عام على الانفجار.. «لبنان يعيش مرحلة توابع زلزال» مرفأ بيروت

 اثار الدمار فى ميناء بيروت الذى هز العاصمة والنخب السياسية
اثار الدمار فى ميناء بيروت الذى هز العاصمة والنخب السياسية

حالة الصدمة التى رافقت اللبنانيين، عقب انفجار مرفأ بيروت، فى 4 أغسطس من العام الماضى، يبدو أنها لم تفارق الحالة اللبنانية، رغم مرور عام على الانفجار، الذى اعتبر حينها كارثة وطنية، فالجمود لا يزال يلف المشهدين السياسى والشعبى، ولا تبدى سوى مؤشرات انهيار الدولة اقتصاديًا ومعيشيًا.


بعد أيام من الانفجار، استقالت حكومة حسان دياب، على أمل مجىء حكومة إنقاذ تزيل آثار الدمار فى بيروت، وتداوى جراح الضحايا وأهالى القتلى، لكن الآمال أحبطت بفشل تكليف السفير مصطفى أديب، الذى لم تستمر محاولاته لتشكيل حكومة أكثر من شهر، وفى أكتوبر من العام الماضى أعلن عن تكليف رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريرى بتشكيل الحكومة، لكنه اصطدم بخلاف مع رئيس الجمهورية ميشال عون حول طبيعة الحكومة، والحصص المقررة لمختلف الأطياف.

 

وبعد 9 أشهر من المحاولات اعتذر الحريرى؛ قائلاً إن مشكلة لبنان هى ميشال عون، فاتجهت الأنظار إلى رئيس حكومة أسبق آخر هو نجيب ميقاتى، الذى قبل المهمة، لكنه أشار إلى أنه لا يملك عصا سحرية لحل المشكلات المتراكمة فى البلاد.


ميقاتى الذى تم التوافق على تكليفه، فى 26 يوليو الماضى، كان يأمل تشكيلًا سريعًا للحكومة قبل الذكرى الأولى لانفجار المرفأ، لكنه لم يفلح وأعرب عن أسفه لذلك، وتحدث، الخميس الماضى، عن تقدم بطىء، لكنه إيجابى فى ملف تشكيل الحكومة، وما بين تصريح الاثنين بات أمامه مهلة غير مفتوحة لتشكيل الحكومة، وحديثه الخميس عن عدم التزامه بأى مهلة.

 

يبدو أن مهمة ميقاتى كسابقيه لن تكن سهلة، لكنه تعهد بالاعتذار عن المهمة حين يجد الطريق مسدودًا أمام إيجاد فريق عمل متجانس للنهوض بالبلاد، لكنه لم يجد ذلك «حتى الآن».


شكل إحياء الذكرى الأولى لانفجار المرفأ صرخة غضب داخلية وخارجية فى وجه السياسيين اللبنانيين، فعلى الصعيد الدولى كان المؤتمر الدولى للمانحين الذى دعت له فرنسا، مناسبة لتوجيه قادة العالم انتقادات حادة لزعماء الأطياف اللبنانية، حيث وصف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الطبقة السياسية اللبنانية بالفشل التاريخى والأخلاقى، وألقى باللوم عليهم فى الأزمة الاقتصادية، ودعا الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى مكافحة الفساد فى لبنان.


أما فى الداخل اللبنانى، فقد شكلت المظاهرات التى شارك بها الآلاف فى ذكرى الانفجار لحظة نادرة لتوحد آلاف اللبنانيين على مطلب واحد، هو تحقيق العدالة ومحاسبة المسئولين عن الانفجار الذى أودى بحياة 214 شخصًا، ولم يكشف حتى الآن عن الجناة، حيث أكدت مصادر قضائية فى تصريحات صحفية، أن الجزء الأكبر من التحقيق انتهى، لكن الحصانات والأذونات السياسية تقف عائقًا أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزين كميات هائلة من «نيترات الأمونيوم» فى المرفأ، ولم يحركوا ساكنًا لإخراجها منه.


ما بين لحظة الانفجار وذكراه الأولى، عاش اللبنانيون «ولا يزالون» وضعًا معيشيًا كارثيًا، فى ظل أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولى بأنها أحد أسوأ الانهيارات المالية التى شهدها العالم منذ ما يقرب من 200 عام، حيث يقبع أكثر من نصف سكان تحت خط الفقر، وانكماش الناتج المحلى أكثر من 20 % خلال العام الماضى، وانخفاض الناتج المحلى من 55 مليار دولار عام 2018 إلى نحو 33 مليار دولار فى العام الماضى، وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 %، وظهور أزمات لم يعهدها اللبنانيون خلال 30 عامًا، وفى مقدمتها انقطاع الكهرباء وشح المحروقات، وتنظيم طوابير أمام محطات التوزيع، ونفاد المخزون من معظم الأدوية، فى ظل غياب مؤسسات الدولة عن أداء دورها، واكتفاء مسئولى الوزارات بتسيير الأعمال لغياب تشكيل حكومى منذ استقالة حكومة حسان دياب بعد أيام من الانفجار.