسخ مسرحية على غرارها. كنت منبهرا بحضور الشيطان فى فناء مدرسة طنطا الثانوية للبنين. وبسبب إتمامى لهذا النص الساذج خطر لى أنه يمكن أن أكتب قصصا وروايات، لكن عندما التحقت بالجامعة وحاولت أن أكتب بجدية، كان الأمر أكثر صعوبة مما تخيلت وكان علىَّ أن أدرس أعمال الكتاب الكبار، وأبحث عن صوتى الخاص.
فى بداية التسعينيات من القرن الماضى، أخذ عادل عصمت الكتابة مأخذ الجد، لكنه لم ينشغل كثيرا بمسألة النشر، كان تركيزه كله منصبا على محاولة توطين عملية الكتابة فى حياته، وأن يخلق لها مكانة فى يومه، رغم الانشغالات الأسرية، ساعده فى تلك الفترة كتابان: رسائل ريلكه إلى شاعر ناشئ، وكتاب حديث شخصى لبدر الديب وبأثر من الكتابين فكر فى الكتابة بطريقة مختلفة؛ ليس المهم أن تكون أعمالا فنية بل تعلم كيف ينصت إلى الصوت الداخلى، وكيف يعبر عن الأفكار الباطنية ويتتبع أثر الحوادث والانطباعات، واستطاع فى تلك الفترة  إنهاء كتاب لكن لم يتمكن من تصنيفه. 
يحكى: ذات يوم جاء لزيارتى صديق يعيش فى الإمارات وسألنى أن أعطيه نصا ليقرأه، أعطيته ذلك النص الذى أصبح بعد ذلك رواية «هاجس موت»، بعد عدة أشهر اتصل بى قائلا إن النص يستحق النشر، وإنه سوف يوصله إلى دار شرقيات، بعد ذلك اتصل بى حسنى سليمان وطلب أن نلتقى، كان ذلك عام 1994، عملنا على تحرير النص، ونشر هذا الكتاب فى العام التالى على أنه رواية. 


يضحك ويقول ببساطة: كما ترى لم أتخذ القرار، جاءت المساعدة من صديقى ومن دار شرقيات، وتحقق لى ما كنت أرغب فيه. لم أكن أحب أن أطارد المحررين الثقافيين للصحف والمجلات من أجل نشر قصة، فقد كانت لهم سطوة كبيرة فى تلك الفترة، وحدثت المعادلة التى تمنيتها؛ فقد وجدت دار نشر تتبنى أعمالى، وكان علىَّ أن أواصل العمل، لكى أتعرف على ما أريد تحقيقه فى الكتابة.


وتيرة نشر الأعمال اختلفت الآن وأصبح لديه عمل كل عام أو عامين تقريبا، السبب فى نظره أنه تحرر قليلا من الأعباء والمسئوليات العائلية بعد أن كبر أولاده وتخرجوا من الكليات وشقوا طريقهم فى الحياة: «وجدت الوقت الذى كنت أتمناه لإنضاج أعمالى، ولم يعد لى عمل غير الكتابة. مثلا مجموعة مخاوف نهاية العمر، كانت جاهزة من فترة طويلة تنظر الوقت المناسب، وكذلك رواية صوت الغراب فقد أنهيتها فى عام 2013 ونشرت فى عام 2017، لأنى فضلت أن أنشر رواية حكايات يوسف تادرس قبلها».


هل «جنازة السيدة البيضاء» كانت جاهزة من قبل أيضا وتنتظر وقتها المناسب؟ ما حكايتها؟
فى عام 2012 حكت لى إحدى قريباتى عن أن زوجها ضرب ابنها الطالب فى السنة النهائية فى كلية الطب، ومنعه من الاشتراك فى المظاهرات، وحكت لى عن ذلك الصراع بين الاب والابن الذى بدأ مع أحداث 2011، كنت أعرف ظروف حياتها ومعاناتها فى تربية الأولاد مع زوج مستبد، كانت خائفة وحزينة بشكل لا يحتمل، وفى مثل تلك الأحوال لا أتمكن من التعايش مع تلك الحوادث إلا عبر الكتابة، علمت نفسى هذا منذ بداية التسعينيات. فى الأيام التالية للقائى بها كتبت صفحات كثيرة ناقلا ما حكته لى، تاركا عقلى يتداعى حول حياتها. فى تلك الظروف لا أفكر فى كتابة القصص، ولكن أعايشها، وأسجلها. 


