العالم بين يديك| بعد تقدم طالبان.. مخاوف أوروبية من أزمة هجرة أفغانية

عدد من الافغانيات فى مكتب استخراج بطاقات سفر للخروج من كابول
عدد من الافغانيات فى مكتب استخراج بطاقات سفر للخروج من كابول

سميحة شتا

 

مع تزايد سيطرة حركة طالبان على الأراضى الأفغانية، يتدفق مئات اللاجئين الأفغان يومياً إلى تركيا مرورًا عبر إيران، ولا تزال حركة «طالبان» تتقدم فى أجزاء متفرقة، وتهدد المدن الرئيسية فى أفغانستان قبل الموعد النهائى الذى حدده الرئيس الأمريكي، جو بايدن، فى 31 أغسطس المقبل، لسحب كافة القوات الأمريكية من البلاد.

يشكل استمرار وصول اللاجئين تحدياً خطيراً بالنسبة لتركيا، كما أنهم سيشكلون هاجساً مرعباً لأوروبا التى تعجز عن السيطرة على الهجرة غير الشرعية، وفى ظل استضافة تركيا ملايين اللاجئين بالفعل، تواجه سياسة الحكومة الخاصة باللاجئين معضلة مع بدء توافد اللاجئين الأفغان.

ويعتقد مسئولون ومراقبون أن أعداد اللاجئين الأفغان الذين يدخلون تركيا تقدر بما بين 500 وألفى شخص يوميًا، وهو رقم منخفض نسبيًا مقارنة بحركات الهجرة الجماعية التى شهدتها تركيا فى الماضي.

وكانت تركيا بمثابة العازل للاجئين عن الوصول لأوروبا، قبل توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبى فى عام 2016 لوقف تدفق المهاجرين، ويستعد القادة الأوروبيون للتفاوض مع تركيا على اتفاق آخر متعدد السنوات للحد من الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، وتحسين الظروف المعيشية للاجئين فى تركيا، وتعزيز الهجرة القانونية من خلال خطط إعادة التوطين الرسمية..

وكان قد وصل أكثر من مليون شخص بين عامى 2015 و2016، معظمهم من السوريين والعراقيين والأفغان، إلى أوروبا هرباً من الحرب والفقر.

ورغم ان الحكومة التركية أدارت بشكل ما تدفق اللاجئين سواء الأفغان أو العراقيين أو السوريين خدمة لمصالحها ولفرض مزيد من الضغوط على الجانب الأوروبى الذى تحدث عن إمكانية تحديث اتفاق اللجوء مع الأتراك إلا أن الوضع الاقتصادى الداخلى لا يتحمل استقبال المزيد.

من جهة أخرى تبذل تركيا جهودًا من أجل التحول إلى رقم مهم فى الترتيبات السياسية والأمنية التى يجرى العمل على إعادة صياغتها فى أفغانستان خلال المرحلة القادمة، حيث سعت تركيا للتدخل فى الشأن الأفغانى عبر إعلانها تأمين مطار كابول تنفيذًا لرغبة أمريكية فى هذا الجانب.

ورغم تحذيرات قدمتها طالبان لتركيا بأنها ستكون جزءًا من القوات المحتلة لأفغانستان إذا أصرت على نهجها إلا أن الحكومة التركية لا تزال مصرة على المواقف التى اتخذتها فى إطار خدمة مصالحها.

ووصفت حركة طالبان، فى بيان لها، الخطوة التركية بـ «المقيتة والمتهورة وتمثل انتهاكاً لسيادتنا ووحدة أراضينا وضد مصالحنا الوطنية».. ولكن لا يزال هناك الكثير من التفاصيل غير المعروفة أو على الأقل غير المعلنة عنها بعد فى الصفقة التى يجرى التفاوض عليها بين تركيا والولايات المتحدة. وكانت تركيا قد بادرت إلى وضع ورقة الخدمة العسكرية على الطاولة بعرض مغر قدّمته لبايدن، عبر استعدادها لإرسال قواتها إلى كابول لملء الفراغ الناتج من انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، وتسليمها لحركة «طالبان» بعد فشل معركة الأعوام العشرين للقضاء عليها..

وقدَّمت تركيا عرضاً لحراسة وإدارة مطار حامد كرزاى فى كابل بعد انسحاب الولايات المتحدة وقوات الناتو الأخرى من أفغانستان بحلول سبتمبر 2021، حيث تتولى تركيا تشغيل المطار منذ 6 سنوات فى إطار بعثة الحلف..

تعتقد الحكومة التركية بأنه يمكن حل أى مشكلة مع حركة طالبان بالمفاوضات، وأن مهمة تركيا الرئيسية ستكون فقط ضمان أمن المطار وليس مواجهة طالبان أو محاربتها. وتعتمد تركيا فى هذا الشأن على علاقاتها الجيدة مع الأطراف المؤثرة على طالبان مثل باكستان وقطر..

وتسعى تركيا إلى استغلال عرضها حماية وتأمين مطار كابول فى تحسين علاقاتها مع القوى الغربية، والتى توترت بشدة بسبب ملفات كثيرة، منها النزاع مع الأوروبيين بشأن حقوق التنقيب فى شرق البحر المتوسط، والهجرة، إلى جانب مساومة واشنطن بهذا الملف على موضوع اقتنائها منظومة الدفاع الجوى الروسية «إس 400» التى تثير التوتر فى العلاقات معها، لاسيما فى ظل مخاوف من عقوبات تعزز عزلتها بينما تكابد فى مواجهة الركود الاقتصادى والأضرار الناجمة عن تفشى فيروس كورونا وتراجُع إيرادات معظم قطاعاتها الحيوية..

أما الجانب الصينى والإيرانى فمع انتهاء انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية والناتو من أفغانستان، فسوف يتنامى دورهما، وهو ما ظهر عبر استضافة طهران اجتماعاً بين حركة «طالبان» وحكومة كابول، فى 7 يوليو الماضي، فى محاولة من جانبها لممارسة دور أكبر فى الداخل الأفغاني، وذلك بالتوازى مع سعى الصين للاستحواذ على عمليات استخراج النفط الأفغاني، وهو ما يجعل النفوذ الصينى والإيرانى مُهدِدَاً للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، على نحو يتطلب، وضع سيناريوهات لمنع التمدد الصينى والإيرانى فى الداخل الأفغاني، وهو ما يمكن أن يحدث عبر تعزيز النفوذ التركى بالإضافة للدور الذى يمكن أن يمارسه نقل المسلحين من سوريا للحدود مع إيران والصين، خاصة وأن الكثير من العناصر المسلحة فى سوريا تابعين للأقلية المسلمة فى الصين «الإيجور»، وأن وجود مسلحين متطرفين من السنة على الحدود مع إيران يمكن أن يشكل تعزيزاً للعناصر المسلحة من «البلوش» فى الداخل الإيراني.