الفنان جمال عبدالناصر: السـينما فـى أزمــة

الفنان جمال عبدالناصر: السـينما فـى أزمــة
الفنان جمال عبدالناصر: السـينما فـى أزمــة

كتب: رضا الشناوى

الفنان جمال عبدالناصر، أحد رواد فن الأداء الطبيعى، نجح فى تقديم العديد من الأدوار بإبداع كبير، فأثبت أنه فنان له حضور متميز يتفاعل مع الجمهور، يعترف أنه يهوى المغامرة بشرط أن تكون محسوبة وتضيف إليه ولا تنتقص منه، لذا نجده يقف فى مكانة رفيعة وسط بريق الأضواء ويبحث عن متسع جديد لحضوره الفنى، خاصة أنه استطاع أن يسجل نجاحا كبيرا على درب الفن بتلقائيته وأدائه المتميز.


* ألم تخش من ظهورك فى «المداح» و«الطاووس» بأن يوثر أحدهما على الآخر؟
ـ يهمنى أن أكون جديدا فى كل الأدوار التى أطل بها على الجمهور.. وألا أكرر نفسى والعملان مختلفان ودورى فى كل منهما لا يشبه الآخر.. والتركيبة مختلفة أيضاـ وفى البداية أحب أن أوضح أن المخرج رؤوف عبدالعزيز رشحنى للمشاركة فى تقديم دور المستشار حسام شرف الدين رجل العدل والشرف والنزاهة الذى يتخطى حدود مشكلة ما يفعله شباب ضائع فى قلب المجتمع ويناقش من خلالها أبعاد هذه المشكلة وطرق تربية الشباب وعائلاتهم التى تركت لهم الحبل على الغارب، ويستمر حسام شرف الدين فى إدراكه لمعنى الحق والعدل واقفا فى الدفاع عن حق المظلوم.. والنيل من الظالم.. وبالنسبة للمداح فقد اختارنى المخرج أحمد سمير فرج وكنت سعيدا للغاية منذ قراءتى لأول سطر فى السيناريو الخاص بشخصية الحاج غالب صاحب النفوذ الذى تميز بالطمع والبحث عن المال لدرجة مخاطرته بحياته من أجل التنقيب عن الآثار.. وهذه الشخصية تركت أثرا كبيرا فى ترتيب الأحداث بعد وفاته بشكل مثير وأؤكد أنى كنت مختلفا وبشكل جذرى فى العملين وأعتبرهما من المحطات المتميزة فى مشوارى الفني.
 

 

* ما سر تحمسك لتقديم الشخصيتين؟
ـ الشخصيتان مركبتان ـ أى من النمط الذى أفضله فى أعمالى والأحداث التى تمر بها كلتا الشخصيتين كثيرة ففى «الطاووس» ستجد نموذجا واقعيا، جدا يمكن أن تصادفه فى حياتك حول إنسان استطاع أن يغرس مبادئ العلم والعدل فى تربية ابنه ـ ولكنه صدم من معرفة حقيقة تورطه مع أصدقاء السوء ـ ولكن التفاصيل تختلف بعد معاناته من فقدان ابنه وفى ذات الوقت نجح بثبات رجل القضاء المؤمن بالله والعدل فى الذهاب بحزنه لمنطقة بعيدة ميزانها العقل والحكمة مشيرا فى حديثه لابنه بعد وفاته أن من يخطئ يدفع الثمن كما أنه كأب سيدفع هذا الثمن بعد رحيله.. وبالنسبة لدور الحاج غالب فهى شخصية ثرية الأحداث وأيضا نموذج لإنسان مصرى لديه من التيمات الدرامية الكثير وكنت لا أفكر مطلقا فى تقديم هذه الشخصية أبدا.. ولم يخطر ببالى تقديمها.. ولكن عندما عرض علىّ تقديمها لم أتردد وخاصة أن السيناريو مكتوب بحرفية شديدة ـ كما روعى فيه تقديم كل الأحداث دون تجميل أو تشويه.