فى ذلك الوقت كنت أكتب رواية صوت الغراب التى انتهيت منها فى مارس من عام 2013، وقبل أن أشرع فى كتابة حكاية يوسف تادرس فى نفس العام، صادفت المخطوطة التى سجلتها بعد حكاية قريبتى، وقلت إنها تصلح نوفيلا، لكنى لم أتوقف طويلا عندها، وانشغلت فى كتابة حكايات يوسف تادرس، ونسيت الأمر كليا، ثم عدت إليها مرة أخرى، قبل كتابة الوصايا، وأثناء التأمل فيها ظهرت شخصية منار، وبعد الانتهاء من الوصايا أعدت النظر فى تلك المخطوطة، كأن بها شىء غير مكتمل، وكأنها تستدعينى. 


بعد الانتهاء من رواية الوصايا كنت متحمسا، ومتحررا من الضغوط، واصلت العمل على تلك المخطوطة حتى ظهرت حكاية المقبرة، وهنا عرفت أننى عثرت على العمود الفقرى للنص، وأن رواية أخرى تقترب من التشكل، وانتهيت منها فى عام 2018. 


كما ترى إننى أترك عملى ينضج على مهل عبر السنين، ويتغذى من حوادث حياتى وانطباعاتى التى تتسلل إليه دون أقصد.
هل كان العنوان هو ذاته من البداية؟ أشعر أنه ربما كان هناك مسار آخر.. 
فعلا كلامك صحيح. فى البداية فكرت أن يكون العنوان «زوجة ضابط متقاعد» ثم عندما ظهرت منار، أسميت المخطوط «نعمة ومنار»، كمحاولة للنظر فيما اختلف بين جيل الثمانينيات وبين الجيل الحديث الذى كنت أراقب وعيه الذاتى وتحرره من الأوهام، وعندما تحدثت منار وباحت بأفكارها، أسميت المخطوط «حب مر» وعندما ظهرت قصة المقبرة، عرفت أن النص أخذ شكله وسمته وعنوانه: «جنازة السيدة البيضاء.»


 سبق جنازة السيدة البيضاء مجموعة من الأعمال صدرت فى فترات ملتهبة وربما مغرية للتعامل الروائى لكنك اخترت أن تظهر الثورة الآن.. لماذا؟ هل مرت الفترة الزمنية الكافية التى تتيح رؤية الموقف كاملا وتكوين وجهة نظر تصلح للتسجيل؟
الكتابة التسجيلية عن لحظة 2011 الفارقة، كتابة مهمة، وليتنا جميعا نسجل قصصنا الشخصية عن تلك الفترة، ولكن الأمر لا ينفع فى الروايات، على الأقل بالنسبة لى، خاصة أن تصورى عن الرواية أنها يجب أن تتحرى جانب أعمق من مجرد رصد الأحداث. فن الرواية يفرض على الروائى أن يتبصر بأثر الحدث على حياة البشر، وكيف يعمل على تغيير مصائرهم، وهنا فإن القيمة الدرامية لحوادث كبرى مثل لحظة 2011، تساوى -فى نظر الروائى - القيمة الدرامية لحوادث قصة حب، المهم هنا هو مقدرة الروائى على كشف أعماق الخبرة والإمساك بجوهرها، لذلك عندما كنت أكتب جنازة السيدة البيضاء، لم يكن فى ذهنى أن أكتب قصة عن الثورة بل استدعتها حوادث الرواية، وقد فرحت عندما كتبت تلك الصفحات لأننى شعرت بأن زاوية النظر التى رأت نعمة الأبيض منها الأحداث هى «ظهر» الثورة وليس أحداثها الفاعلة فى الميادين، وأظن أنها تجربة الملايين من البشر فى مصر الذين عاشوا الأحداث فى التليفزيون وفى صمت الشوارع وفى حيرتهم أمام تعبير «إسقاط النظام». 


