رفعت الجلسة | قتلني ابنى.. وظلمنى زوجي

قتلت ابنى
قتلت ابنى

 رجاء يا بنى .. توقف لا تنطقها، لا تكن خنجراً يطعنى من الخلف، تذكر أننى أمك، تلك السيدة التى كانت تسهر بجوارك عند مرضك، تحزن لحزنك، وتفرح لفرحك.


 اتوسل إليك يا بنى، أن يتوقف لسانك عن ترديدها، ليس هذا بيت شعر تحفظه، بل إنها كلمات تهدم ذلك الجسد الذى يحدثك، تخرسه طوال حياته، تكسره أمام الناس، وتطعنه فى شرفه، لذلك كن بعيداً عن مشاكلى مع والدك، والزم الصمت، ما ستقوله، سيجعلنى أكتب شهادة وفاتك اليوم.
 

عذراً سيدى القاضى، ليس هكذا تحل الأمور، هذا فلذة كبدى، يعيش منذ انفصالنا مع والده، تطبع بطبعه، وأشبعه هدايا ومزايا، ذلك الأمر لا يعنينى، بل أخشى على ذلك الصغير من تلك الشهادة التى لا يعلم توابعها، ولا يفهم مضمونها، أنا أعلم أنه قد تم تلقينه من والده، لكن عندما يكبر ويدرك حقيقة ما فعله، وقتها من يعالجه نفسياً، من يقول له الحقيقة عندما يكتشف أنه قتل أمه بخناجر لسانه.


لن أقبل سيدى القاضى أن يطعننى ابنى فى شرفى، يجب أن تسمح لى بسماع شهادته، أنا أعرف ذلك الفتى جيداً، هو لا يدرك شيئاً عن هذه الأمور، اتقن والده مفاتيح رضاه فمنحه شخصية العطاء بمقابل.


اتركنى معه ولو لدقيقة سيدى القاضى، أشرح له مخاطر ما يقوله، أنا أم، ولست عاهرة، جسدى يحمل شرف ومصيرعائلة، ليس بكلمة من طفل يلهو تهدم حياتى، وأفقد أبنائى طوال عمرى. 


لم يستمع القاضى إلى توسلات الأم، طلب منها أن تغادر قاعة محكمة الأسرة بمدينة نصر، حتى لا تؤثر على شهادة  الصغير، لكنه وافق على بقاء والدتها، لتكون شاهدة على ما سيقوله ذلك الفتى.


خرجت الأم، ودموعها قد سيطرت على ملامح  وجهها، كانت تسير بخطوات بطيئة، لكن عينيها  تراقب ذلك الابن، وكأنها تودعه، أرادت أن تلقى عليه النظرة الأخيرة، فسبب إحضاره إلى القاعة تعلمه جيداً، لكنها كانت تتناساه لقساوته.. وبشاعة نتائجه. 


 نادى القاضى على الفتى، تفحصه بعينيه جيداً، أدرك من إنصاته فى القاعة مدى إلمامه بالقضية ومضمون شهادته.


 سأله: هل تعرف سبب وجودك فى المحكمة؟


الابن: نعم أنا هنا للشهادة فى قضية أبى ضد هذه السيدة.


القاضي: وهل تلك السيدة ليست والدتك؟


الابن : كانت.. واليوم ليس لى إلا أبى؟


القاضى: اذا .. سأقرأ عليك مضمون القضية؟


الابن: أعلم مضمونها.. وجاهز للشهادة؟


القاضى : بم ستشهد؟


الابن: أشهد أن هذه السيدة كانت تتحدث تليفونياً مع أغراب فى الوقت الذى كان أبى فى الشغل.


القاضي: وهل سمعتها بأذنيك؟


الابن: نعم .. وكانت  تتحدث معهم فى أمور غير أخلاقية.


القاضى : لديك أقوال أخرى. 


الابن : نعم هذه السيدة كانت تقوم بتصوير نفسها وإرسال الصور إلى الأشخاص الذين تتحدث معهم عبر الهاتف. 


القاضى : شكراً ..رفعت الجلسة.


كان القاضى يريد أن يخبر ذلك الفتى أن والده أقام هذه القضية ليتهم والدته بارتكاب جريمة الزنا الصوتى، إلا أنه أدرك أن عقل الطفل لن يستوعب هذا الحديث، لذلك قرر إخبار والدة الزوجة بمضمون القضية، لكن عندما أدار بعينيه نحوها، وجدها تبكى، امراة عجوز غير قادرة على الحركة، كانت تكتفى عند سماع حفيدها يطعن فى شرف ابنتها بالإشارة بأصبعها للتعبير عن خطأه وكذبه، هى تعلم ابنتها جيدا، لكنها غير مصدقة لما رأته بعينها فى القاعة.


