تجولت فى مواقع أحداث الرواية ..ورسمت خرائط لخط سير بطل الرواية في القاهرة التاريخية

السيناريست سارة حسن: سيناريو «رواية الحرافيش» لم يخذلني

الحرافيش .. رائعة نجيب محفوظ
الحرافيش .. رائعة نجيب محفوظ

لم تكن روايات الأديب العالمى نجيب محفوظ ، صاحب نوبل فى الآداب مصدرا للإلهام للروائيين والقراء فقط, بل كانت مصدرا للإبداع لمختلف الفنون, خاصة التى تربط مهنتهم بالأعمال السينمائية, وطلبة الكليات المتخصصة فى الأدب والفنون, فقد كانت رواية نجيب محفوظ «الحرافيش» مصدرا للإلهام للسيناريست «سارة حسن» التى قامت بعمل مشروع التخرج الخاص بها من معهد السينما.

وقالت السيناريست سارة حسن لـ«بوابة أخبار اليوم» بطبيعة الحال طلبة السنة النهائية في كل الأقسام بمعهد السينما لديهم مشروع تخرج كالمعتاد فى أى معهد أوكلية، إلا أن مشروع تخرج قسم سيناريو لا ينفذ في صورة فيلم كما هو فى بقية الأقسام، حيث يكون مجرد سيناريو على ورق لفيلم روائي طويل وآخر لفيلم قصير؛ وكان أمامي خيار أن أكتب سيناريو عن قصة أصلية وليست إعدادا سينمائي لرواية، حتى أتفادى عقبة الملكية الفكرية عند تقديم المشروع في المسابقات أو تنفيذه في سوق العمل، كما نرى مع أعمال كتاب سيناريو سابقين، والتي كانت مشاريع تخرجهم أفلام خرجت للنور، لكن اختار هواي الشخصي الخسارة، أو ما ظننته وقتها خسارة.

 


والإصرار على حلم قديم.. فقد أخترت القصة السابعة من رواية «الحرافيش» وكنت في شدة الإصرار عليها، هذا الاختيار لم يكن وليد عام التخرج، بل يعود إلى حب ووله قديم منذ عام 2009 تقريبا، العام الذي قرأت فيه الحرافيش لأول مرة، أكتب كل بضعة شهور خاطرة عن رواية الحرافيش والقصة السابعة «جلال صاحب الجلالة»، وعندما إلتحقت بمعهد السينما ووصلت لعام التخرج، أي شئ سيكون أحق بالاهتمام والكتابة سوى هذه القصة؟ بتقديمها في تصور جديد لم أطرقه من قبل وهو السيناريو السينمائي.
وتضيف سارة حسن أن القصة عن فتوة يدعى جلال ينشد الخلود، وفي سبيل هذا يعتزل الفتونة والناس لعام كامل، ويكلف أخاه ببناء مئذنة بلا أصل ولا جامع ولا زاوية صغيرة في أرض مهجورة، فيظن الناس به الجنون، ذلك الشاب الذي اعتزل العالم في أوج قوته وسيطرته على كافة حواري وأحياء القاهرة.
وتؤكد السيناريست سارة حسن أن مشروع التخرج كتبته على مدار العام الدراسي 2016 - 2017، وحصلت على مركز أول تحكيم، ونال استحسان شديد وأيضًا نبهني أساتذتي في لجنة التحكيم إلى مواطن خطأ كثيرة، من إطالة وإسهاب، وهذا أمر طبيعي وتداركته فيما بعد؛ فالتجربة لا تعني الكمال، بل تفجير الطاقة الإبداعية بكل تشعباتها وثورتها وقصورها .. وكلنا نصيب ونخطئ بطبيعة التجربة الإنسانية.
أما ما استحسنه أساتذتي، فهو اللغة الشعرية التي تمزج بين الفصحى والعامية، وهو ما تأثرت به من نجيب محفوظ ذاته، وحالة بذل المجهود التي قالوا بظهورها اللافت في المشروع، حتى أنني أرفقت خرائط لخط سير بطل القصة في القاهرة التاريخية.

 


هل انتهى الأمر بتحكيم المشروع وتخرجي؟ .. فالعبرة هنا، لقد أثار في مشروع التخرج الوله القديم النائم بالقاهرة التاريخية، فلأجل كتابة متقنة قمت بالتجول في المواقع التي قامت فيها الأحداث المفترضة في الرواية، أبحث في كل حارة من حواري القاهرة، وأقوم بالتصوير حتى أستطيع أن أحاجج اللجنة، كما نبهتني صديقة لي في العام الدراسي السابق لتخرجي، بزيارة المواقع التي سأكتب عنها أحداث الفيلم وتصويرها؛ العجيب أن اللجنة لم تهتم بهذا الشأن، لكن هذه النصيحة غيرت نظام حياتي وتوجهاتي، صرت أتجول في القاهرة التاريخية أكثر من مرة في الأسبوع الواحد، حتى بعد الانتهاء من المشروع، نزلت للتجول من أجل المشروع في عام 2016 ومن وقتها وأنا لم أرجع إلى بيتي من حواري نجيب محفوظ.
صعدت المآذن، ولمست القباب المرتفعة في السماء، أطلت البقاء في القرافات، وعرفت الأولياء، وتحولت من مجرد من مهتمة بالتصوير لأجل المشروع، إلى مصورة فيديوغرافيا وفوتوغرافيا لخلق أرشيفي الخاص للقاهرة التاريخية، وحزت على ورشة في التوثيق المعماري, وفى كل خطوة اخطوها وأقوم بتصويرها أتخيل شخوص روايات نجيب محفوظ تحيط بى، وتحدثنى مبانى القاهرة التاريخية عن الأحداث التى مرت بها، لأسجل بالصورة مع سجله نجيب محفوظ من وحى القلم, ونحن الآن في الثلث الأخير من عام 2021، ولا زلت أحصد ثمار مشروع تخرجي لعام 2017؛ ثمار لم أكن أحسب لها حسبان.