تظهر قضية سد النهضة أيضا بشكل واضح خلال الرواية ويظهر النيل بأشكال متعددة.. هل تغيرت رؤيتك للتعامل الروائى مع القضايا الآنية، أم أن النيل قصة أخرى وقضية وجودية لا يمكن تجاهلها؟ 
من وجهة نظرى الحوادث الآنية ليست موضوعا روائيا، الحوادث الآنية مكانها التحقيقات الصحفية والروايات التسجيلية، ولكن موضوع الرواية بالنسبة لى هو القضايا القديمة، قضايا الحب والكره والحياة والموت والجشع والضياع والغربة، وغيرها مما يحير الإنسان أمام تعقيد حياته، وعبثيتها أحيانا. إن صادف انشغال الكاتب بواحد من تلك الموضوعات حوادث آنية أهلا وسهلا إن لم يصادف فهو يعمل على موضوعاته، ولا تنسى أن الحكايات منذ نشأتها الأولى تحكى عن حوادث قبل حكايتها، ودائما ما كانت تبدأ: كان يا مكان، فى سالف العصر والأوان.
بالنسبة لموضوع النيل كلامك صحيح ولكن -كما تعرف - إنها تداعيات منار التى تهتم بالقضايا العامة وتشعر بالنقمة على القوة الغامضة التى تتحكم فى حياتها، وتستهين بها كإنسانة، تشعر بهذا بكثافة عندما تأخر القطار، بدون أن يهتم أحد أن يكشف لها سبب التأخير، وأصبحت عالقة وكنتيجة لهذه التفصيلة العبثية فقد حرمت من أن ترى أمها قبل الرحيل.


مسألة الموضوعات الروائية تجرنا لقضية مهمة، فهناك جدل لا ينتهى حول القضايا الكبرى مقابل الحكاية الذاتية أو الشخصية. أعمالك تقول أنك تنحاز إلى الأخيرة، أو ربما تنحاز إلى تناول القضايا الكبرى عبر الحكاية الشخصية إن صح التعبير..كيف ترى المسألة وكيف ترى الرواية كحامل للتاريخ؟ 
نحن كائنات تعيش فى التاريخ، لا أقصد التاريخ المكتوب فى كتب الدراسة، بل الحوادث الاجتماعية والسياسية التى تنعكس فى حياتنا، التاريخ ينعكس فى حياة الأفراد، كل فرد تحمل حياته أصداء حركة التاريخ، من حاربوا ومن سافروا إلى البلاد العربية ومن هاجروا نهائيا، على سبيل المثال حرب الاستنزاف قد تكون محكية بطريقة ما فى كتب التاريخ، ولكن حقيقة هذه الحرب موجودة فى حياة الجدة فى رواية أيام النوافذ الزرقاء بطريقة ناصعة، رغم أن ابنها مجرد شهيد من شهداء هذه الحرب. هذا هو التاريخ الحى وليس سرد وقائعه فى كتب المؤرخين، أظن أن كلام الكاتب المكسيكى كارلوس فوانتيس صحيح عندما قال فى أحد حواراته إن الرواية تسجل ما يسقط من التاريخ (لا أعرف ما إذا كنت أتذكر عبارته بشكل صحيح، ولكن هذا هو المعنى) وإذا أردت رواية تحمل تاريخ مصر معكوسا فى حياة أفراد، فهناك رواية قشتمر لنجيب محفوظ، التى تجد فيها تاريخ مصر معكوسا فى حياة مجموعة من الأصدقاء، من سكان العباسية، من ثورة 1919 حتى نهاية السبعينيات من القرن العشرين.


