أرجو ألا يكون رحيل مجدي صاحب مقهي ريش الشهير نهاية لدور هذا المركزالثقافي الذي يعد عنصراً هاماً من ذاكرة القاهرة الثقافية والتاريخية. الحقيقة أننا امام مرحلة كاملة تنقضي. ولكن يمكن ان يكون لها امتداد وفقاً لاقتراح محدد سوف ابسطه.. عرفت مقهي ريش من خلال الاستاذ نجيب محفوظ الذي استقر به بعد أن انتهت ندوة  الأوبرا العريقة التي بدأت عام ١٩٤٥ أي عام مولدي. نهاية مؤسفة بواسطة المباحث العامة. عندما كان الرئيس جمال عبد الناصر متوجهاً لصلاة الجمعة في الازهر، واكتشفت الشرطة السرية مدخلاً لكل زينو الأوبرا يدخل منه افندية يرتدي معظمهم نظارات طبية، تعقبوهم وفوجئوا في الطابق الثاني بما يشبه اجتماعا يتصدره رجل وقور في الخمسين  من العمر تقريبا، تقدم منه الضابط الذي يرتدي ملابس مدنية. اكتب عن مشاهدة عيانية. سأله عن اسمه فقال: نجيب محفوظ، طلب البطاقة الشخصية فقدمها إليه الرجل المهذب، ثم سأل عن هذا الاجتماع.. فقال محفوظ انها ندوة وليست اجتماعاً، يتساءل الضابط عما إذا كان هناك تصريح مسبق، قال محفوظ إنه يجتمع بالادباء في »‬القعدة دي» منذ عام ١٩٤٥، قال الضابط: لابد من تصريح. وعد محفوظ بطلب تصريح من الامن العام. في الاسبوع التالي بدأت الندوة ولاحظنا وجود اثنين يجلسان بالقرب ويصغيان، تقدم احدهما إلي محفوظ وقال إنه الرائد فلان من المباحث العامة، قال إنه استمع إلي المناقشات، هناك اسماء غريبة وصعبة مثل بروست ودستوفيسكي - نظر في ورقة صغيرة - طلب من محفوظ أن يكتب له كل اسبوع تقريراً عن المناقشات. أومأ محفوظ بصمت، واتخذ قراراً بإنهاء الندوة، كان يعلق قائلاً: »‬علي آخر الزمن أتحول إلي كاتب تقارير». انتهت الندوة، وانتقل محفوظ الي مقهي امام سينما راديو - محل أحذية الان - لكنه لم يسترح إليه، استقر في ريش كل يوم جمعة، ذاعت شهرة المقهي. كان محفوظ يتسلم رسائل من جميع انحاء العالم عليها العنوان كالاتي: القاهرة - مقهي ريش، لم يكن مركزاً ثقافياً هاماً فقط، انما تاريخي، كان مركزاً للحركة الوطنية في ثورة ١٩١٩ ومازال يحتفظ بالمطبعة التي كانت تصدر عنها منشورات الثورة. ومنه خرج عريان سعد ليقتل بطرس غالي بعد قرار الحركة الوطنية، وفي ثورة يناير فتح مجدي ابواب المقهي لمعتصمي التحرير، يقضون حاجتهم ويوزع عليهم المياه المعدنية بدون مقابل، مقهي ريش انشيء علي غرار مقهي ريش الباريسي الذي كان يرتاده  الروائي الاشهر مارسيل بروست وقد زرت الاصل وأؤكد ان مجدي بذل جهداً كبيراً مخلصاً في السنوات الأخيرة ليعيد الي المقهي رونقه ودوره الثقافي. كان الرجل مخلصا في جهده ودأبه، وقد عاش من أجل المقهي بعد تقاعده. لم يتزوج، ولذلك اقترح اعلان ريش محمية ثقافية مثل الاثار. ليس مقهي ريش فقط الذي يجب اعتباره محمية. عندي اقتراح محدد الي وزير الثقافة افصله صباح الخميس.