بدون تردد

الجو.. والمتغيرات المناخية (٣)

محمد بركات
محمد بركات

لم تعد المتغيرات المناخية شديدة الوقع والأثر سراً خافياً على عموم الناس، ولا لغزاً مقصوراً فى مكنونه ومعلومه على الخاصة من علماء المناخ، والباحثين فى علوم وأحوال الطقس والأرصاد الجوية فقط،...، بل أصبحت من الحقائق والوقائع المتاحة للجميع، فى ظل ما يعانيه عامة البشر فى كل مكان على سطح الأرض الآن من حدة وشدة هذه المتغيرات وتلك التقلبات.
ولعل فى الحرارة الشديدة واللافحة التى تواصل انبعاثها وهبوبها على دول عديدة، فى الشمال الأفريقى والشرق الأوسط ومنطقة الخليج، وكذلك النيران المشتعلة فى اليونان وتركيا وقبرص وأمريكا وأستراليا وروسيا وإيطاليا، دليل معلن وواضح وملموس على مدى انتشار وشيوع وذيوع هذه المتغيرات فى العالم كله وليس عندنا فقط.
وبهذا لم نعد نستطيع القول بأن الطقس فى بلدنا مازال كما كنا نعرفه فى السابق، «حار جاف صيفاً.. بارد ممطر شتاء»،..، حيث إنه فى واقعه وحقيقته شديد التقلب صيفاً وشتاء، ما بين شدة الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة فى الصيف إلى البرد القارص فى الشتاء بصورة غير معتادة.
وأحسب أن ذلك أصبح معلوماً ومؤكداً فى ظل ما نراه ماثلاً أمام أعيننا الآن، من موجات حر مستمرة وغير مألوفة فى أجزاء كثيرة من كرتنا الأرضية.. وعندنا بالطبع، ومارأيناه وعشناه من تقلب حاد فى الشتاء الماضى وما قبله.
وفى هذا الإطار أحسب أن الضرورة تقتضى أن نتعامل بكل الجدية مع هذه المتغيرات التى طرأت علينا،..، والجدية التى أعنيها هنا، هى أن نتعامل بالأسلوب والمنهج العلمى الذى يجب أن يسود فى عصرنا هذا، الذى هو عصر العلم بكل تأكيد.
وهذا يتطلب المبادرة بصورة فورية بتشكيل مجموعة علمية متخصصة، لدراسة هذه المتغيرات وتحديد آثارها وانعكاساتها على المناطق والمحافظات المختلفة، ابتداء من الارتفاع أو الانخفاض فى درجات الحرارة، وتحديد أو توقع حجم وكمية الأمطار ومناطق نزولها، وكذلك أخطار السيول ومساراتها، وأيضا احتمالات الجفاف والتصحر وغير ذلك،..، فهل نفعل ذلك؟!