*‬ من الواضح أن لك معايير فى اختيار أدوارك؟
ـ المرحلة الأولى الإعجاب بالعمل.. والثانية بالدور والثالثة قراءة العمل ككل عدة مرات وبعدها أعيش داخل نسيج الشخصية التى سأقدمها بعيدا عن وصف المؤلف ولكن بطريقتى الخاصة فى دراسة كل شيء هذا بجانب تعايشى مع تدرج المراحل فى شخصياتى الفنية.. وأراعى دائما أن يخاطب النص ومضمونه الفكر والعاطفة لأنى أومن بأن الفن رسالة ثقافية لابد أن تغنى قلب الإنسان وعقله ـ ثم يأتى دور بحثى عن المخرج المكلف لأنه عنصر هام فى العمل الفنى وأراعى الاتجاهات والانتماءات السياسية للعمل.. ولأن الدراما هاجس وإدمانى اليومى فلا يهمنى حجم الدور أو مساحته بقدر ما يهمنى تقديم رسالة فنية جيدة.
 

 

* ما الخيط الرفيع الذى يربط بين أعمالك؟
ـ المصداقية فى الأداء واختيار العمل الذى يحترم عقلية المشاهد من خلال قاسم زمانى ومكانى لمجتمعنا يحمل واقعا ثقافيا وأخلاقيا محترما.
وبالنسبة لأعمالى أراعى فيها تنوع الكتابات واختراق موضوعات جديدة تمس حياة وقضايا المواطن المصرى، ولا أخفى إضافتى للخيط السابق خيطا واحدا يربط بين أعمالى خصوصا الأخيرة وهو الحديث عن علاقتنا بالمجتمع من حولنا وكيف نراه وكيف ينظرون إلينا فى ظل غوصنا للعمل معه..
 

 

* ماذا عن البطولة المطلقة فى مشوارك الفني؟
ـ هناك من يقول إن البطولة المطلقة هى التى تصنع أو تحقق النجومية لكنى لا أؤيد ذلك.. وأؤكد أنه من أهم طموحاتى السعى عادة نحو الدور المهم المميز والذى يعيش لسنوات طويلة ـ وبالتالى يحقق الشهرة والنجومية ـ ولا أخفى سرا أن الناس ينادوننى باسمى فى المسلسلات، وكانوا يتطرقون بالسؤال لمعرفة ماذا ستفعل الشخصيتان فى خط سير الأحداث.. ومازالت لدىّ أحلام كثيرة فى العمل مع نجوم ونجمات أعتقد أنى سأضيف لهم وسيضيفون لى خاصة أن ذلك سيتيح الفرصة للمنافسة والإبداع مع ممثلين أقوياء والفائز والمستمتع فى النهاية هو الجمهور.
 

 

* هل تعتبر أن هدفك فى الحياة تحقق بعدما حققت نجوميتك وشهرتك؟
ـ أحمد الله على كل ماقدمت ونلت من نجومية وشهرة.. وقد يكون الجزء الأهم تحقق أيضا وهو اكتساب الثقافة الفنية مع كل دور قدمته ومع هذا أعتبر نفسى مازلت فى بداية الطريق.. أنهل وأتعلم من تجارب الفنانين والنجوم الكبار زملائى خصوصا الذين قدموا فى رسالتهم الفنية أعمالا هادفة محترمة تسكن القلوب ويحترمها عقل المشاهد.. وتسكن وجدانيات الناس.
 

 

* ولماذا إصرارك على رفض تغيير اسمك؟
ـ وهل يعقل أن أغير اسمي.. لتشابهه مع اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. فبداية هذا شرف لي.. لأنى أكن له كل التقدير والاحترام وخصوصا مسيرته التاريخية فى خدمة الوطن مصر.. وثانيا رفضى نابع من اعتزازى وتقديرى لاسمي.. كما أود القول إن اسمى هو الذى سبب لى شهرة واسعة وكان محل تقدير اختيارات المخرج لى فى تقديم العديد من الأدوار التي حققت نجاحا باهرا لفتت أنظار الجميع.


* ما سر خصامك للسينما؟
ـ قدمت مجموعة أفلام جيدة، ولدى مشروعات سينمائية جديدة لم يتم قراءتها.. وهذا أيضا لا يقلقنى لأن السينما حاليا فى أزمة.. وأعتقد أنها تكمن فى غياب الموضوعات الجادة والإمكانيات ووجود المنتج الواعى والمخرج الفاهم للإقدام على تقديم سينما جادة.. وإذا توافرت ستعود السينما إلى سابق عهدها.. ولو كان هناك دور جيد يعيدنى للسينما سأنتظره على الباب.
 

 

* قدمت أعمالا دينية وتاريخية، ألا ترى أن تقديمها يحتاج إلى طاقة إضافية من الممثل؟
ـ أنا أعشق تقديم الأدوار الدينية أو التاريخية، وكل دور قدمته مختلف تماما عن الآخر حيث هناك فارق كبير فى الجوهر مع الاتفاق أن جميعها أنماط من نسيج الحياة، فكل شخصية تحمل ثراء دراميا استطعت من التيمات الدرامية أن ألعب على الروح وخيال الشخصية بشكل جيد يمتع المشاهدين، وأؤكد أنه يجب أن يكون لديك مواصفات معينة لتقترب من الصدق بتقديمها إضافة إلى المخزون الداخلى والنفسى والثقافى لدى الممثل الذى يؤهله للاندماج مع الشخصية التى يؤديها بعفوية من روحه بعيدا عن التقليد والتقمص.
 

 

* وما سر ابتعادك عن المسرح؟
ـ لا يوجد فنان حقيقى يمكن أن يبتعد عن المسرح (أبوالفنون) فمتعة التمثيل والتواصل المباشر بين الممثل وجمهوره والحصول على رد الفعل فى نفس اللحظة متعة لا تضاهيها أى متعة أخرى وأنا قدمت أعمالا كثيرة على مسرح الجامعة ومسرح الدولة، ولم أفكر يوما فى الابتعاد عنه ولكن ظروف انشغالى بالتمثيل فى التلفزيون والسينما هى السبب الأول فى ابتعادى عن المسرح، ولو توفر أيضا نص جيد ومتميز سأعود للمسرح.. وأتمنى أن يكون على المسرح القومي.
 

 

* حصلت على جوائز كثيرة عن أعمالك من النقاد والجمهور.. فهل يعنيك الشكل الرسمى للجوائز؟
ـ بالطبع لأن الشكل الرسمى للجائزة يكمل الشكل الشعبى الذى يمنحه الجمهور ولكن دائما أرى نظرة عين أى مشاهد يلتقى بى فى الشارع ويهنئنى على دور فى عمل لا تساويه أى جائزة مهما كانت.. فأجمل شيء عند الفنان هو الجائزة التى تأتى من الجمهور.. وأحمد الله إننى أخذت جوائز على أغلب الأعمال التلفزيونية والسينمائية من الجمهور والنقاد.. وكنت محتاجا أن أسمع من يقول لى بالنقد إننى أسير فى الطريق الصحيح.. وأنا كفنان تربيت على يد نقاد المسرح والسينما.. لى رأى فى هذه النقطة ـ وهى إننى أطالب النقاد دائما بأن يكونوا جزءا من عملية الإبداع وليسوا عملية لاحقة على الإبداع يقولون رأيهم بعد العرض فقط.
 

 

* هل توافق الرأى الذى يؤكد أن الممثلين الجدد فشلوا فى الوصول لمرحلة الجماهيرية؟
ـ أعتقد أن هذا الرأى فيه بعض الظلم للجيل الجديد.. فقدموا ما هو مطلوب منهم ولكن المشكلة أن النجومية بمفهومها المتداول اختفت من المجتمع كله، كما اختفت صفات أخرى لها نفس البريق كالفروسية والبطولة الفردية ثم لم يعد لدينا النجم فى كل المجالات الصحافة والطب والفن التشكيلى وغيره.. وقد يكون السبب وراء عدم لمعان الممثلين الجدد هو تعدد قنوات التوصيل الفنى بين التلفزيون والمسرح والسينما والفيديو، وربما يكون السبب أيضا.. اختفاء المنتج المكتشف الذى يجيد صناعة النجوم أو الأدوار البطولية التى تتيح فرصة اللمعان.