يرى البعض أنك «صنيعة القراء» كيف تنظر للقارئ؟ متى تفكر فيه.. أثناء الكتابة أم بعدها؟ وكيف تطورت علاقتك معه خصوصا بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي؟
أثناء الكتابة أكون مشغولا بالعمل وتطوير الحوادث والتأمل فى الشخصيات ومحاولة إيجاد حلول للمشاكل الفنية، وعندما يجد العمل شكله وأشعر أنه قابل للقراءة، عندها أبدأ فى التفكير فى القارىء، ولا أعرف بالضبط أثر ما أكتب إلا عندما يقرأه شخص آخر. 
تطورت علاقتى بالقراء بعد رواية حكايات يوسف تادرس،  وبدأت أشعر بأثر الكتابة من خلال المتابعة والمراجعات والمقتطفات التى ينشرها بعض القراء، لقد كان هذا هو الأثر الذى تركته وسائل التواصل الاجتماعى على علاقة الكاتب بالقارئ، لقد أصبحت الآن علاقة مباشرة، ولم يعد هناك وسيط مثلما كان الأمر فى التسعينيات، لقد دخلت إلى القراءة والكتابة أجيال جديدة فككت تقريبا تلك الحلقات الضيقة  والعلاقات التى هيمنت على الحياة الثقافية فترة طويلة.


 بصراحة هل تشعر أن قراءتك تأخرت، وأنك ظلمت على مستوى التعامل النقدى؟ ألا تشعر حتى بالقليل من الغبن؟
بالفعل تأخر قليلا الاهتمام بأعمالى، لكنه حدث فى وقته، بعد أن وطنت الكتابة فى حياتى وانشغلت بمشروعى، يمكن أن أنظر إلى هذا التأخر على أنه أمر سيئ، إلا أنه من ناحية أخرى يحمل جانبا جيدا ونافعا، فقد اعتبرته اختبارا جادا لقوة رغبتى فى الكتابة، فأن تبقى ربع قرن تقريبا تكتب بعيدا عن التيار العام للحركة الثقافية، لا بد أن يحصنك هذا ضد الرغبة فى لفت الانتباه إلى أعمالك، لقد تعلمتَ أن تكتب وهناك من يقرأ لك، وهذا أهم شيء، وفى النهاية كتابة الناقد ليست موجهة إلى الكاتب، المفروض أنها موجهة إلى القاريء، تفسر له ما يقرأ وتساعده فى فهم أعمق للعمل الأدبي.  
أما من ناحية الإحساس بالظلم، حدث أحيانا فى الفترة التى كتبت فيها رواية الرجل العارى وحياة مستقرة، كنت أرى أن هذه الروايات تستحق الاهتمام، ولكن ذلك لم يمنعنى من العمل، لقد تعلمت أن أتحرر من النظرة الشخصية فى تفسير الأمر، فالتجاهل ليس موجها إلى شخصى، وإلى عملى، فليس هناك قصد وتعمد فى الأمر، هذا هو قانون الحركة الثقافية وهذه هى آلية عملها، لابد أن تكون موجودا بالجسد، فى محيط النظر، ويكون لك علاقات داخل الوسط الثقافى لكى يتم الانتباه إلى أعمالك ولم أرغب فى ذلك أو أحبه. 


عندما يتحرر المرء من النظرة الشخصية فإنه لا يشعر بالغبن، بل يرى الأمر فى حجمه الطبيعى والحقيقة أننى لم أعدم اهتماما من أساتذة كبار، مثل ادوار الخراط وصبرى حافظ وعلاء الديب وشرين أبوالنجا وتحية عبدالناصر، ولهذا لم يكن الأمر فادحا.


حصلت على جائزة الدولة التشجيعية لكن جائزة نجيب محفوظ كانت نقلة أخرى، فزت بجائزة ساويرس وترشحت للبوكر، كيف تقيس التأثير الذى حدث بعد كل جائزة؟ وكيف تنظر للجوائز بشكل عام؟
اندهشت من التقرير القصير لجائزة الدولة التشجيعية الذى ذكر فيه أعضاء اللجنة أن الكاتب يستحق الجائزة وأن له مشروعا روائيا خاصا، عرفت أن هناك من يعرف كتابتى دون أن أعرفه، أما الأثر التى تركته جائزة نجيب محفوظ فقد كان هو النقلة الحقيقية من حيث علاقتى بالقراء، فقد انتبه الكثير من القراء لكتابتى وبدأ بعضهم قراءة أعمالى السابقة، وبالنسبة للبوكر فقد عرفت بعض القراء فى أنحاء العالم العربى على كتابتى، وأصبح لى قراء فى تونس والمغرب والأردن وغيرها، وهو أمر لم أكن أحلم به.


