بعد إنقاذ الرئيس سعيد البلاد من نظام الإخوان الفاسد

شمس المستقبل تشرق فى سماء تونس

الشعب التونسى فى الشوارع لتأييد الرئيس قيس سعيد
الشعب التونسى فى الشوارع لتأييد الرئيس قيس سعيد

كتبت: دينا توفيق

منذ بداية العام الحالي، اندلعت الاحتجاجات فى الشارع التونسى للمطالبة بإسقاط النظام السياسى فى البلاد وحركة النهضة الإخوانية، التى تعد أبرز دعائمه، ومع استياء عميق من توقيف محتجين تونسيين، وسوء أوضاعهم الاجتماعية ببلد ينهكه أداء حكومى واهن منذ عقد من الزمن وظهور تقارير عن أعمال نهب، اشتعلت المظاهرات مجددًا. وفى 25 يوليو الماضي، وفى الذكرى الـ46 لعيد الجمهورية التونسية، اتخذ الرئيس التونسى «قيس سعيد» إجراءات جذرية لإحلال «السلام» فى البلاد و«إنقاذ الدولة» من نظام سياسى يعانى من الفساد وإخفاق فى التعامل مع الأزمات الاقتصادية والصحية الحالية التى تواجه البلاد.. قرارات سعيد يإقالة الحكومة وتعليق عمل البرلمان، وضعت البلاد أمام لحظة مفصلية وفى أكبر اختبار منذ ثورة 2011.


استند الرئيس سعيد إلى المادة 80 من الدستور التونسي، التى تمنح الرئيس سلطات معززة فى حالات الطوارئ، لإقالة رئيس الوزراء ووزير الداخلية المؤقت «هشام المشيشي» بمرسوم رئاسي، الذى اتسمت فترة ولايته التى استمرت قرابة عام بالشلل مع تزايد الاستقطاب فى البلاد، وكذلك وزيرى الدفاع والعدل، بالإضافة إلى تجميد أعمال البرلمان برئاسة «راشد الغنوشي» لمدة ثلاثين يومًا، التى تشكل أغلبيته حركة النهضة التونسية؛ ما يعنى رفع الحصانة وتقديمهم للمحاكمة. وتحت إطار القانون ووفقًا للدستور، اتخذ الرئيس التونسى الإجراءات اللازمة لوقف أى «خطر وشيك يهدد سلامة البلاد ومؤسساتها واستقلالها ويعيق السير المنتظم للسلطات العامة»، تولى سعيد صلاحيات كاملة ورئاسة السلطة التنفيذية. وفى خطاب تم بثه علنًا، قال إنه سيعين رئيس وزراء جديد فى غضون الثلاثين يومًا القادمة، وهو الموعد النهائى الذى أعلن عنه الرئيس التونسى أنه يمكن تمديده حتى «يستقر الوضع». 
وبعد تلك الإجراءات الاستثنائية استجاب المجتمع الدولى لها، وحملت معظم ردود الفعل مؤشرات إيجابية لدعم سعيد، وامتد الدعم الدولى لتونس بإرسال مساعدات طبية لمواجهة أزمة فيروس كوفيد-19 التى تضرب البلاد منذ أسابيع. 
ودعا معظم الفاعلين الدوليين إلى الهدوء، حيث أجرى وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكين» اتصالًا هاتفيًا مع سعيد لبحث تطورات الأوضاع فى تونس داعيًا إياه إلى «الحفاظ على حوار مفتوح مع جميع الفاعلين السياسيين والشعب التونسي»، وفقًا لما ذكره بيان الخارجية الأمريكية، فيما حث الاتحاد الأوروبى الأطراف السياسية فى تونس على تجنب الانزلاق إلى العنف حفاظًا على استقرار البلاد، كما دعا رئيس البرلمان الأوروبى، ديفيد ساسولي، «جميع الأطراف فى تونس إلى استعادة النظام واستئناف الحوار، وفى تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، أشار إلى أن تركيز جميع الإجراءات السياسية يجب أن تكون من أجل محاربة الوباء ومصالح الشعب. 
وأعرب وزير الخارجية الإيطالى، دى مايو، عن اعتقاده بأن الأحزاب السياسية التونسية يمكن أن تتغلب على الأزمة السياسية الحالية، وأكد المسئولون الأوروبيون على استعدادهم لدعم تونس فى تحركها الديمقراطى لضمان إرساء دولة القانون، وقال المتحدث باسم الكرملين، دميترى بيسكوف، إن روسيا تراقب التطورات فى تونس، وتأمل ألا يهدد أى شيء استقرار وأمن الشعب التونسى.
 من ناحية أخرى، حثت باريس على العودة، فى أقرب وقت ممكن، إلى الأداء الطبيعى للحكومة فى تونس، ودعت وزارة الخارجية الفرنسية جميع القوى السياسية فى البلاد إلى تجنب أى شكل من أشكال العنف والحفاظ على مكاسب البلاد الديمقراطية.
ويرى الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن، ويل تودمان، أن استطلاعات الرأى تؤكد أن سعيد هو السياسى الأكثر شعبية فى البلاد، ونزول الشعب التونسى إلى الشوارع للاحتفال بقراراته مرحبين بها يؤكد ذلك الأمر، كما أن وعده بتعيين رئيس وزراء قريبًا يُنظر إليه على أنه مستقل وشرعى وشعبى، لذا ستكون تحركاته شرعية. 
ووفقًا لموقع «عين أوروبية على التطرف»، يشير المدافعون عن حركة النهضة إلى أن الوباء وعمليات الإغلاق كانت السبب الرئيسى لتدهور الأوضاع فى البلاد فى السعى إلى تبرئة الحزب، إلا أن الكارثة الاقتصادية التى قادها حزب النهضة بدأت منذ عام 2018، حتى أن بعض الإسلاميين أنفسهم اشتكوا من الحالة المروعة لنظام الرعاية الصحية، وانعدام العدالة، إلى جانب تهريب الأسلحة والعملات الأجنبية من قبل الجهاديين، ولكن الحقيقة تبقى أن حزب النهضة كان له تأثير مهيمن على الدولة ومؤسساتها فى هذا الوقت العصيب ولم ينجح فى معالجة الأزمات.
الأحداث الجارية فى تونس لم تنته بعد، وفقًا لمجلة «الإيكونوميست» البريطانية، حيث يجب على الديمقراطيات الغربية أن تقدم دعمها لتونس دولة وشعبًا، وعلى مدى العقد الماضى، لم تفعل دول مثل أمريكا وفرنسا سوى القليل نسبيًا لإبقاء الديمقراطية على المسار الصحيح. ولكن فى نهاية المطاف، تقع مسئولية إصلاح تونس على عاتق قادتها؛ هناك حاجة إلى إصلاحات مؤلمة لتقليص العجز الكبير وجذب الاستثمار. لقد أهدر السياسيون عقدًا من خلال اتخاذهم أنصاف الإجراءات. إن التونسيين محقون فى غضبهم، لكن ينبغى أن يتمسكوا بالديمقراطية.