شجون جامعية

التجربةُ الأمريكية

حسام محمود  فهمى
حسام محمود فهمى

‏حسام محمود  فهمى

ليس مقالاً سياسيًا إلا أننى بدأتُ من الآخر. ‏اِنسحبَت أمريكا من أفغانستان بعد أن أنفَقَت على مدارِ عشرين عاما مئات المليارات من الدولارات وخسرَت آلاف الأرواح، ‏وفى طرفةِ عينٍ وانتباهتِها سقَطت أفغانستان بمنتهى السهولةِ فى يدِ طالبان، ‏وكأن أبو زيد الأمريكانى ما غزا، وما راح  ولا جاء. ‏فشلَت الاِستخباراتُ والتحليلاتُ والتوقعاتُ وأصبحَت مصداقيةُ السياسةِ الأمريكيةِ مثارَ سخريةٍ فى داخلِهم قبل الخارجِ.


 ‏إذن أمريكا تُخطئ وليست قدوةً فى كل ما يأتى عنها، ‏لكن عندنا من يرون أنفسَهم أهلَ تنويرٍ ويتهمون بالتخلفِ من يرفضُ تَمَحُكَهم فيما هو أمريكى وعمومًا فيما هو غرب.

أتكلمُ عن التعليمِ باعتبارِه ممارسةً لها خصوصيتُها فى كلَ مجتمعٍ ودولةٍ. هناك من يُرَوِِجون لتطويرِ التعليمِ بالنقلِ الأجوفِ عن أمريكا والغربِ ويُزايدون.

فالتابلت ليس الكلَ فى الكلِ إذا وُجِدَ فى دولةٍ، لا غنىً عن الكتاب ورائحةِ الورقِ التى تفتحَ شهيةَ القراءةِ. كذلك، لا يمكن أن تكونَ الاختباراتُ كلُها بنظامِ الاختياراتِ المتعددةِ سواء فى المدارسِ أو الجامعاتِ؛ أين التعبيرُ كتابةً والتصميمُ؟ أتصورُ اِندثارَ مهنةِ الكتابةِ وموهبةِ الأدبِ والصحافةِ والمحاماةِ، لن يكونَ هناك تصميمٌ هندسيٌ ولا ابتكارُ.

أيضًا، نظامُ الدراسةِ بالساعاتِ المعتمدةِ يصلحُ فقط للأعدادِ القليلةِ من الطلابِ وهو ما لا يُلائمُ جامعاتِنا ذات الأعدادِ الكبيرةِ. أما الشراكاتُ مع الجامعاتِ الأجنبيةِ فهو شعارٌ أجوف لأنه ما منها جامعةٌ مُدرجةٌ فى قائمةِ الجامعاتِ المرموقةِ.

وإذا كان شعارُ تعلم فى مصر كأنك تتعلمُ فى البلدِ الغربى الفلانى الجامدِ حقيقةً، فهل تُطمَسُ الهويةُ المصريةُ ويتمُ تغييرُ اللوائحِ بلا رقابةٍ على مستوى من يقومُ به وعلى مدى ملاءمةِ ما يُطرحُ للسوقِ المصرى؟؟ هل بهذه البساطةِ يُسلَمُ التعليمُ؟ وإلى اِحصاءاتُ ترتيبِ الجامعاتِ، فهى المغالطةُ فى موضعِ الجَدِ، هناك من جعلوا تلك الإحصاءاتِ الغربيةِ فى معظمِها سَبوبتَهم للترويجِ المُخادعِ لجامعةٍ أو مؤتمرٍ أو مجلةٍ.


 مئات المُتعلقين بعجلاتِ الطائراتِ فى مطارِ كابول صورةٌ مأساويةٌ للسقوطُ الأمريكى فى أفغانستان، هو سقوطٌ لنمطِ فكرٍعنجهيٍ مُتعالٍ أنانى، لكن هناك من يربطون اِستمراريتَهم بالتعلقِ به.


أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس