قراء أصبحوا مشاهير.. «الأبنودي يشكو من النوم بدري»

عبدالرحمن الأبنودي - أرشيفية
عبدالرحمن الأبنودي - أرشيفية

اللباد طالب المطرية يرسم محمد نجيب بالحبر الشيني 

فهمي عبدالحميد تلميذ على صفحات نادي الرسامين 

بهجت عثمان أحمد طالب يرسل نكتة دمها خفيف


تتحرك بوصلة الموهبة فى سن مبكرة دافعة صاحبها إلى الاختيار الصحيح أو تدفعه ظروفه الخارجية والأسرية إلى اختيار طريق يسير فيه ويظل داخله دافع قوي نحو الموهبة حتى وهو يسير عكس الاتجاه، فالإنسان الموهوب هو الوحيد القادر على السباحة ضد التيار وهو الوحيد الذي ينجح عكس قوانين الطبيعة وكم من مشاهير اختير لهم طريق ولكن كان لهم رأي آخر.

 

وتدفعني المطالعة المستمرة للجرائد والمجلات القديمة التي احتفظ بالعديد منها للبحث عن القراء الذىن يراسلون المجلة وأين هم الآن؟ البعض منهم كان صاحب موهبة حقيقية ولكن يبدو أن غبار الحياة قادر على طمس معالمها فتذهب مع روتينية الوضع الوظيفي وتختفي تماماً ويكتفي صاحبها ببعض البقايا منها يترحم بها علي الأيام أو الحظ وكلها شماعات يعلق عليها الأسباب.

 

والبعض منهم وهم قليل استطاع بإيمان حقيقي السير في الاتجاه واختار الموهبة ودفع كل الظروف حتى ينال ما يتمناه.. ففي مجلة «سندباد» التي صدرت في يناىر 1952 برئاسة تحرير محمد سعيد العريان تحديداً بالعدد الرابع للسنة الثانية وعلى الصفحة الرابعة باب بعنوان جريدة الندوة «رمز المحبة والتعاون والنشاط» وهو الباب الخاص برسائل القراء يرسل طالب ثانوي بمدرسة المطرية صورة مرسومة بالقلم الحبر الشيني «للواء محمد نجيب» بمناسبة اجتماع مؤتمر ندوات سندباد بالقاهرة فى الساعة الخامسة مساء الاثنين الموافق 19 يناىر 1953.

 

أما صاحب التوقيع أسفل الرسم فهو الطالب محيي الدين موسى اللباد هو نفسه بعد ذلك الفنان الكبير اللباد واحد من أهم جيل الرواد في الكاريكاتير وصناعة الكتب وأهم رسامي الأطفال بالمجلة نفسها وصاحب العديد من الجوائز في مجال صناعة الكتب العربية والدولية للأطفال.

 

اقرأ أيضًا| زمن الأجداد| «البعكوكة» مجلة بدون محررين.. وصل توزيعها 160 ألف نسخة

 

وعلى صفحات مجلة السندباد ومن أصدقاء المراسلة بالصفحة الثانية بالعدد الخامس لسنة 1953 وتحت اسم فكاهات يرسل الطالب بهجت  عثمان أحمد بمدرسة كفر الدوار الثانوية بنكتة دمها خفيف.. هذا القاريء هو الفنان الكبير بهجت صاحب أشهر كتب الكاريكاتير السياسي «الديكتاتورية للمبتدئين - بهجاتوس - حكومة وأهالي» وواحد من جيل الرواد فن الكاريكاتير الذين أسهموا في تأصيل مدرسة الكاريكاتير الحديث.

 

ويلاحظ في نفس العدد من مجلة السندباد رسالة يقول صاحبها: «يستولى على النوم عند الساعة السابعة فماذا أفعل لأقاوم النوم واستطيع السهر بعد ذلك» ويرد عليه محرر باب «استشيرونى» أحد أهم الأبواب بمجلة السندباد بضرورة تنظيم ساعات النوم بشرط ألا تقل ساعات نومك عن ثماني ساعات فى كل يوم أما صاحب المشكلة فهو الطالب عبدالرحمن الأبنودي بمدرسة قنا الثانوية وهو الاسم الأشهر والأهم بعد ذلك في كتابة الشعر».

 

وعند صدور مجلة صباح الخير في يناير 1956 اهتمت بأن يكون بها أبواب لاكتشاف المواهب ومن أهم هذه الأبواب نادى الرسامين ومنه تخرجت أهم الريشات الكاريكاتيرية على الساحة وتلاحظ فى العدد 94 لسنة 1957 رسالة من القارىء فهمي عبدالحميد تحمل بعض الرسومات ويرد عليه محرر الباب «كاريكاتيرك عن القمر الروسي ينقصه العناية في الرسم».

 

ويبدو أن القارىء فهمي عبدالحميد قد أخذ بالنصيحة وداوم على التمرىن حتى أصبح أهم صانع للرسوم المتحركة والإخراج بعد ذلك وهو الإيمان الداخلي بالموهبة والقدرة الحقيقية على المثابرة ومن نفس باب نادي الرسامين فى العدد 170 الخميس 9 أبريل 1959 رسوم كاريكاتير بسيطة تحمل توقيع الطالب «نبيل السلمى» ولكنها خطوط رغم البساطة الواضحة بها إلا أنها تدل على نمو مبكر لموهبة وتأكد ذلك بعد احتراف صانعها ليصبح واحداً من أهم صناع الكاريكاتير الصامت فى مصر والعالم وانجز أهم الكتب فى الكاريكاتير الصامت مثل «الاشتعال السريع».

 

وعلى نفس صفحات المجلة أصحاب ريشات أخرى أكثر نضجاً ولكنهم لم يملكوا الإيمان الدائم بالموهبة ولم يستمروا فتركوا القلم وراحوا مع الحياة يصارعون أشياء أبعدتهم عن موهبتهم الحقيقية واكتفى كل منهم بقصاصة ورق مطبوع عليها إبداعه وذكرى كانت.