فى حالتى كانت الجوائز محفز وعلامة على صحة قرارى فى الاستمرار فى الكتابة، لكن خشيتى منها كمنت فى سيطرة التفكير فى نيل الجوائز على الكتاب الشباب، وخوفى أن تعمل الجوائز على تنميط كتابتهم؛ فلكى يفوزوا بجائزة عليهم أن يكتبوا بطريقة معينة وفى موضوعات معينة وهذا مأزق قاتل بالنسبة للكتابة الإبداعية.


لمن تقرأ؟ ما الذى يعجبك؟
أعترف بأننى قارئ ردىء، أقرأ ببطء وأقرأ عددا محدودا من الكتب فى العام، وغالبا ما أعيد قراءة الكتب التى أحببتها، مازلت أقرأ تشيكوف بنفس الدهشة القديمة وإن كانت قراءتى له الآن تتوجه لدراسة المعمار والبناء فى قصصه، وأعيد قراءة بعض روايات محفوظ وأحب كتابة أرونداتى روى وكاوباتا، وكويتسى، وفى هذه الفترة أعيد قراءة السيد دلاواى لفريجينا وولف بالتوازى مع كتاب تيار الوعى فى الرواية الحديثة من ترجمة الدكتور محمود الربيعي.


تحدثت عن نجيب محفوظ كثيرا. وأنت تسير على دربه بشكل ما، لكن هل تتبع منهجه فى الكتابة أيضا بمعنى أنك تخصص وقت محدد للكتابة أم تنتظر الإلهام ولا تستدعيه وقت ما تحب.. كيف تكتب؟
شرحت طريقتى فى العمل فى كلمة تسلمى لجائزة نجيب محفوظ، كان على أن أحول الكتابة إلى أداة للفهم والتعلم، وليس مجرد طريقة لإنتاج الروايات والقصص، أى أننى اهتممت «بالعملية» نفسها وليس «بالمنتج»، وهذا النوع من الكتابة  يفرض عليك نظاما يوميا للكتابة وهى من ثمرات دروس الأستاذ. الرواية فن يجبرك على العمل اليومى، أما ما يطلق عليه الإلهام أو الأفكار الطارئة التى تعينك على الاستمرار فى العمل، فاحتمال حضورها يزيد عندما تنشغل يوميا بعملك، إن العقل الباطن يساعد من يهتم اهتماما حقيقيا بعمله ويحترم المخلصين منهم. 


من أول من يقرأ مسودات أعمالك؟ وكيف تتقبل التعديلات ووجهات النظر؟
أول من يقرأ مسوداتى هو أخى الصغير -لم يعد صغيرا الآن إنه فى الخمسين من عمره- ومجموعة صغيرة من الأصدقاء، وعندما كنت أنشر فى دار شرقيات كان رأى حسنى سليمان مهما جدا، والآن فإن رأى أحمد ابوزيد فى «الكتب خان» مهم بنفس الدرجة، أثق فى أحكامه بحكم عقليته الناقدة وذوقه الفنى، وطبعا أعدل فى عملى عندما أجد ضرورة لذلك، أو عندما أقتنع بأهمية التعديل، وعندما أكتشف خللا دراميا أو تشوشا فى الأسلوب.
فى أيام النوافذ والوصايا ومخاوف نهاية العمر.. شخصيات مستعادة وأماكن ممتدة هل كان ذلك مقصودا؟
تستطيع أن تقول ذلك، فبعض شخصياتى قلقة، تتسلل إلى قصص أخرى، على سبيل المثال قصة «حديث مريم»، تعبر عن قلق إحدى شخصيات رواية صوت الغراب، فهى من ناحية النسب الصحفية أخت الرواى فى تلك الرواية، وشخصية الست خديجة تترك رواية الوصايا وتظهر فى قصة زينب فخر الدين لكى تفرض الصلاة على جثمانها، وربما فى روايتى القادمة –إن تمكنت من كتابتها طبعا- سوف تظهر شخصية من شخصيات جنازة السيدة البيضاء، وحكايات أخرى من حكايات نخطاي.


