يوميات الأخبار

فَنُّ التَّطنِيش..

سارة الذهبى
سارة الذهبى

تكتبها اليوم :د. سارة الذهبى

التَّطنيش من أهم مُسبِّبات السَّعادة ورَبرَبة الوِش وإن الدَّموية تسقى الخدّ ده والخدّ ده.. قالوها زمان: «طنَش... تعش.... تنتعش»

التطنيش من أهم عوامل راحة البال والحياة الهادية وإن اليوم يمرّ بأقل سيناريو فيه خساير..
التطنيش سبب لنعومةِ البشرة وخلوها من التجاعيد عشان التجاعيد بتيجى من كتر شيل الهمّ والضغط..
فنّ لمّا بتتعلمه صحّتك بتتحسّن ومزاجك بيتعدل وبتحس بسلام نفسى مش هتلاقيه بأى وسيلة تانية.. فنّ بيبعتك لعالم تانى من بتوع فيروز وروقان بالها وهى بتغني: أنا لِحبِيبى وحبِيبى إِلِي... مهما كانت الدنيا بتتشال وبتتهبد من حواليها!
قواعدُ فنِّ التَّطنيش بقى :
- (وأنا عاملة نفسى نايمة... وأنا عاملة نفسى نايمة)، زى ما إحنا حافظين الأغنية فى فول الصين العظيم..
اعملى نفسك نايمة ومش من هنا... لو حصلت حاجة مُستفزة وعادى مُمكن تطنشيها وما توقفيش عندها... العيال تصرّفاتهم كلها تقريبًا لازم نتعامل معاها بالمبدأ ده، يا إما مش هنعيش ليوم التلات ... عادى بقى إن حمزة دلق اللبن على السجادة الشمواه اللى لسه جايباها من التنضيف، وإن مليكة بتسرّح شعرها بفرشاة المقشة ، وإن جارتك فى الطالعة والنازلة تقولك مال وشك أصفر كده ليه... وجوزك يقولك هو إنتى طول اليوم قاعدة فى البيت ومرتاحه كده يا بختك.. إوعى تردّى عليه... طنِّشى يا حبيبتشي، صحتك بالدنيا..
- (هو أنا لو كبَّرت دماغى هيجرى إيه... والنبى ما هيجرى حاجة)، على غرار رمضان مبروك أبو العلمين حمودة؛ معرفش مالى ومال محمد هنيدى النهارده، بس ما علينا..
حضرتَك لما تتشال وتتهبد على أتفه سبب، وحضرتِك لمَّا تفقدى أعصابك وصوت الجعورة يجيب آخر العمارة، لا مؤاخذة فى دى الكلمة، إيه اللى هيحصل؟
أقولك أنا:
= صوتك هيروح على الفاضي..
= العصبية بتجيب الغلط وبتضعف موقفك لمَّا بتهدى فا بتكتشفى العكّ اللى عملتيه وأنت متعصبة..
= شكلك فى العمارة بيبقى وحش..
= مخدتيش حقك برضه لسّه..
= القولون لو عصبى عندك يبقى روحتى ورا الشمس.. وإحنا لسّه صغيرين على الشلل النصفي؛ يبقى بالرَّاحة على نفسك يا غالية!
= العيال بتتعود على الجعوورة، فا مش هتحوَّأ فيهم، وجوزك هيطلع الصريخ ده عليكى وزّ وزّ بعد ما رزع الباب وسابك ونزل لصحابه على القهوة عشان عيشتك بقت لا تُطاق.
لمَّا تطنشى بقى مواقف ينفع تتطنّش يبقى وفّرتى على نفسك البهدلة اللى فوق دى كلها؛ خصوصًا إن محدّش بقى فيه حِيل للفرهدة يا حبيبتشي... هقولهالك تانى كبّرى دماغك عشان صحتك بالدنيا... آه والله...
- خد قرار إن النهارده مش هسيب حد يعكّر مزاجي، خصوصًا لو فيه مناسبة حلوة أنت مستنيها اليوم ده، فا هتلاقى نفسك بتطنش رزالة زميلك اللى جنبك، وبتطنش لزوجة المدير اللى بيتلككلك على خصم، وصوت زميلتك العالى المسرسع فى التليفون وهى بتتخانق مع جوزها فى طبلة ودنك أنت بعد ما ضاق بيها براح الكون!! افتكروا كام مرة بوَّظنا مناسبات مهمة بسبب زعل على مواقف تافهة ولا تسوى..
- صحّتى أهم... صحّتى بالدنيا...
قولها لنفسك لحدّ ما تقتنع خصوصًا لو كنت شخص حسَّاس وبيهتم بالتفاصيل وبتفرق معاك ردود أفعال الناس لأن معظمها بقى مُخيّب للآمال، بل بالعكس يا أفندى بيبهروك وقت العُوزة بمواقف خايبة وطفولية تندِّمك إنك عرفتهم من الأساس، فا دورك هنا- سيدى العزيز- لا تتشال ولا تتهبد؛ تتفرَّج فى هدوء وأريحية وتعرف صاحبك وتعلِّم عليه بالماركر الأسود التخين ده لحدّ ما تشلفط وشّه وتمحيه من حياتك..
