بنما.. الرجاء الصالح..بن جوريون.. والشمالى المتجمد

ممرات بديلة .. ماتت إكلينيكياً

فشل الملاحة فى الممر الشمالى المتجمد
فشل الملاحة فى الممر الشمالى المتجمد

هللوا، وأطلقوا أعلامهم يروج لممرات بديلة مع أول أزمة تشهدها قناة السويس بعد جنوح السفينة البنمية «إيفر جرين بعرض القناة».
استخدموا أدواتهم للضغط على صانع القرار المصرى، بهذه الممرات الوهمية لإجباره على تخفيض رسوم السفن، لكن كان المصريون على الموعد، ونجحوا فى إعادة العمل بالقناة فى زمن قياسى أشاد به العالم. ورغم ذلك فان الممرات التى خرجت تهلل لها دول وانظمة باعتبارها ستكون ممرا تجاريا عالميا بديلا عن قناة السويس، أثبتت التقارير العلمية التى تم الكشف عنها مؤخرا، عدم قدرتها على منافسة القناة، كما تبين أن معظمها لا يستطيع أن يكون ممرا مائيا، وأخرى هناك صعوبة فى تنفيذها بسبب طبيعة التربة والجغرافيا المحيطة بها.

قناة بن جوريون
فكرة يهودية ولدت من رحم الحقد والعنصرية اتجاه العرب، استعان خلالها اليهود بالاحتلال البريطانى لتنفيذها ووضع مخططها ومعالمها وذلك بعد إنشاء قناة السويس مباشرة.
بدأ اليهود فى تسويقها عبر المنصات العالمية قديما وحديثا، باعتبارها ممرا بديلا لقناة السويس، لكن خاب مسعاهم، وبقيت فى كتب تراثهم تزين أحلامهم العنصرية، وتكشف فى نفس الوقت عن عظمة مصر وشعبها.

قناة بن جوريون هى أحد أكبر الأحلام الإسرائيلية الوردية، التى وضعت الطبيعة لها حدا، فليس هناك أمل فى إنشائها مهما أنفقت الأموال واستخدمت الآلات والقنابل، فالتنفيذ صعب على أرض الواقع بل ومستحيل، وفقا لكافة التقارير العالمية والأمريكية التى تم الكشف عنها قريبا.
القناة التى روج لها الإسرائيليون كثيرا منذ إنشاء قناة السويس أى ما يزيد على 150 عاما، وأعلنوا عن تنفيذها على الورق فقط عام 2013 فى وسائل إعلامهم بزعم أنها ستربط البحرين الأحمر والمتوسط وستكون بديلة لقناة السويس ثبت وفقا للتقارير العالمية صعوبة تنفيذها على أرض الواقع.
التقارير أشارت إلى أن طبيعة الأرض الصخرية والمرتفعة فى بعض المناطق التى ستنفذ بها القناة تصل إلى أكثر من 340 متراً والمندفعة إلى الأسفل بأكثر من 260 متراً، ثم الارتفاع إلى 642 متراً عن سطح البحر، بإجمالى فروق يزيد على 1000 متر، وهو يجعل المنطقة إجمالاً عصية على إنشاء ممر ملاحى ينافس قناة السويس.
الغريب أن الأمريكيين حاولوا فى خمسينيات من القرن الماضى استخدام قنابل نووية طاقة 2 ميجا طن لحفر القناة، وهو ما يؤكد استحالة إنشائها لغرض الملاحة، وأن الترويج لها وقت ازمة السفينة العالقة كان يهدف إلى إرباك مؤسسات الدولة المصرية.

الممر الشمالى المتجمد
منذ 28 عاما وبالتحديد عام 1993، فكر الروس والإيرانيون والهنود فى ممر مائى لنقل بضائعهم من الشمال الى الجنوب، يكون بديلا لقناة السويس، تم توقيع اتفاقيات إنشاء الطريق، وانضم إليها بعد 7سنوات 10 دول هى: «بيلاروسيا، وكازاخستان، وعمان، وطاجيكستان، وأذربيجان، وأرمينيا، وسوريا، وبلغاريا، وقيرغيزستان، وتركيا، وأوكرانيا».
فكرة المشروع تقوم على إطلاق ممر نقل دولى يربط بين الخليج العربى ومنطقة المحيط الهندى مع روسيا وشمال أوروبا عبر إيران وبحر قزوين.
ولا يعد هذا ممرا مائيا كاملا مثل قناة السويس كما أوضحت الاتفاقية لكن عملية النقل من خلاله تمر عبر عدة مراحل بحيث يمتد ممر النقل بين الشمال والجنوب، بدءا بالهند وصولا إلى ميناء عباس الإيرانى على ساحل الخليج العربي، وبعدها يتم نقل البضائع برا إلى ميناء إيرانى اخر هو ميناء بندر أنزليوالذى يقع على الساحل الجنوبى لبحر قزوين، بعد ذلك، يتم شحن البضائع عن طريق البحر إلى استراخان، ثم يتم شحنها فى السكك الحديدية عبر روسيا إلى دول شمال أوروبا.