خرجت العجوز وهى تتكئ على عكازها، وكان قد سبقها الابن بالخروج من المحكمة وسط حماية من والده. 


لم تتمالك العجوز نفسها، عندما شاهدت دموع ابنتها، سقطت مغشية عليها على الأرض، نجحت الزوجة فى إفاقتها، ثم غادرا معا وسط غزارة من دموع، كانت كافية لتنظيف الطريق أمامهما من الأوجاع التى رأيناها فى قاعة المحكمة.


تداولت القضية جلسات وجلسات، دافعت الأم عن نفسها، قدمت كل المستندات والأدلة التى تثبت التلاعب فى صوتها، اتهمت زوجها بزرع كاميرات فى المنزل وتصويرها وقت تواجدها فى غرفة  النوم.


أخبرت القاضى أنها قدمت بلاغاً ضد زوجها عندما اكتشف نجلها الذى شهد ضدها اليوم، وجود فيديوهات خاصة لها على هاتف والده، قدمت تقريراً من خبير يتضمن أماكن الكاميرات التى زرعها  الزوج فى البيت، وشهادة من المحكمة تفيد إدانة زوجها فى قضية إلكترونية تضمنت تلاعب فى برامج وفيديوهات.


اقتنع القاضى بمستندات وأدلة الأم، ناقش الجميع فى شهادتهم حتى الأقارب .. لينتهى إلى إصدار حكم ببراءة الزوجة من تهمة الزنا الصوتى، لتبدأ الأم مرحلة جديدة فى البحث عن حضانة مشروطة لأبنائها الثلاث.


 قصة هذه الزوجة كانت حديث الجميع داخل قاعة محكمة الأسرة بمدينة نصر، ليست أماً عادية بل محامية مدافعة عن حقوق المرأة، قررت أن تناضل من أجل أن تحصل على حقها، وتثبت براءتها فى قضية كادت تودى بشرف عائلتها إلى الهاوية، بسبب ابنها الذى لايعرف جرم ما ارتكبه. 


حياتها مع زوجها لم تكن سعيدة، فهو يكبرها بـ 15 عاماً، تعرف عليها من والدتها التى كانت مديرته فى العمل، تزوجها بمحافظة القليوبية، رغم أنها كانت تسكن فى أرقى مناطق مصر الجديدة.


عاشت الزوجة معه 16 عاماً قهر وعذاب ومعايرة، حتى تطاول عليها، قام بضربها وإهانتها، استولى على شقة الزوجية، وتركها لاحول لها ولاقوة.


 لم تتحمل الزوجة  قهر ذلك الزوج، طلبت الطلاق، على أمل أن تتخلص من هذا الكابوس وتحصل على حضانة أولادها.


لكن ما حدث أصابها بالصدمة، استغل زوجها  الحكم الأولى بحبسها عام فى قضية الزنا الصوتى والذى تم إلغاؤه بعدها بحكم نهائى، وقام برفع دعوى حضانة لأولاده، حصل على حكم من المحكمة، ثم قدمت الزوجة حكم البراءة فى قضية الزنا، حصلت هى كذلك على حكم حضانة ثم استئناف نهائى، لكن الزوج حصل بعدها مباشرة على حكم نهائى بحضانة أولاده.


تقول الزوجة « كيف يصدر حكم حضانة لصالح زوجى بعد حصولى على حكم حضانة نهائى، بأى منطق هذا، وأى قانون يسمح بذلك؟


وتضيف «أنا أحترم القضاء المصرى، وليس أمامى سوى المستشارعمر مروان وزير العدل، والمستشار حمادة الصاوى النائب العام، أريد أن أعرض عليهما تواريخ الأحكام، والتمس لهما مما حدث معى، فليس لى ملجأ سوى الله وهما.  


وتضيف أنا أموت يومياً، 4 سنوات لم أر أولادى ولا أعرف أين يعيشون مع والدهم،.. اتخطف  بعينى صورهم من على حسابات مواقع التواصل الاجتماعى، ابنتى روزين الصغرى لم يتجاوزعمرها  9 سنوات، أتساءل كيف يربيها والدها، لماذا لا أكون أنا أو تنتقل الحضانة لوالدتى كما ينص القانون؟


أما بشأن ابنى الأكبر الذى انتهك شرفى بخنجر كلماته، فلا حاجة لى فيه، لقد كتبت شهادة وفاته منذ أول يوم التقيت به فى المحكمة.