معان ثورية

نورانية الوجه غير مكروبة

محمد الحداد
محمد الحداد

كشفت لى ذات فضفضة عن عشقها وحبها الشديد لله سبحانه وتعالى/.. كنت وقتها متأبطاً ذراعها فى حرص شديد وهى تقول يا ابنى متخافش.. فقبضت على كفها بحنو الابن لأمه .. فقد كانت سوزان هانم المرصفى رحمها الله، فى مرتبة أمى وتزيد.. ويمر اليوم عام كامل على رحيلها.  
كنت اضحك معها كثيراً واقول سنذهب إلى الجنة يا سوزى فى موكب نورانى ونحن نرتل الصلوات على حبيبنا محمد، صلى الله عليه وسلم/ .. فتبكى وتضحك متسائلة: وهل سنراه.. فأرد قائلاً لها: سينتظرنا على الصراط ونحن نجرى متلهفين لنسلم عليه وهو الذى يقف على الجانب الأخر من الصراط متلهفاً رؤوفاً رحيماً قائلاً: «يارب سلم سلم»  
كانت سوزى مرهفة المشاعر، صادقة نقية متصدقة، رحيمة القلب قريبة الدمع، وبها رهافة فى الإحساس مع حزم وحسم شديد، فهى الأم القوية التي  تخاف على ابنتها الوحيدة وحفيدتها الوحيدة أيضا. 
أيقنت وأحست أنه حان وقت الرحيل، وأصرت على استقبال موكب المحبة الذى سينقلها مع المصطفين الأخيار الذين يتوفاهم الله فى أزمنة مقدسة على هيئة معينة .. في أيام الله الحرم .... فآثرت الصيام، واستعدت للرحيل .. خفيفة من اعباء الدنيا  وزخرفها وطعامها وشرابها رغم حرصها الشديد على إطعامنا والإصرار على أن تقدم أشهى ما لذ وطاب مما نحبه من يديها .. ولا انسى جلستها الأخيرة معنا على السفرة لتتأكد اننا سنتناول الطعام، وتعلن لنا فى حزم وحسم أنها أكلت ما يكفيها وستصوم حتى النهاية .. وقتها لم نكن نعى أو ندرك أو نعرف أنها ترى ما لا نرى، وكأن ملائكة الرحمة يستعجلونها فى الرحيل، فتركتنا فى فجر الجمعة من أيام الله الحرم، لتلقى بارئها خفيفة معززة مكرمة مبتسمة وضيئة الوجه نورانية الطلة غير مكروبة مستقبلة لحياة برزخية جديدة، وكأنها ترى مقعدها من الجنة إن شاء الله.
اللهم اغفر لها وارحمها وأكرم نزلها، فقد كانت تحبك وتحب نبيك وتبكى من حبها وخشيتها منك.. اغفر يارب واصفح يارب وتقبلها عندك يارب.