فى «مخاوف نهاية العمر» هناك تحرر أكبر فى اللغة تقول مثلا «المرض القديم حل عليه»، و«تسطيب وينذوز» وغيرها.. كيف تتعامل مع اللغة كيف تنظر لها وتطوعها؟
طموحى أن أطوع لغتى لكى تقترب من لغة الكلام وصوت التفكير الداخلى، صوت التداعيات والخواطر العابرة، أعمل على ذلك طول الوقت، وأسعد عندما أشعر بنبرة الكتابة تقترب من نبرة الحكاية الشفاهية، مثل مدخل قصة رياح الخماسين فى مجموعة مخاوف نهاية العمر، ولذلك سوف تجد التعبيرات الشائعة فى الحياة اليومية، تتردد على لسان الشخصيات، أو فى ثنايا السرد، أحاول قدر ما يمكننى أن أحصل على أثر الحكاية الشفاهية فى الكتابة.


ناس وأماكن» كتاب عن المادة الخام التى تستمد منها مواضيع الكتابة، يشبه مفاتيح الخرائط.. إلى أى مدى تصح هذه الرؤية، ولماذا لم تكرر هذا النوع من النصوص المفتوحة؟
كلامك صحيح، إننى أتعجب أحيانا عندما أقرأ فقرات من هذا الكتاب، وأرى بذور الروايات والقصص موجودة فيه، وكأن المرء واقع تحت سيطرة انشغال بأفكار معينة وأجواء معينة يكتشفها بمرور الوقت خاصة أن هذا الكتاب كتب كمقالات لمجلة أمكنة على امتداد العقد الأول من القرن الحالي. أما لماذا توقفت عن كتابة هذه النصوص؟ انشغلت بموضوعات أخرى، لكنى أظن أننى سوف أعود لكتابة هذه المقالات عندما تتاح الفرصة أو تستدعى الحاجة إليها.


البيت مقابل السفر، الاستقرار مقابل الرحيل.. تيمات تتكرر فى كل الأعمال تقريبا لماذا؟
كل كاتب له محاور معينة يدور تفكيره حولها، لقد ولدت فى آخر عام فى الخمسينات، وعشت طفولتى فى مجتمع مستقر إلى حد كبير، ثم جاءت السبعينيات والثمانينات وهى سنوات الرحيل والمغادرة، لكى تتفكك البيوت ويخلق تطور الحياة أنواع أخرى من العلاقات. 


أقدر جدا أحوال أصدقائى الذين هاجروا أو عاشوا فى بلاد الخليج عمرهم كله وأتعاطف مع حيرتهم أمام بلادهم الجديدة وبلادهم القديمة، وهو ما حاولت تأمله فى قصة «الوطن».


 يظهر الموت كهاجس رئيسى فى كل الأعمال ويدخل الحلم ليحل إشكاليات كثيرة مفسرا وشارحا ومستشرفا.. ما الذى يمثله لك كلا منهما؟
سأظل أحمل دهشة طفولية أمام خبرتيْ الموت والميلاد. لا زلت لا أصدق أن أبى رحل وأن أخى لم يعد موجودا ولا أتمكن من التواصل معه إلا عبر الأحلام والذكريات والأخيلة. هذه الدهشة ليست مجرد استغراب بل تمتد لكى تضعنى أحيانا فى حالة من عدم التصديق لما يحدث، كل حدث يتحول إلى طيف بمجرد حدوثه، وأفكر أحيانا أن الشعور باستمرارية الحاضر أداة اصطنعها العقل لكى لا تتفكك الذات، وفى حقيقة الأمر كل شىء عابر. 
بالنسبة للأحلام لقد لاحظت أننى أستخدمها لكى ألخص أحيانا حالة شخصية من الشخصيات، وأتمنى لو أتمكن من كتابة تشبه صفاء الأحلام وقدرتها على استخدام الحوادث على أنها رموز، وأتعجب من أين تأتى الشحنة العاطفية للحلم وهل يمكن خلق هذا الأثر فى الكتابة؟ 
لماذا تغلب النوستالجيا على أعمالك، هناك حنين دائم إلى زمن أو أزمنة مضت، ناس رحلت وأماكن تبدلت؟ 
لأن الحياة تمر طول الوقت وما تعيشه يصبح ماضيا فى الحال، كيف لا أكون مهتما بحياتى التى عبرتنى وتحولت إلى أطياف، لكن السؤال هو: هل يمنعنى هذا من معايشة اللحظة؟ بالعكس فإدراكى لطابع الزوال الذى يسم حياتى يدفعنى أكثر إلى معايشة الحاضر. 