فكرة إنشاء المشروع منيت بالفشل قبل تنفيذها بسبب ظروف عدة كشفتها التقارير التى أجريت حول جدوى هذا المشروع.
تبين أن الطريق موجود فى ظروف مناخية قاسية للغاية تجعل من المستحيل على السفن العبور من خلاله أثناء فترات الشتاء التى تمثل أغلب أيام العام فى تلك المنطقة من دون استخدام كاسحات جليد، والتى تعمل فقط عندما تكون طبقات الجليد رقيقة.
ويرجع السبب إلى أن موسم الملاحة فى البحار الشمالية الروسية قصير للغاية، يستمر فقط من يوليو إلى أكتوبر، عكس قناة السويس التى تعمل مدار العام.
ويتمثل العائق الثانى فى أن هذا الطريق غير مجهز لقوافل السفن العملاقة على غرار الناقلة الشهيرة صاحبة الأزمة «إيفر جرين»، وذلك لأن الحركة داخل هذا الطريق، بحاجة مستمرة إلى كاسحات جليد، بينما يبلغ عرض كاسحة الجليد «آركيتيكا»، وهى أقوى كاسحة جليد فى العالم، ما يقرب من نصف عرض سفينة الحاويات من نوع الناقلة «إيفر جرين».

وتوجد أسباب أخرى تجعل من المستحيل أن يكون هذا الطريق ممرا بديلا لقناة السويس والتى تتمثل فى أن مسار حركة البضائع التجارية المقترح عبر الطريق الشمالي، لا يقتصر على وجود البضائع داخل السفن فقط، كما هو الحال فى حالة النقل عبر قناة السويس المصرية، بل إن البضائع تمر بعدد من المراحل التى تتطلب تفريغ الحمولة وإعادة شحنها عدة مرات خلال عملية النقل بالكامل، تارة يتم نقلها عبر ميناء بري، وأخرى يتم تفريغها وشحنها عبر السكك الحديدية، وأخيرا يتم تحميلها على متن سفينة أو ناقلة بحرية.
وكل هذه الصعوبات تمثل هذه عوائق كبيرة أمام شتى أنواع البضائع وتتطلب جهدا ووقتا كبيرا، كما أنها لا تتناسب مع كل أنواع البضائع، مما يمنح قناة السويس الريادة باعتبارها الممر المائى الأفضل فى العالم.

طريق بنما
رغم التوسعة التى قامت بها قناة بنما فى أمريكا الجنوبية التى تربط بين المحيطين الهادى والأطلنطى والتى أدت إلى مرور سفن أكبر حجما بعد أن تم تعميق المجرى الملاحي، إلا أنها لا تؤثر على قناة السويس حيث يمر بها فقط تجارة المدن التى تطل على الساحل الغربى للولايات المتحدة الأميركية، وهى فعالة لحركة التجارة بين دول بعينها مثل اليابان وأستراليا مثلا مع أمريكا الجنوبية أو مدن شرق أمريكا، عكس قناة السويس التى تمر منها البضائع إلى كل دول العالم.

وهناك مزايا أخرى جعل السفن تفضل العبور من قناة السويس وليس بنما، منها أن طول قناة السويس 162 كم بينما طول قناة بنما 80 كم، وعمق المياه فى قناة السويس 25 مترا، بينما عمق قناة بنما 13مترا، وأكبر غاطس للعبور بقناة السويس 16.2م بينما قناة بنما 12.3متر، كما أن أكبر سفينة محملة يمكن أن تعبر قناة السويس حوالى 150000 طن وأكثر من نصف مليون طن فارغة بينما أقصى حمولة فى قناة بنما حوالى 70000 طن.
والأهم أن قناة السويس ذات منسوب واحد، لذا لا توجد أهوسة، بينما قناة بنما ذات مناسيب مختلفة لذا يوجد بها أهوسة.

رأس الرجاء الصالح
يعد طريق رأس الرجاء الصالح الذى اكتشفه البرتغاليون بالإبحار حول أفريقيا، من غير المفضل استخدامه لثلاثة أسباب.
أولاً يستغرق وقتا أطول يصل من أسبوع إلى أسبوعين كما أن استخدامه يكون مستحيلاً إذا ارتفعت أسعار الوقود وتبين أن السفينة تحتاج يوميا ما يصل الى 80 ألف دولار، وإذا كانت الرحلة أطول أسبوع من قناة السويس، فقد تصل الزيادة فى التكلفة إلى 600 ألف دولار، بجانب أن السفينة تحتاج إلى دخول موانئ خلال رحلتها للحصول على خدمات لوجستية ما يعنى رسوم ومبالغ إضافية للموانئ، كما تحتاج إلى تأمين ومسلحين على متنها بسبب زيادة ظاهرة القرصنة فى غرب أفريقيا، وهو ما يجعلها تدفع أكثر لشركات التأمين بسبب المخاطر.