جاد الكريم : فَضلُ «نجيب محفوظ» يُطوقني.. أدخلني عالم القراءة ثم عالم الكتابة

الروائى أحمد جاد الكريم
الروائى أحمد جاد الكريم

ما زال أدب نجيب محفوظ , منهلا لشباب المبدعين, ونبعا صافيا لخلاصة التجربة الإنسانية لأبو الرواية العربية، وصاحب نوبل فى الأداب، العملاق نجيب محفوظ, وحول تجربته مع أدب نجيب محفوظ, يقول أحمد جاد الكريم الروائى والأديب ، أن أول ما قرأتُ لنجيب محفوظ كان رواية زقاق المدق، وقتها كنتُ في بداية دراستي الجامعية، مفتونا بأديبٍ كبير اسمه مصطفى صادق الرافعي، فتنتني لغته، ولم أستطع التخلص من أسره إلا بقراءة كلِّ ما ألَّف حتى ما لم يُتح لي وقتها ككتاب تاريخ آداب العرب زهِدَتْ فيه نفسي بعدما أصبح متوفرا بصيغ إليكترونية وورقية، تركتُ الرافعي، ولم يزل يَعْلقُ في روحي، يأبى أن يُفارقني، قضيتُ سنواتٍ أحاول التخلص من تأثيره نافضًا عن قلمي جملته التي شُبهتْ في زمنه بالجملة القرآنية حتى أتى محفوظ فقوَّض برياحِه المعبدَ القديمَ وقضى عليه، تربَّع في القلب، سطا وتحكم.
ويضيف جاد الكريم، وفى أحد الأيام سمح لي جارُنا مدرس اللغة العربية أن أختار مِن مكتبته ما أشاء، كانت صغيرة، بضعة أرفف، تحوي عشرات الروايات والقصص، وكتب المتصوفة، أزال عني الحرج بأن أخبرني أنه توقَّف عن القراءة منذ سنين، مشغولا بالحياة، وبالعيال، نصحني أن أقرأ كثيرا قبل أن أتحمل المسؤولية، مددتُ يدي وأخذتُ رواية زقاق المدق، وعودة الروح لتوفيق الحكيم، ومسرحية شهرزاد للحكيم أيضا، قرأت الزقاق وعودة الروح أولا، فضلتُ وقتها رواية الحكيم، وظللت شهورا أُعمم هذا الحكم الحكيم أفضل من محفوظ، حتى أُتيح لي أن أفتح صندوق محفوظ الذي خرجتْ منه الدُّرر، ولم أغبْ طويلا، وقررتُ بعد قراءتي لعدة أعمال لمحفوظ أن أتسلق شجرته، فأعدت قراءة كتابه "أصداء السيرة الذاتية" اشتريته في عامي الجامعي الأخير، كتبت عنه مقالا في عام   2010 فاز في مسابقة برنامج عصير الكتب، الذي كان يُقدمه بلال فضل على شاشة قناة دريم، شعرتُ وقتها أنه قد تم تعميدي كاتبا، أرسلت المقال بالإيميل، بعد تعثري في نقله من الورق إلى ملف الوورد، لم أكنْ قد أجدتُ الكتابة مباشرة على الكمبيوتر، بعد الفوز الذي كان كبيرا بالنسبة لي وقتها، أول مسابقة حقيقية أُتوَّج بها، وأنا بعيد في الصعيد، والتلفزيون يبث من هناك، من القاهرة التي حينها لم أكن قد زرتها إلا مرتين على بعض.
ويؤكد جاد الكريم أن فَضلُ نجيب محفوظ لا يزال يُطوقني، أدخلني عالم القراءة أولا ثم عالم الكتابة، بعد إنهائي لأغلب أعماله التي حرصتُ على شرائها، علَّمني ذلك "البنَّاء" كيف أُشيِّد رواية، وكيف أُأسس عالما قصصيا كاملا، أجاب عن كثير من الأسئلة التي تُهاجمني في لحظات الإحباط وضياع بوصلة الطريق، كيف تدير وقتك، في مجتمع لم يُعوِّدنا على احترام قيمة الوقت، كيف تُخصص جزءا من اليوم، لإنجاز شيء، وأنَّ تراكمَ الأجزاء الصغيرة يبني الصرح الكبير، نفذتُ نصائحه التي لم يُقدمها بشكل مباشر، لكنها تُستخلص لمن يتابع حياته داخل الكتابة وخارجها بدقة وعناية.
أسئلة أخرى أجابتْ عنها حياة محفوظ، منها سؤال التحقق، وأهميته، كان الدرس الأعظم بعد درس الوقت هو العمل، أن تعمل مُغمض العين، غافي القلب عن نتيجة وثمرة ذلك العمل، على الكاتب / الإنسان بشكل عام أن يؤدي عمله، ثم يأتي الوقت الذي يدنو الثمر ليقطف منه ما يشاء، وقد أتى له كل شيء، وأهم شيء الخلود، متربعا على عرش أهم الروائيين في العالم كله.