المشكلة فى فكرة الحنين أن توقفك عن التمتع بالآن، أو يصور لك أن الماضى فترة ذهبية تتمنى أن تعود لتعيش فيها، أو يوقفك عن التعلق بالمستقبل، لكن إدراكى لطابع الزوال والرحيل يجعلنى أفكر أن الماضى ليس أمرا ثابتا بل هو متحول على الدوام؛ فكل يوم يمر بنا يعد إضافة إلى الماضى، فهو إذن ليس ثابتا، إنه يتزايد باستمرار. 


التناقض فى الأمر أننى لا أريد للزمن القديم أن يعود، وأكره تعبير «الزمن الجميل»، الوضع الصحيح للمسألة من وجهة نظرى هو أن الحنين ربما يكون نوعا من الحزن على أنك سوف تمضى من هنا ذات يوم، بما يعنى رغبة مضمرة فى أن تظل تعيش إلى الأبد، وحقيقة الأمر أن ما أتمناه واشتاق إليه مكانه المستقبل، وليس الماضى، فما أتمناه أن نستطيع خلق ظروف تساعد الناس على تحقيق أنفسهم والعيش فى مناخ من العدل والحرية. 
للمرأة حضور قوى ومركزى فى أعمالك، وفى الرواية الأحدث تلخص المسألة بالقول إن «المرأة حاملة التقاليد». تظهر صبورة وحمولة ثم منفجرة فى وجه سلطة الرجل الغاشمة، ظلمه أو حتى حكمته التى تكون عكس إرادتها.. يمكن القول أنها بطلة كل الأعمال تقريبا؟
يبدو أن الأمر كذلك على نحو ما، لقد رأيت بيوتا كاملة تقوم على أكتاف النساء، وتدهشنى قدرتهن على المقاومة وعدم اليأس، أمى كانت تقول: الرجل له مرارة واحدة والمرأة لها سبع مرارات، تقصد أن قدرتها على التحمل والصبر ومعالجة الأمور أكبر من الرجل. ولو رجعنا إلى شخصية تفرض سطوتها على من حولها مثل شخصية الشيخ عبدالرحمن سليم فى رواية الوصايا، فستجده مخضوضا من مرض الست كوثر خائفا من مفارفتها الحياة، وعند ذلك يكتشف –بدهشة- أن حياته تستند على وجودها، ولولاها لما قامت حياته. ثم أن المرأة تحمل ميراثا ثقافيا غير واعية به. من أين أتت فاطمة فى رواية الوصايا بفكرة  أن تحمل جلباب أخيها وتدفنه فى مدافن العائلة بعد أن رفض أن يدفن جسده مع جدوده، هذه القيم القديمة محمولة فى وجدان النساء، وتقريبا هن ماعون الثقافة الشعبية، لو رجعت إلى حديث نجيب محفوظ عن والدته سوف تجد كلاما مشابها.
فى السياق نفسه يمكن القول إن حضور الجدة كبير أيضا فى أعمالك ربما أكبر من الأم.. 
ربما لأن جدتى هى من ربانى، أكثر من أمى، وأقرب صورة لجدتى لأبى هى صورة الست خديجة فى رواية الوصايا، إنها تحمل تراثا كاملا وتملك غريزة واستبصارا عميقا رغم أميتها. إنها طيبة خالصة، هكذا أحب الجدات والخالات مثل الخالة خضرة فى رواية صوت الغراب، لا أتصور الحياة بدون الطيبة التى يحملنها.


