فرفيش كده | صلاح أنتيكا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

صلاح موظف ثلاثينى «حاله على القد»  فحياته ماشية بتساهيل ربنا لأن لغة الحسابات مع راتبه الممشوق أو النحيف، كيفما تحب أن تصفه، دائما ما تكون نتيجتها «Error» لأنها بكل بساطة عملية غير مقبولة حسابيا ولا منطقيا ايضا فالمواءمة بين احتياجات أسرته ودخله الشهرى من ضرب الخيال لا تستحيل إلى واقع إلا من خلال السلف من أصدقائه وأقاربه، فوظيفته الحكومية «يادوب» تكفيه أكل وشرب هو ومراته وولاده الاتنين، لذلك تعددت محاولات صلاح للخروج من وضعه البائس وانتهت جميعها بدوام الحال من المحال فلم يستمر فى عمله كسائق تاكسى بعدما اكتشف أن التاكسى مسروق. فغير وجهته إلى عالم جديد فرض نفسه ليحقق حلمه فى الشهرة والثراء وبحث هذه المرة داخل صندوق أغانى المهرجانات الشعبية لعله يجد ضالته ويلعب الزهر معه.


 فأغانى المهرجانات تخترق أذنى صلاح على مدار الساعات الأربع والعشرين من اليوم فهى تلاحقه فى «الميكروباصات» و»التكاتك» وفى البيت والعمل واحيانا تقفز إليه داخل أبعد الأماكن المريحة، وكلما طلت أمامه أخبار يقرأ عن ملايين الجنيهات التى يجنيها مغنو المهرجانات ومشاهد السيارات الفارهة التى يقتنيها هؤلاء يسرح خياله ليتصور نفسه فناناً حطم « الأخصام» بمزيج من مزيكا «الهبد والرزع» وكلمات «الدحر والدهس» ليعتلى عرش المهرجانات ويعلن عن مولد الفنان صلاح بيكا وهو الاسم الفنى الذى كافأ نفسه به عندما يتحقق مراده.


بدأ صلاح فى وضع خطته التى ستوصله إلى عالم الشهرة والمال وهو التعويض الوحيد الذى يراه عن حالته المادية المنهكة التى يعيشها كموظف وراح يقنع أقاربه وأصدقاءه الذين يجالسهم على القهوة بضرورة دعمه ماديا ومعنويا ليرد لهم الجميل حينما يصبح نجما ولم تسلم زوجته فوزية من تطلعات صلاح الفنية، التى لا تناسب شخصيته ولا مؤهلاته فهو قليل الكلام لا يجيد الغناء حتى وهو فى «بيت الراحة» يتلقى زخات مياه الدش على جسده النحيل، وأقنعها ببيع ما تحتكم عليه من «صيغة»، تمكن من تجهيز غرفة صغيرة فى إحدى شقق أصدقائه بالمعدات لتصبح استديو يحضر فيها أغانيه وانطلاقته فى عالم فن المهرجانات الشعبية، وتبقى أمام صلاح مشكلة أخيرة لتكتمل منظومته فى «الكار» الجديد وهى البحث عمن يكتب له كلمات المهرجان ومن يلحن ويوزع له «التراكات».


 انطلق صاحبنا صلاح فى رحلته التى نصحه المقربون له وأصدقاؤه بألا يلحق بها إلا أنه أصر واستعان بابن خالته «مكرونة» الذى كان لا يفوته تجمع للمهووسين بهذا العالم من الأغانى ليوصله بمن يمنحه كلمات و»تراك» جديد ليضعه على سلم المجد،  ولكن صلاح لم يعجبه الاتفاق مع الأشخاص الذين أحضرهم ابن خالته وبدأ يبحث بنفسه على «السوشيال مديا» ليتواصل فى النهاية مع شخص يتصدر حسابه صور و«تراكات» قدمها صاحب الحساب لأشهر مغنى المهرجانات ويتابع الحساب ملايين الأشخاص ويعرف نفسه على أنه مؤلف وموزع شهير لهذه الأغانى ليتفق مع صلاح على تجهيز أغنية «تكسر الدنيا» ليرتفع حماس وأدرينالين صاحبنا مقابل أن يقوم صاحبنا بتحويل 25  الف جنيه لصاحب الحساب، تردد صلاح فى البداية لأنه لا يعرف هذا الشخص ولم يقابله حتى وكذلك لأن هذا المبلغ هو كل ما استطاع تحصيله من بيع ذهب زوجته وسلف المقربين له الذين وعدهم برد المبلغ ومكسب كبير إضافى وبعد أيام من التفكير حول صلاح المبلغ للشخص الذى أبلغه بالانتظار 48 ساعة ليرسل له «التراك» والكلمات، مر اليومان ولم يسمع صلاح من المؤلف اتصالا هاتفيا واحدا بعدما كان قد أغلق حسابه الذى كان يتواصل من خلاله حتى إن موبايل هذا الشخص أصبح خارج الخدمة ليجد صلاح نفسه قد وقع ضحية عملية نصب تتبخر معها رحلة «صلاح بيكا» ويبدأ رحلة البحث عن النصاب وملاحقته بعد أن جعله «أنتيكا» و»مسخرة» أصدقائه والعارفيين بحكايته.