تحذير من تزايد آثار التغيرات المناخية

لهيب الحر يشعل دول المتوسط

لهيب الحر يشعل دول المتوسط
لهيب الحر يشعل دول المتوسط

ندى البدوى

تحذيرات العلماء لسنواتٍ طويلة من الآثار الكارثية لظاهرة تغير المُناخ، أصبحت واقعًا ملموسًا يشهده العالم، مع تفاقم تداعيات الظاهرة التى تزداد حدتها يومًا بعد يوم، حيث ارتفعت درجات الحرارة فى مناطق المتوسط وجنوب وشرق أوروبا إلى مستويات قياسية، لتتسبب فى اشتعال مساحات شاسعة من الغابات والمنتجعات السياحية فى عدّة دول تجتاحها الحرائق منذ الأسبوع الماضي، فيما شهدت مصر وشمال أفريقيا موجة حر غير مسبوقة لامتداد منخفض الهند الموسمى الذى يؤثر بشكل كبير فى درجات الحرارة ونسب الرطوبة.

وتشير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المُناخ  IPCC فى مسودّة تقييمها المُقرر نشره رسميًا العام المقبل، إلى أن منطقة المتوسط تُعد «مركز التغير المناخى»، لما يُتوَّقع أن تشهده من ارتفاع مطّرد فى درجات الحرارة بوتيرة أسرع من معدل التزايد العالمي، وأشار التقييم إلى المخاطر المناخية التى تواجه سكان المنطقة البالغ عددهم نصف المليار، والتى تتمثل بالأساس فى الجفاف وحرائق الغابات وارتفاع منسوب سطح البحر والفيضانات وتغير دورة المياه، فضلاً عن المخاطر الصحية وتهديد الإنتاج الزراعى والأمن الغذائي، وغيرها من المخاطر المترتبة على الاحترار العالمى وارتفاع درجة حرارة الكوكب.
الحرائق الهائلة التى شهدتها دول المتوسط وجنوب أوروبا، خلال الأيام الماضية، وصفتها وكالة الفضاء الأوروبية بأنها «الأسوأ منذ عقود»، حيث تخطت درجة الحرارة فى بعض المناطق 50 درجة مئوية، وتسببت النيران فى تدمير مئات الآلاف من أفدنة الغابات والمحميات الطبيعية فى اليونان وتركيا وإيطاليا وبلغاريا، دفعت السلطات المحلية بهذه البلدان إلى إجلاء السكان والسائحين من عشرات القرى والمنتجعات السياحية، مع تكثيف محاولات إخماد الحرائق التى خلّفت خسائر بشرية ومادية. كما أوضح بيان لمعهد الأرصاد الجوية الدنماركى أن الغطاء الجليدى لجرينلاند تعرض لمعدلات ذوبان قياسية خلال موجة الحر الأخيرة، حيث يفقد الغطاء الجليدى حوالى 8 مليارات طن من الجليد يوميًا.


وتوضح الدكتورة إيمان شاكر، وكيل مركز الاستشعار عن بعد بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن موجة الحر الشديدة التى تشهدها المنطقة تعود بالأساس إلى التغيرات المناخية التى تؤثر فى العالم بأسره، ونجد فى مصر أن هذا الصيف هو الأشد حرارة مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية، رصدنا ارتفاعًا ملحوظَا فى درجات الحرارة بسبب تزايد تأثير منخفض الهند الموسمى الذى يمتد على الجزيرة العربية ودول البحر المتوسط، حيث وصلت درجة الحرارة العظمى على القاهرة 43 درجة مئوية، بينما لم يتعدَ متوسط درجات حرارة العاصمة خلال العام الماضى 37 درجة، غير أن الارتفاع الكبير فى نسبة الرطوبة يزيد أيضًا من درجة الحرارة المحسوسة.


تتابع: هذا الطقس الحار يستلزم من المواطنين الحذر الشديد، لتجنب مخاطر الإجهاد الحرارى وضربة الشمس خاصة لفئات الأطفال وكبار السن، لذا نطلق دائمًا توصياتنا عبر وسائل الإعلام بأهمية عدم التعرض المباشر لأشعة الشمس وتجنب التواجد فى الأماكن سيئة التهوية، مع ضرورة ارتداء غطاء للرأس حال الاضطرار إلى الخروج من المنزل، والإكثار من شرب المياه والسوائل على مدار اليوم.


ويشير الدكتور صابر عثمان، خبير التغيرات المناخية والتنمية المستدامة، إلى أن الموجات الحرارية المتزايدة تعد من نوبات الطقس الجامحة، التى تدق ناقوس الخطر ليتنبه العالم إلى خطر التغيرات المناخية التى تستدعى التكاتف لخفض الانبعاثات المتسببة فى ظاهرة الاحتباس الحرارى، للأسف حدث تغيُّر فى ميزان الطاقة داخل الكرة الأرضية، ما ينتج عنه تطرف فى الظروف الجوية بجميع الفصول، هذا التطرف يتبدى فى تكرارية الظواهر الجوية وشدتها، فنجد زيادة فى موجات الحر والجفاف، واختلالاً فى أوقات وكميّات هطول الأمطار المسببة للفيضانات والسيول، مثلما تعرّض عدد من دول أوروبا مؤخرًا لفيضانات مدمرة، فضلاً عن حرائق الغابات التى تحدث نتيجة الجفاف الشديد، المؤدى إلى الاشتعال الذاتى للحشائش ويمتد للأشجار. وتصعب السيطرة على هذه الحرائق، لأنها تقع فى أكثر من مكان وتهيئ الحرارة الظروف لانتشارها.


يضيف: تأثيرات التغيرات المناخية متفاوتة وتختلف حسب الموقع الجغرافى للدول، فكل دولة لها خصائص مرتبطة بخطوط الطول ودوائر العرض، وتحذِّر الدراسات العلمية من خطورتها منذ فترة طويلة، وهناك جهود دولية يبذلها بعض الدول والهيئات للحد من تغيُّر المناخ ومواجهة آثاره، لكنها لا تترجم لتحركات واضحة تُحدث تغييرًا ملموسًا فى العمل المناخى على مستوى العالم.