لماذا تعددت جرائم السرقة وخطف الأطفال؟.. رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق يجيب

 المستشار بشير عبدالعال
المستشار بشير عبدالعال

شهد الأسبوع الماضى حوادث قتل واختطاف لأطفال فى عدد من المحافظات، بعضهم وجدت جثته ملقاة فى الزراعات، والبعض الآخر، مازال مختفياً، ناهيك عن قيام النيابة العامة بإحالة متهمين جدد إلى الجنايات فى وقائع خطف واتجار بالبشر وسرقة الأعضاء. 


المستشار بشير عبدالعال رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق حلل أسباب جرائم خطف الأطفال وسرقة الأعضاء، من واقع خبرته القضائية، وقراءته المتأنية لمثل هذه الحوادث، حيث قدم حلولاً عاجلة لردع المتهمين وكيفية العمل على محاصرة جرائم الخطف والاتجار بالأعضاء.

 

جرائم خطف الأطفال والإتجار بالأعضاء البشرية ليست ظاهرة كما يحاول البعض تصويرها على هذا الأساس، وإلا شهدنا كل يوم ما بين 10 إلى 11 جريمة، فهذه الجرائم موجودة منذ زمن، لكن سبب انتشارها خلال هذه الفترة له أسبابه التى يجب أن نتحدث عنها منها الأساس الدينى، وغياب الإيمان الذى أصبح غير موجود لدى كثير من المتهمين فى هذه القضايا، فهم لا يراعون حرمة جسد، أو الحفاظ على النفس البشرية، ويكون هدفهم الربح فقط.


اعتقد أن جرائم الاتجار بالبشر منتشرة بشكل كبير فى القاهرة عكس الأرياف، وهناك عصابات تتزعم مافيا سرقة الأعضاء، وقد تكون عمليات الخطف المنتشرة أكثر وسيلة تلجأ إليها العصابات بعد محاصرتهم.


خلال رئاستى دائرة الجنايات بالقاهرة، كانت آخر القضايا التى نظرتها متعلقة بالاتجار فى البشر، يتزعمها سماسرة  بأحد المستشفيات، وكان الجميع يعملون فى عصابة واحدة، فهم يجلسون على المقاهى التى يجلس عليها العمالة اليومية ممن يعملون بالأجرة، ويبدأون فى رسم خيوط الجريمة عليهم لاستقطابهم، فيتحدثون بصوت مرتفع على المقهى عن شخص ما، ساعدوه للسفر للخارج، وأنه يحصل الآن على 20 ألف جنيه فى  الشهر، بجانب السكن والأكل والشرب، ويستغلون شغف من ضاقت بهم سبل العيش  للسفر، وبعد موافقة الشخص للسفر حسب الإغراءات التى سمعها منهم على القهوة، يطلبون منه إجراء بعض الفحوصات فى مستشفى بعينه لا داعى لذكر اسمه، بعد أيام يعانى الشخص من مضاعفات فى الكلى، ويكتشف بالأشعة أنه تمت سرقة أعضائه ،ليبدأ فى الاتجاه للقضاء.


أما بشأن جرائم خطف الأطفال، فأنا أتذكر عام 1976 كنت وقتها وكيلاً للنيابة، وأخطرتنى الشرطة بحادثة  اختطاف طفل عمره 3 سنوات، وكانت قصة اكتشاف جثة الطفل غريبة، فقد تبين أن جدة الطفل كانت تبحث عنه فى منازل القرية، وعند مرورها على بيت جارتها، اشتمت رائحة، توقفت، ثم أخبرت قريباً لها أن حفيدها فى هذا المنزل وتم إخطار الشرطة والتى حضرت إلى المنزل، حيث تبين أن جارتهم هى من خطفت الطفل وقامت بخنقه، ثم أوقدت الفرن البلدى وأدخلت جثة الطفل بداخله، ومعروف أن النار العادية لا تأكل الميت، حيث انتفخت الجثة وقتها وأمرت بإزالة الفرن، وتم استخراج الجثة، وبسؤال المتهمة كشفت عن أنها قامت بالجريمة انتقاماً من أم الطفل، التى كان تعايرها بعلاقاتها السيئة مع رجال القرية، فقررت حرق قلبها على ابنها .. وهذه الواقعة  تؤكد أن الخطف قد يكون بسبب الانتقام أحياناً وليس من أجل الأموال.


اعتقد أن قانون العقوبات يتضمن مواد رادعة كافية، ولسنا فى حاجة إلى تغليظ للعقوبات، كما أن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية أسهمت فى سرعة الفصل فى هذه القضايا، خاصة أن محكمة النقض تفصل من أول مرة فى الطعون، بجانب حق المحكمة فى تحديد شهود الإثبات أو الاستغناء عنهم حسب رؤية المحكمة.


الحلول للسيطرة على هذه الجرائم  من وجهة نظرى ليست قانونية، اعتقد أن الأزهر يجب أن يكون له دور، فى توعية المواطنين بخطورة مثل هذه الجرائم ،وكذلك الإعلام أيضاً يجب أن يسهم فى التوعية والتحذير بنشر صور الأطفال المختطفين، وكذلك المجرمون والمصير الذى ينتظرهم.