هل ستظل مخلصا لمنطقتك الأثيرة.. هل ستظل طنطا محورا لأعمالك القادمة؟ ما الجديد لديك على أى حال؟
غالبا ما يدهشنى هذا السؤال، إن قصصى التى أعيشها هى من انتاج هذا الأماكن، ولا أميل إلى كتابة رواية الفانتازيا أو غيرها من أشكال روايات المستقبل أو الخيال العلمى، لذلك أظن أننى سأظل أكتب عن تلك المنطقة، حتى لو ظهرت القاهرة أو الإسكندرية أو أى مدينة أخرى، فسيظل مركز الثقل هى تلك المنطقة، أما عن أعمالى القادمة فإننى أحاول أن أستكمل قصص نخطاى فى رواية أتمنى أن أتمكن من كتابتها، ومجموعة قصص بدأت فى تجميعها.


شاركت فى ورشة كتابة مؤخرا. البعض يعارض فكرة الورش على اعتبار أن الكتابة موهبة لا يمكن تعلمها.. كيف ترى المسألة؟
الكتابة مهارة مثل أى مهارة أخرى، يمكن تعلمها مثلها مثل السباحة والرسم والجمباز والموسيقى، لماذا يأخذ الناس أطفالهم لتعلم الموسيقى أو الرسم ولا يأخذونهم لتعلم الكتابة، الكتابة أمر ضرورى للناس، يمكن الاستعانة بها فى التعبير عن النفس، وتسجيل اليوميات والمذكرات، ولها تقنيات يمكن أن تساعد المرء فى التعبير عن النفس، للأسف الشديد فإن تعليمنا يكره الشباب فى الكتابة لأنه يطلب منهم أن يكتبوا فى الفصول الدراسة مواضيع إنشاء خاضعة كليا للتقاليد، بدلا من تعليمهم كيف يعبرون عن إحساسهم الفريد بالحياة، وهنا بالتحديد تكمن أهمية ورش الكتابة فى تعلم تقنيات تساعد المرء فى التعبير عن نفسه بشكل خاص وفريد، لكن الفن أمر آخر، إن هذه الأدوات والتقنيات تساعد أى شخص لديه موهبة وتمكنه من تحويل خبرته إلى قصص أو روايات أو أشعار، الخلط هنا بين تقنينات الكتابة باعتبارها وسيلة يمكن أن يستخدمها أى فرد للتعبير عن نفسه وبين إنتاج الفن الذى لا بد فيه من موهبة.


لماذا تكتب؟ لم أستطع تجاهل هذا السؤال فى الحقيقة
هذا أصعب الأسئلة، إنه يشبه سؤال لماذا تعيش؟ ولو استعرضت إجابات الكتاب الكبار ستجد إجابات متنوعة منها ما هو بسيط إلى درجة الدهشة مثل إجابة ماركيز الذى يجيب قائلا إنه يكتب لكى يحبه أصدقاؤه أكثر، لكننا يمكن أن ننظر إلى هذا السؤال من ناحيتين، الأولى من ناحية الدافع إلى الكتابة والثانية من ناحية الغرض أو الغاية التى يطمح إليها الكاتب، فى الجانب الأول من السؤال لا أتمكن من الإجابة، إن الرغبة فى الكتابة لها نفس غموض الرغبة فى الحياة، ومن الصعب أن أجيب بشكل دقيق عما يدفعنى إلى الكتابة أما من ناحية الهدف الذى أرغب فيه، فيمكننى القول بأننى أريد أن أمنح شكلا للانطباعات والقصص السائلة حولى، أحاول أن أنقل خبرتى وتفاصيل الزمن الذى عشته، إنه أمر يخص فكرة شعرية أكثر مما يخص التعبير عن أفكار، على سبيل المثال فإن جاذبية رواية أيام النوافذ الزرقاء، أنها رواية انطباعية، تحاول أن تنقل المناخ وأجواء فترة حرب الاستنزاف فى مدينة صغيرة من مدن مصر.