سيدة القصر.. متحف المجوهرات يستعرض حكاية زينب هانم فهمي 

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

 

استعرض متحف المجوهرات الملكية حكاية زينب هانم فهمي، سيدة القصر الذي أقيم فيه متحف المجوهرات. 

حيث في بقعة راقية بالقرب من شاطئ جليم بالإسكندرية وعلى مساحة ٤١٨٥ مترًا مربعًا يطل علينا من وسط حديقة غنّاء قصر رشيق يعود بنا إلى أوائل القرن الماضي، حيث الهدوء والذوق الرفيع، وإن كنتم ممن يجيدون الإصغاء لصدى التاريخ فإنكم ستستشعرون أصوات أمراء وأميرات الأسرة العلوية وهم يستعرضون مقتنياتهم الثمينة التي تحكي لنا عن أيام أمجادهم الخالدة من داخل أروقته  فما قصة هذا القصر؟ ولمن يعود ؟ ومن هي سيدة هذا القصر؟

 

 قامت السيدة زينب هانم فهمي بتشييد هذا القصر عام ١٩١٩ وهي أخت المعماري علي فهمي الذي صمّم هذا القصر هو والمهندس المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك الذي كان وقتها المهندس الأكبر للسرايات الخديوية بمرسوم من الخديو والذي أنشأ محطة قطارات سيدي جابر ومحطة الرمل آنذاك وهو نفسه من قام ببناء قصر الطاهرة ومجموعة من مباني وسط البلد مثل الفرع الرئيسي لبنك مصر والعمارات الخديوية والمبنى القديم لوزارة الخارجية المصرية بميدان التحرير . 

 

 ولكن القدر لم يمهل السيدة زينب فهمي لإتمام تشييد القصر فأكملت بناءه من بعدها ابنتها الأميرة فاطمة الزهراء ذات الثمانية عشر ربيعاً وأضافت إليه جناحاً شرقيًا عبارة عن قصر صغير بحري للإقامة الصيفية وربطت بين القصرين بممر تحيط به أبواب من الزجاج المعشق الملون غاية في الروعة ، فسمّي القصر بإسم فاطمة الزهراء سليلة الأسرة العلوية ابنة الأمير علي حيدر بن الأمير أحمد رشدي بن مصطفى بهجت فاضل باشا بن ابراهيم باشا بن محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة ، أي أن محمد علي هو جدّها الخامس .

 

  ولدت فاطمة الزهراء في القاهرة بحي باب اللوق عام ١٩٠٣ ، فاطمة حيدر هو الإسم الرسمي الذي اعتمدته لنفسها لذلك نجد الحرفين FH على مواضع كثيرة من القصر والمقتنيات الخاصة بها ، تزوجت الأميرة فاطمة من محمد فايق يكن عام ١٩٢٧ ورزقت منه بثلاثة أبناء هم : فاضل و فايز وفايزة . كان والدها الأمير علي حيدر كثير السفر يهوى الشعر والأدب ، وحصل على جائزة من فرنسا عن ترجمته لجزء من القرآن إلى اللغة الفرنسية.

 

 ظلّ القصر مقراً لإقامتها هي وزوجها وأبنائها الثلاثة حتى قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ حين تمت مصادرة القصر بعدها وقدر ثمنه وقت ذاك بمائة ألف جنيه ، كما قدرت ثروتها كاملة والمكونة من قصر زيزينيا وفيلا في الهرم ومدرسة في مغاغة وأثاث وتحف وقطعة أرض ب ١٦٩ ألف جنيه . سمح لها مجلس قيادة الثورة وقتها بالإقامة في القصر بقية حياتها دون أحقيتها في التصرف في ممتلكاتها ويذكر حفيدها محمد يكن أنه بالرغم من ذلك فقد كانت حريصة كل الحرص على محتوياته وكأنها تحافظ على تاريخها وذكرياتها . وقد أقامت فيه اثنى عشر عاماً بعد الثورة حتى سلمته عام ١٩٦٤ للحكومة المصرية ليستخدم كقصر لرئاسة الجمهورية. 

انتقلت بعدها إلى القاهرة لتعيش في شقة على النيل وعاشت هناك لمدة عشرين عاماً حتى وفاتها عام١٩٨٣ عن عمر يناهز ٨٠ عام .

 

 تحول القصر إلى متحف يضم مجوهرات عائلة محمد علي بقرار جمهوري صدر عام ١٩٨٦، لكن لقربه من البحر كانت عوامل التعرية قد بدأت في التأثير على جدرانه وزخارفه بالرطوبة حيناً و بالأمطار أحياناً، فقرر المجلس الأعلى للآثار آنذاك عمل ترميم وتطوير شامل للمتحف. 

 

 ويمكنكم عند زيارتكم لمتحف المجوهرات مشاهدة صورة لسيدة القصر ووالدتها ووالدها مع أولى خطواتكم داخل بهو المدخل الخاص بالجناح الشرقي للقصر  

 

 وحتى يومنا هذا يقف القصر شامخاً يحمل بين جنباته ذكريات وأسرار الأميرة الراحلة فاطمة الزهراء ويرحب بزائريه في حضرة السيرة العطرة لسيدة القصر