نهار

السينمائى المختلف..

عبلة الروينى
عبلة الروينى

أصحاب المشاريع الجمالية من المبدعين،   فى الأغلب هم أصحاب عمل واحد ممتد ، رؤية واحدة فى تنويعات مختلفة.. تماما كما كتب يوما المسرحى الجزائرى الراحل كاتب ياسين (أنا مؤلف كتاب واحد، فى الأصل كان قصيدة.. ثم تحولت القصيدة إلى روايات ومسرحيات..لكن هو دائما نفس العمل الذى سأتركه كما بدأته.. فى حالة من  الخراب والشروع معا)!!.. كثير من المبدعين يفعلون نفس الشيء، يكتبون نفس الكتاب،أو يقدمون نفس الأغنية، أو نفس الفيلم.. أعنى الإمساك بالرؤية والأسلوب والمشروع الجمالي..
فى كتابه المهم والممتع «داود عبد السيد.. سيرة سينمائية» يرى الناقد المبدع محمود عبد الشكور، أن المخرج داود عبد السيد هو صاحب فيلم روائى واحد طويل، مع اختلاف التجارب التى قدمها «٩ أفلام روائية و٣ أفلام تسجيلية».. فهى تشترك جميعا فى أسلوب وملامح جمالية محددة لسينما مختلفة...  يقدم عبد الشكور قراءة ممتعة لعالم داود عبد السيد السينمائى المختلف.. فى كل أفلامه من «الصعاليك، الكيت كات، أرض الخوف، إلى رسائل بحر، وقدرات غير عادية» لا يقدم داود عبد السيد حكاية تقليدية، ولا سردا تقليديا.. يتابع حياة شخصيات أفلامه، يتأمل تناقضاتهم ومأزقهم الإنساني، ومحاولاتهم التخلص من العجز والقيود... وفى كل أفلامه لا يقدم  داود عبد السيد إجابات نهائية، ولا يفرض وجهة نظر، فى دعوة للتأمل والتفكير.. ونقل السؤال من الشاشة إلى مقاعد المتفرجين..
يرى محمود عبد الشكور أن سينما داود عبد السيد «سينما أخلاقية» بمعنى أنها تحترم العقل، وتنتصر لوعى الإنسان بإنسانيته.. وهى «سينما ثورية» برغم أنها لا تخطب ولا تهتف ولا تتظاهر.. لكن ثوريتها فى قدرتها على تجسيد العجز الإنساني، ومحاولة التحرر منه، سينما محورها الإنسان وحريته.. حيث وجود الإنسان مرهون بحريته.