رحلة «الملوخية» مع المصريين.. من تحريم تناولها إلى «ودن القطة»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

من بلاط القصور الملكية إلى صحون العامة من الشعب رحلة طويلة قطعتها الأكلة الأغلى على قلوب كل المصريين «الملوخية»،  والتي زرعت مكانها المميز على طاولة الغذاء.

 

فلا يوجد مصري واحد لم يتناولها مضافة إلى أرز أو مغموسة بالعيش  «ودن قطة»" أو حتى تناولها كشوربة دون أدنى إضافة   فقصتها لا تنتهي واساطيرها مستمرة على مدار التاريخ.

 

تتحدث تقارير عن أن معرفة المصريين بالملوخية بدأت منذ القدماء المصريين الذين وجدوا أوراقها تنمو على ضفاف النيل ولكنهم لم يقبلوا على استخدمها واعتقدوا أنها نبات سام وكانوا يطلقون عليه اسم «خية» أي السام ولكن عندما احتل الهكسوس مصر أجبروا المصريين على تناولها ظنا منهم أنها سامة، كما فكر المصريون ولكن حدث ما لم يخطر على بالهم تناول العشبة وأحبوها واعتمدوها أكلة لهم.

 

الفاطميين 

 

ولكن في رواية أخرى، أعاد البعض بداية ظهور الملوخية في مصر خلال حكم الدولة الفاطمية حينما شعر الحاكم الفاطمي المعز لدين الله بآلام شديدة في المعدة فوصف له الأطباء شوربة من نبات الملوخية واسترد صحته بعدها داوم الملوك على شربها ومن هنا جاءت تسميتها «ملوكيا» نسبة إلى طعام الملوك.

 

اقرأ أيضًا| في قرية حسني مبارك.. بلاغ خطف ينتهي بحفلة زفاف

 

حتى وصلنا إلى سادس حكام الدولة الفاطمية الحاكم بأمر الله صاحب إصدار القوانين الشاذة والغريبة فبسبب حبه الشديد للملوخية ذاع صيت طبقه المفضل وتطلع العامة من الشعب على تذوقه فحرم على المصريين أكلها واكتفى بزراعتها في حديقة قصره حتى أنه منع على النساء أكل الملوخية بسبب اعتقاده بأنها منشط جنسي.

 

سر الشهقة 

 

لم تتوقف أساطير وحكايات الملوخية عند بداياتها فقد استمر اللغز حتى «الشهقة»، والتي ارتبطت بطقوس إعدادها في المطبخ القديم وحتى الآن فكما تقول الأسطورة: إن «سر جمال طعم الملوخية في الشهقة».

 

واختلفت الروايات التي ارتبطت بأصل هذه العادة ما بين أنها تعود إلى الحاكم بأمر الله حينما كان يشرف على طباخه أثناء إعدادها وسقطت الملوكية وهي ساخنة على قدميه فخرج شهيقه بصوت عال؛ خوفا من سخونة السائل.

 

أو أنها تعود لامرأة مصرية في العصور القديمة شهقت بصوت عالي لإبعاد الحيوانات عن الملوخية الذي تضعها على الحطب وبرغم اختلاف الروايات إلا أن الحقيقة الواقعة أنها عادة استمرت حتى الآن ولغز يحتاج لكشفه.


وصولها للعامة 

 

فكما ارتبط منعها على يد الحاكم بأمر الله ارتبط أيضا إجازتها والسماح للمصريين بتناولها على يده فعندما تناولوا المصريين "الملوكية" وقعوا في عشقها وقرروا أن يرجعوا تسميتها إلى ما كانت عليه في مصر القديمة "ملو-خية" اي " كلو-سم" كما استخدمها الهكسوس.

 

ولان المصريون أساس شعب متذوق بطبعه اضافوا عليها " تقلية الثوم " ولم يتوقفوا عند ذلك ولكنهم أضافوا عليها الجمبري في المدن الساحلية والارانب في القرى الريفية لتلائم الكافة فهي الطبق المحبب للجميع على طاولة الطعام.

 

طعام الفطام

 

حتى الأطفال تم اعتماد الملوخية كطبق فطام لهم من قبل الأمهات لسهولة تناولها، وبحسب دراسة تم نشرها في مجلة Journal of Ethnopharmacology فإن أوراق الملوخية لها العديد من الفوائد فهي تساعد على منع التهاب الأمعاء والسمنة وغنية بفيتامين C و E والبوتاسيوم والحديد والألياف.

 

كما تحتوي أيضا على بعض العناصر المضادة للأكسدة مما يجعلها طعام أمثل للاطفال وإضافة جيدة ومفيدة للغاية للنظام الغذائي.