استنساخ وحش في أفغانستان.. مزيد من الحركات المسلحة والحروب الأهلية.. والمآسي 

خاطر عبادة
خاطر عبادة

 

بقلم: خاطر عبادة

خرجت عناصر طالبان، من مخبأها بعد سنوات هاربين، مختبئين بين الجبال، وبين مراوغة للطائرات الأمريكية بدون طيار، وآخرون فى السجون.. خروج من الظلام إلى القصور، لا يعرفون شيئا عن الحكم ولا يخططون من تلقاء أنفسهم.. بعد أن تهيأ لهم الدور تماما من قبل المحتل؛ كأنه إخراج مسرحى صنع فى هوليوود، كما بدا تجهيزا لوحش جديد.. يا ترى ماذا يخبئ الساحر للعالم؟ 

وصول حركة مسلحة تبدو بدائية ومرتزقة ومتطرفة لسدة الحكم أمر هزلى لا يستند إلى عقل أو منطق حتى لو أصبح أمر واقع.. ولا يخدم سوى أجندات إقليمية أسندت لهم هذا الدور لغرض ما .. قريبا ما ستكشفها تطورات الوضع فى منطقة بعيدة مليئة بالتوترات، والتى توفر بيئة خصبة للتطرف وحمل السلاح. 

أظهرت اللقطات الأولى بعد انهيار الحكومة وسيطرة طالبان على الحكم حالة الذعر بين المواطنين و فرار عشرات آلاف اللاجئين خوفا من الحركة المتطرفة وعقلية السلاح ومخاوف الحرب الأهلية مستقبلا، وأزمات إنسانية جديدة وسط تقاعس عالمى عن استقبال اللاجئين..


نكسة جديدة يعيشها بلد إسلامى بعد انهيار حكومة وجيش تم تدريبه وتنظيمه من قبل أمريكا لينهار فى أيام قليلة بعد انسحاب الأخيرة.. لذا فإن سبب انهيار الدول هو أن تترك أمر تنظيم جيشها لقيادة خارجية أو محتلة وليس قيادة وطنية.

ويأتى هذا بعد 20 عاما وقبل أيام على ذكرى هجمات 11 سبتمبر 2001، التى تبناها تنظيم القاعدة بأفغانستان إبان حكم حركة طالبان حيث كانت تحكم منذ عام 1996حتى 2001.. وأدت الهجمات لتواجد عسكرى أمريكى طويل المدى بذلك البلد الإسلامى النائى وغزو العراق فى 2003.. اليوم عادت طالبان بعد أيام قليلة من انسحاب أمريكا..

ما الجديد فى مسرحية هزلية قديمة و محاولة لاستنساخ الماضى بطريقة ما.. فقد أثارت الهجمات ضد برجي التجارة العالمية فى نيويورك نظريات المؤامرة حول اللعبة الأمريكية التقليدية وحبها لرعاية جماعات إسلامية مسلحة واستغلالها أسوأ استغلال.. وحينها قال آخرون إن واشنطن تدفع ثمن الدعم العسكرى لتنظيم القاعدة ضد التواجد السوفيتي فى أفغانستان

إن أكثر من عانى من هذه الجماعات الوحشية المسيرة عن بعد هم الشعوب المسلمة.. عادة ما يحركها صانعها ضد من يريد.. أو لإحداث فتنة وحروب أهلية ثم تنهار الدول

ما الجديد إذن فى صعود حركة تنتمى لفصيل مسلح بعد ان احترقت وانكشفت أوراقهم أمام بلدان العالم أجمع.. سوى.. توفير ملجأ و مأوى لجماعات متطرفة و أيديولوجيات عقيمة لا تعرف سوى لغة السلاح والمال بعد انتهاء دورهم فى الشرق الأوسط بتخريب الدول و إفساد العقول.

أما الأمر الثانى: عبر استغلال تلك الحركات فى صراعات إقليمية مع دول مجاورة، قد تكون لها خلافات مذهبية مع تلك التنظيمات مثل إيران أو دول لها عداءات قديمة، وقد تكون لهم نوايا أخطر باستنساخ صراعات الشرق الأوسط فى منطقة جديدة من وحى سقوط عدة أنظمة خلال ما يسمى بثورات الربيع العربى، والتى تحولت إلى جحيم وصراع مذهبى إقليمي.


وبالتالى فقد يؤرق صعود طالبان للحكم دولا مجاورة أبرزها إيران وباكستان التى تضم فصيلا لها هناك.. فضلا عن تصدير أزمات إنسانية وفرار المزيد من اللاجئين خوفا من حكم طالبان.

أما السيناريو الثالث.. (مزيد من الجماعات المسلحة وإمكانية حرب أهلية)

كما أن صعود طالبان سيؤدى لعودة ظهور حركات أخرى مسلحة إلى المشهد لتنافسها على الحكم، وبالتالى تقع أفغانستان فى دوامة الحروب الأهلية.. كما حدث فى بلدان أخرى عربية.. وهذا هو السيناريو الأقرب.. مزيد من المآسي الإنسانية  

وقبل يومين.. قتل جندي في اشتباكات بين قوات حرس الحدود الباكستانية مع عناصر مسلحة في منطقة على خط التماس الحدودي بين باكستان وأفغانستان.. في وقت تشهد فيه الحدود الأفغانية-الباكستانية المزيد من حالة الترقب والحذر بعد صعود طالبان المسلحة.

-أتعجب من ترديد مؤيدو الإخوان للرواية الرسمية الأمريكية التى بررتها إدارة جوزيف بايدن للانسحاب من أفغانستان، وهى "أن إدارة أمريكا لا يمكنها الاستمرار فى حرب طويلة استمرت 20 عاما و أنفقت أكثر من تريليون دولار".. لكن أفغانستان لم تكن بالنسبة لأمريكا سوى كنز ومطمع ومعادن فى باطن الأرض، ومغامرة تستحق العناء..

كما ظهرت بيانات أخرى سلبية من بريطانيا وفرنسا تتحدث عن تغيير مأمول فى سلوك حركة طالبان وحقوق المرأة وعدم تهديد القوات الأجنبية، لكنها لم تذكر شيئا عن انقلاب طالبان على الحكم أو التاريخ الدموي لحركة مسلحة ومصنفة دوليا بالإرهاب.

أفعال واشنطن وسلبية وبرود العالم الغربى إزاء صعود طالبان أثارت صدمة الجميع بمن فيهم روسيا والصين.. 

وأعربت روسيا عن دهشتها من رد الفعل العالمى الذى وصفته بالصادم بعد تخلى أمريكا عن رعايتها لحكومة الرئيس الهارب أشرف غنى.. و دعت الصين لعدم استخدام أفغانستان ميدانا لمعركة جيوسياسية.

اقرأ ايضا| حدود آمنة