ما تستهترش بحرقة دمك لأن كل أمراض المناعة اللى محدِّش عارفلها سبب ومُنتشرة اليومين دول بتيجى من التوتر والضغط العصبى وحرقة الدم..
- بلاش عتاب يا حبيبي.... بلاش عتاااااب..
ده كتَّر ألف خيره العندليب- الله يرحمه- نوَّرنا وقالها صريحةً، يعنى عشان الناس اللى فهمها تقيل تفهم...
العتاب ده حاجة غالية أوى فى أى علاقة؛ عاتب اللى يستاهل تحرق معاه جاز وتهاتى عشان علاقتكوا ببعض مهمة بالنسبالك، لأن العتاب غالبًا فيه مقاوحة وهات وخد وحوارات سفسطائية وجدل بيزنطى مُرهق جدًّا وبيفرفر الإنسان، فا لازم تطنِّش مواقف الناس اللى مش فارقينلك عشان مش هنمشى نعاتب على نفسنا!! معادش فينا صحة يا بابا والله.. عاتب اللى فارقلك وبس...
- أصعب حاجة فى التطنيش أول خطوة؛ إنك تمثل إنه مش فارقلك وأنت بتغلى وبتتشوى من جوَّاك، عشان ده مش طبعك، بس أجمل ما فيه إن مرة فى التانية بتفرق، ومرة فى التانية بتتعوِّد عليه ، ولمَّا هتلاقى صحتك أحسن ووِّشك مورَّد هتقول على إيه الحَمقة اللى كنت بتحمقها زمان..
فى ناس كتير بتبدأ تطنِّش لمَّا بتمرض، فا بيبقى أهم وسائل علاجها تكبير الدِّماغ عشان أمراض المناعة كلها بتيجى من الحَقن جوانا والهارية والنَّكتة..
فا مش لازم نستنى لحدّ ما نمرض عشان نفوق لروحنا... جرِّب التطنيش وهتدعيلي، بس ادعيلى أنا بقى أعرف أنفذ الكلام الحلو اللى كتبته فوق عشان كلنا اتهرينا لحدِّ ما استوينا..
هيَّ جتْ عليَّا!
لمَّا الناس الوحشة بتتغير للأوحش مش بنتكلم..
بس لمَّا الشخص الطيب الغلبان بيتغيَّر حبَّة صغيرة بنجعجع وصوتنا يعلى ونحاسبه حساب الملكين إنه إزااااااى اتغير بالشكل الرهيب ده!!
يا ترى تفتكروا الناس بتعمل كده ليه؟ الناس الوِحشة.. المؤذية... بنتَّقى شرها فا بنسيبها تعمل ما بدالها وبنسكت على بلاويهم.. بنخاف من لسانهم.. من ردود أفعالهم؛ المهم فى الآخر إننا عملنالهم حساب!!
نيجى بقى للشخص الغلبان... المُحترم... اللى مش بتاع مشاكل.. بنراقب كل تصرفاته ونقعد نقارنها طول الوقت ببعض..
هو غلبان، بس زمان كان أغلب.. هو مش بتاع مشاكل، بس مش زى الأول! الناس اللى نفوسها نضيفة ما بتتحوِّلش لعفاريت فجأة، بس طبيعى يتأثروا بالناس المُحيطة وبالظروف... طبيعى بعد ما يلاقوا إن مفيش حدّ بيلتمسلهم الأعذار زيّ ما هم بيعملوا.. الحتة دى هتقلَّ عندهم..
لمَّا محدّش يراعى مشاعرهم طبيعى هيقللوا من احترامهم لمشاعر الغير...
لمَّا محدّش يهتم باللى بيضايقهم أكيد مش هيمشوا يطبطبوا على الناس!
طبيعى هيتغيروا عشان يدافعوا عن نفسهم وعن صحتهم البدنية والنفسية اللى ممكن تتأثر بردود أفعال البشر...
الخذلان بيغيَّر...
والوحدة بتغيَّر...
وكسرة النِفس بتغيَّر...
وقلة التقدير بتغيَّر...
الأيام نفسها بقسوتها بتغيَّر..
المواقف اللى عدَتها بطولك من غير ما مخلوق يسندك بتغيَّر...
حتى المواقف الحلوة اللى محدّش فكَّر يفرحلك فيها ولا حدّ اهتم بيها بتغيّر!
وزى ما إنتوا بتتغيروا والعالم كله بيتغير من حوالينا ما تحرموش حد من حقه فى حمايته لنفسه ونفسيته...
ده ربنا عز وجل خلق الحيوانات والنباتات وليها خصائص إن طبيعتها تتغير عشان تتأقلم مع ظروف الجو اللى حواليها أو عشان تهرب من عدوها وتحمى نفسها يبقى إزاى مش عايزين الإنسان يدافع عن نفسه هو كمان!
يعنى حدّ يلطشك بالقلم وييجى يحاسبك أنت اتغيرت ليه؟ ومبقتش بتاخده بالحضن ليه زى زمان؟!!
ده الكون كله قائم إن لكل فعل رد فعل!
