لا جدال اننا برحيل الخال عبدالرحمن الأبنودي »‬رحمه الله» فقدنا علامة بارزة في حياتنا تركت بصماتها في تاريخ الوطنية المصرية بأشعاره العامية الرائعة التي تحولت إلي اغان ترددت ومازالت تتردد علي كل لسان، ان اي وصف او تحليل لهذا العملاق الصعيدي المصري الاصيل لا يمكن ان يقتصر علي ما اتحفنا به ولكن لابد ان نجمل ما تميزت به كتاباته وسلوكياته الانسانية الممزوجة بأصالته المصرية التي تمتلك كل القلوب. وفي هذا المجال فانه ليس هناك من اغنية وطنية شاعت او انتشرت ورددها الجميع في مصر والوطن العربي الا وكان الابنودي هو الذي وضع معانيها واختار كلماتها »‬بمعلمة» سوف نفتقدها لسنوات طويلة. تذكرت في مناسبة هذا الرحيل الحزين اول معرفتي بالخال الأبنودي.. كان ذلك في بداية الألفية الثالثة وكنت رئيسا لتحرير »‬الأخبار» في ذلك الوقت.. كنت قد فكرت فيه عندما كنت أجهز للتطوير والتجديد في كتابة  يوميات الأخبار بالصفحة الاخيرة.. ولاني كنت اعرف علاقة الزميل جمال الغيطاني به فقد لجأت اليه ليعرفني به حيث كنت قد قررت ان يكون ضمن كتاب اليوميات في اطار عملية التجديد. بعد ان مهد لي الغيطاني الطريق للحديث معه اتصلت به تليفونيا واخبرته بانه قد تم اختياره ضمن عدد من مشاهير الكتاب لكتابة اليوميات.. رفض العرض لاول وهلة الا انه ومع الالحاح الذي شارك فيه جمال الغيطاني مستغلا صداقته به قبل ان يشارك في كتابة اليوميات.. استمر مواظبا علي الكتابة خاصة بعد ان قلت له انه ليس مطلوبا منه سوي ان يقوم بتسجيل خلجاته وافكاره. ورغم الشعبية الكبيرة التي استقبلت بها هذه اليوميات الا انه لم يستمر سوي اسابيع ليقرر التوقف نزولا علي قناعته بان الكتابة النثرية لا تتوافق وتوجهاته المزاجية. الحقيقة ان رحيل الأبنودي يمثل خسارة كبيرة ولكنها ارادة الله التي لا مرد لها وهي نهاية كل حيّ ولا مفر منها، ان ما يعزينا في فقدان هذا الفارس.. تلك التحف الفنية سواء كانت اشعاراً جاءت من صلب تراثنا او اغاني وطنية او عاطفية اثارت مشاعر الوطنية وارتفعت بعواطفنا إلي عنان السماء. وداعاً ايها العبقري المصري الاصيل ولتكن الجنة مثواك لما قدمت لوطنك ولما منحته لنا من سعادة غامرة من خلال اعمالك في خدمة الشعر العامي.