في يومه العالمي.. الأزهر يكشف ضوابط العمل الخيري

أعمال تطوعية فى مبادرة حياة كريمة
أعمال تطوعية فى مبادرة حياة كريمة

العمل الخيرى عمل يقوم به فرد أو مجموعة سواء كان بدنيا أو ماديا، والباعث له احتساب الأجر من الله، والإسلام أولى اهتماما بالفرد والأسرة والمجتمع، ولذا وعد الله أهل الخير والإحسان بجنة عرضها السموات والأرض، والآن العالم يحتفل بيوم العمل الخيرى ومصر تشارك فيه.. فما هو مفهوم العمل الخيرى وخصائصه فى الإسلام وكيف يشارك الجميع فيه.

هذا ما يوضحه الشيخ عبد التواب قطب وكيل الأزهر الأسبق بقوله: فعل الخير ركيزة من ركائز الإسلام، وعنصر مهم فى بناء المجتمع قال تعالى: «يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون»، فاعبدوا ربكم شمولية لكل التكاليف بما فيها فعل الخير، ولكن لأن عمل الخير له منزلة خاصة أفرده الله سبحانه وتعالى بقوله: «وافعلوا الخير» لما له من أهمية فى وجود المجتمع المتماسك فيحن البعض على بعضهم ويصبح الكل كالجسد الواحد، وقد سأل النبى صلى الله عليه وسلم فى فعل الخيرات فى حديث «أتدرى يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقال صلى الله عليه وسلم: فى الكفارات والدرجات، أما الكفارات فنقل الأقدام إلى الباحات والجلوس فى المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء على المكاره قال رب العزة: صدقت يا محمد، وقال يا محمد إذا صليت فقل اللهم إنى أسالك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأما الدرجات فهى إطعام الطعام وإفشاء السلام ولين الكلام».


ضرورة اجتماعية 
ويضيف: العمل الخيرى نوعان، نوع يمارسه الفرد من  تلقاء نفسه استجابة لموقف طارئ انسانى، ونوع جماعى تقوم به المؤسسات، وهذا ضرورة اجتماعية لأنه أساس التحضر وبه يتحقق الإصلاح الأسرى والمجتمعى ونفعل مبدأ التعاون على البر والتقوى قال تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب».


ويؤكد: بالعمل الخيرى يستفاد من طاقات الشباب ونعلمهم العطاء وإنكار الذات وايضا يتحقق به مفهوم المواطنة الحق، فيكسب الشباب  شعور الانتماء لوطنهم ومجتمعهم. ويوضح: العمل الخيرى تطور ليواكب متطلبات المحتاجين من عيشة كريمة فى مساكن لائقة وتوفير مياه شرب نظيفة وصرف جيد ومدارس مناسبة، والعمل الخيرى صورة من صور التكافل الاجتماعى ورافد من روافد التنمية البشرية الآن بين الأفراد والمجتمع، لأنه يعبر عن مشاعر الانسان بمدى إحساسه بمسئوليته تجاه المحتاجين، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا»، وقال أبو هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: «قال الله يا بن آدم أنفق انفق عليك» والخطاب موجه لكل بنى آدم للإنفاق فى وجوه الخير.

ويضيف: العمل الخيرى فى الإسلام ينفرد بخصائص كثيرة منها الإخلاص فى العمل، لأنه عمل وعبادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات»، والشمولية لأنه يشمل المسلم وغير المسلم القريب والبعيد قال تعالى: «يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم»، وأخيرا التنوع فهو يشمل مواساة الفقراء وقضاء مصالح الناس مع إدخال السرور عليهم.
ويضيف د. أيمن الحجار الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر الشريف: الشائع عن فعل الخير أنه عمل تبرعى لا يخالف الشرع يقدمه من يتسم بسلامة الصدر من آفات الحقد والحسد والكراهية دون مقابل ابتغاء الثواب فى الآخرة فضلا عما يناله فى الحياة الدنيا من بركة وسعة عيش لمشاركته آلام الناس محاولا التخفيف عنهم وتبقى هذه الصفات ذخرا للإنسان يوم يلقى الله تعالى يقول سبحانه: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم»، فالمتطوع لعمل الخير والمتبرع لإنفاذه أكثر من ينتفع بفعل الخير وقد أكد الإسلام ذلك لكى لا يتردد أحد أو يتقاعس أو يمن على من يقدم له خيرا أو معروفا.


ويضيف: وضع الإسلام خصائص لنجاح  وقبول العمل الخيرى منها الشمولية فى الخير ليتسع جميع الخلائق دون تفريق أو خصوصية، والشمولية فى الرحمة ويجسدها الرسول صلى الله عليه وسلم فى قوله: «والذى نفسى بيده لا تدخلوا الجنة حتى تراحموا قالوا: بلى يا رسول الله كلنا رحيم قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكن رحمة العامة»، والتنوع فى أصناف الخير على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذى سيظل مصدرا للأعمال الخيرية إلى قيام الساعة، ويتضح ذلك فى إدارة الأوقاف والعناية ببناء المساجد وعيادة المرضى والإصلاح بين الناس ومشاركتهم فى الأفراح والأحزان بالصدقات وكفالة الأيتام ورعاية الأرامل والمطلقات وإنظار المعسرين وقضاء الدين عنهم ومساعدة أصحاب الظروف الخاصة وطلاب العلم ودعم جهود الدولة فى مشروعات البنية التحتية ومنها مبادرة حياة كريمة لأهالينا فى ريف وصعيد مصر. ويستكمل: لم تقف دعوة الإسلام لفعل الخير عند الإنسان بل تجاوزت ذلك إلى الحيوان قال الصحابة: «وإن لنا فى البهائم أجرا! قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فى كل كبد رطبة أجرا»، ولذلك أجاز العلماء حفر الآبار وزراعة النخيل والأشجار فى الصحراء ليأكل ويشرب منها كل عطشان وجائع. ويضيف: وأيضا من مجالات العمل الخيرى التطوعى الداعم للاقتصاد وخاصة وقت الأزمات المساهمة فى القطاع الصحى بتنظيم القوافل الطبية المجانية لغير القادرين.


ويتابع: لقبول العمل الخيرى يجب أن يكون موافقا لأحكام الشريعة فى كل مراحله بداية من اختيار القائمين على جمع التبرعات من المشهود لهم بالصلاح والإخلاص وتدريبهم لتحسين أدائهم للحصول على ثقة المتبرعين، والتعامل معهم بمصداقية بعدم المبالغة فى الانجازات وقوائم المساعدات، والحفاظ على سرية معلومات المتبرعين وعدم الإلحاح فى طلب التبرعات التى أصبحت ظاهرة تزعج البعض وخاصة بعد اقتحام الهواتف الشخصية لملاحقتهم للتبرع.