بتيجوا على ردود أفعال غيركم وتستغربوها أوى وتنسوا أفعالكم اللى وصلتهم لكل ده!
لأ... ده كده اسمه جبروت!
الناس لو فضلت زى ما هى وما اتغيرتش هتتكيف إزاى مع تغير الناس السريع اللى حواليها؟!
ده إحنا كل يوم بنصحى بنلاقى قريب بعد وبعيد قرَّب، وناس قطعت وناس بتودّ!!!
ما هو الإنسان لو فضل زى ما هوَّ وكل الدنيا بتيجى عليه هيموت... ملوش حل تاني
مات الكلام..
شخصيتى إنى بحب أتكلم وأعبَّر عن مشاعرى بكل دقة... بحب أفضفض.. أرغى فى كل حاجةٍ... لكن فى لحظات بتجيلى بقرَّر فيها الصمت.. مش عشان أبقى غامضة كا نوع من التغيير أو نوع من أنواع التقل، ولكن لأن عند نقطة معينة أو بعد موقف صعب بتحس إن الكلام مش هيبقى ليه لازمة.. مش عشان مفيش حد هيسمعلك... ولا عشان اللى حواليك مقصّرين.. ولكن عشان مفيش حد «هيفهم» اللى جوَّاك..
اللى أنت نفسك بتجد صعوبة عشان تفهمه وتفسَّره..
اللى بسببه أنت مبقتش أنت ولا شخصيتك بقت هى هي.. وحتى ردود أفعالك مبقتش بعد الموقف ده متوقعة زى زمان...
الموضوع مش مكلكع، ولكن بكل بساطة عشان محدش عاش اللى أنت عيشته بالظبط ومفيش حد مشاعره زيك كربونة..
ولأن شخصياتنا مختلفة حتى لو بنتعرض لنفس الموقف بالمللي..
ولأن نفسياتنا وتعاملنا مع كل موقف بيختلف من حد للتاني...
إذا كان الأخوات بتختلف ردود أفعالهم عند التعامل مع نفس الموقف فا تخيل بقى إزاى المشاعر دى ملهاش أى كتالوج!
بعد المواقف القاسية هتتفاجئ إن طلع فى نوع جوَّانا من المشاعر محدِّش لسه اخترعله مُسمَّى..
لا هيَّ يأس ولا حزن ولا وجع ولا زهق ولا كسرة نفس ولا خذلان... خليط منهم هما كلهم بيتمكِّن مننا فى لحظات.... وتخيّل بقى لمَّا تحس بميكس من المشاعر اللى فاتت دى هيبقى إحساسك ساعتها عامل إزاي؟ وهتوصفه للى حواليك إزاي!
واكتشفت إن أكتر حاجة بتخلينا نقرّر السكوت لمّا اللى قدامك بيكون عايز تفسير منطقى لمشاعرك ولتحولك المزاجي.. عايز أسباب عقلانية وحسابية زى معادلة 1 +1=2.. مع إن المشاعر كتير بتكون غير خاضعة للمنطق ولا للثوابت ولا للمفروض..
أكتر حاجة بتخليك تنعزل وما تتكلمش لمّا اللى قدّامك بيكون عايز مشكلة بعينها عشان يلاقيلها حل.. عايز سبب واضح مش لخبطة كتير جوه بعض.. والأزمة بقى إن ساعات فعلًا ما بيكونش عندنا تفسير... ساعات بتكون تراكمات... أو هى فعلًا بتكون تراكمات.. بتكون ضريبة سكوت وكتمان وحبسة مشاعر جوّه نفسنا لفترات طويلة.. ساعات السبب بيكون إننا اتعافينا على نفسنا وعملنا فيها الجامدين أوى فى وقت صعب، وكان الطبيعى نكون فيه منهارين فا انفجرنا وطرشقنا على أهون سبب بعدها.. فا اللى حوالينا مش فاهمين إيه الهبل ده! يعنى إحنا عدِّينا الصعب وجايين نقف على الهايفة!! بيقولوا كده عشان هما مفهموش إننا مخدناش حقنا فى التعافى من الصعب عشان نعرف نكبر دماغنا من الهايف!
اكتشفت إن تفسير المشاعر بيزعلنى أكتر من قسوة المشاعر نفسها اللى بمرّ بيها وساعتها بيكون يا أفسرّ وأشرح وأبرر يا أسكت فا بختار السكوت.. لأن مش بيكون فيا حيل ساعتها أشرح إحساسي.. عشان غالبًا محدّش هيفهمه برضه..
ثقوا إن سكوت الناس فى أوقات بيكون غصب عنهم.. طريقة منهم لعدم تكدير الناس المحيطة، وده غالبًا بيتفهم غلط.. بيتفهم إنه حب فى النكد مع إن مفيش حد بيحب ينكد على نفسه مهما كان نكدي.. فا ياريت ما تصعبوهاش علينا أكتر ما هيّ أصلًا صعبة.. عشان ساعات بيكون بجد (مات الكلام) من كتر الوجع اللى جوَّانا.. وبيموت أكتر لمَّا مبنلاقيش حد فاهم إحنا حاسين بإيه واللا بنعدى بإيه...