استجابت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة التربية والتعليم إلى دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى بتشكيل لجان قومية متخصصة تحت رعاية رئاسة الجمهورية، وعقد ورش عمل فى الفترة من 2-4 فبراير الحالى، بهدف مراجعة محتوى المناهج المصرية للعلوم والرياضيات فى جميع المراحل الدراسية، ومقارنتها بمحتوى نظيرتها من المناهج العالمية مثل: المناهج فى سنغافورة، وكندا، وفنلندا، والمدارس الأمريكية، والمدارس البريطانية، وفق معايير تتمثل فى: كم المحتوى المعرفى، ومستوى المادة العلمية، وطريقة عرض المحتوى ومعالجته، والأنشطة التعليمية، والقضايا والمهارات الحياتية، وأساليب تقويم التلاميذ.
وتميزت اللجان فى تنوعها من حيث التخصصات والخبرات الأكاديمية والتربوية، وضمت الرواد والرموز من أساتذة المناهج وتعليم الرياضيات والعلوم، وكذلك الأكاديميون، وتم تمثيل الموجهين والمدرسين ومديرى الادارات فى المراحل التعليمية ممن لهم خلفيات فى العلوم والرياضيات، بالاضافة إلى شباب الباحثين فى المراكز البحثية والعلمية والتقويمية من أجل انجاز هذة المهمة الخطيرة.
وفى لجنة مراجعة محتوى مناهج رياضيات المرحلة الابتدائية والتى تشرفت برئاستها تبين ما يلى :
أولا- ازدحام المحتوى العلمى لكتب الرياضيات المصرية فى المرحلة الابتدائية بالمعرفة والمعلومات المتكررة، خاصة فى ظل وجود اثنى عشر كتابا للفصليين الدراسيين الأول والثانى، مما يصعب على التلميذ فهمه وهضمه فى هذه المرحلة العمرية، مقارنة بالمناهج السنغافورية التى تعتمد على طريقة المشروعات فى التعلم، وتتبنى شعار: « تعليم أقل وتعلم أكثر «.
ثانيا: غياب الأنشطة الملموسة والعقلية والعملية من كتب الرياضيات المصرية، مقارنة بالمناهج الامريكية والكندية التى تطعم المحتوى بالأنشطة المحببة إلى التلاميذ والتى تساعدهم على الاستقصاء، وممارسة التواصل الرياضى، وحل المشكلات الحسابية والهندسية، واعطاء مساحة من الوقت للتلميذ لممارسة العملية الإبداعية.
ثالثا: انعزال بعض الموضوعات الرياضية عن بعضها على مستوى الصف الواحد، وعلى مستوى الصفوف فى المرحلة، وعلى مستوى فروع الرياضيات، نتيجة اختلاف فكر ورؤى المؤلفين فى الصفوف الستة فى الكتب المصرية، مقارنة بالكتب العالمية التى تطبق سلسلة من المناهج ذات خط فكرى واحد، ينتج ترابطا واندماجا فى الموضوعات الرياضية.
رابعا: غياب التطبيقات الحياتية فى الكتب المصرية مقارنة بالمناهج الأمريكية والكندية والسنغافورية، التى تساعد التلميذ على تطبيق ما تعلمه فى مواقف من الحياة مثل : جدول الضرب والقسمة والاحصاء والمعادلات مما يرسخ المفهوم فى ذهنه.
خامسا: نمطية التدريبات وكثرتها خلف كل وحدة دراسية كرست لثقافة الايداع، بينما تتميز أساليب التقويم داخل المناهج العالمية بالتنوع ما بين الاسئلة المفتوحة التى تقيس قدرات التلميذ على التعلم المستقل، والاسئلة المستقبلية التى تقيس امكانات التلميذ فى المستقبل، وليس ما حصله التلميذ فى الماضى فقط، مثل ماذ يحدث لو ؟
سادسا: الصور والرسومات فى الكتب المصرية لا تعبر عن تاريخ مصر وحضارتها، مقارنة بالصورالرشيقة والشيقة والرسومات المتميزة، والتى تنمى عند التلميذ الحس التاريخى وحب الوطن.
سابعا: رغم أن طريقة عرض بعض الموضوعات فى الكتب المصرية متفقة (بنسبة قليلة ) مع الكتب العالمية، ولكن العرض على سبيل المثال فى المناهج الكندية والامريكية يشعر التلميذ بالسعادة والبهجة والمتعة أثناء التعلم، نتيجة عرض بعض الالغاز الرياضية والالعاب التعليمية الرياضية مقارنة بالموضوعات الحسابية فى الكتب المصرية التى تعتمد على الاسهاب والألفاظ الكلامية المكتوبة.
ثامنا: هناك شرح كامل بالفيديو لمادة الرياضيات فى شكل مبسط فى مناهج سنغافورة، والدروس يتعلمها المتعثرون من التلاميذ فى أى وقت، وفى أى مكان، من خلال استخدام الكمبيوتر التعليمى فى الحدائق والمنازل والنوادى الرياضية.
من هذا المنطلق يتبين نسبة الأختلاف الكبيرة بين المناهج المصرية والمناهج العالمية، ولعل القرارات التى توصلت اليها اللجان القومية تمثل فى تصورى بداية نقلة نوعية فى المناهج المصرية، خاصة بعد أن كثرت عمليات التعديل والتطوير فى المناهج عدة مرات بين التكليف والمسابقة، ولم يحدث تغيير فى السابق، وتتضاعف تكلفة الكتب المدرسية فى أعدادها مقارنة بعوائدها التربوية، ناهيك عن أن نظام التأليف من قبل الناشرين اثبت ضعف مستوى الطلاب من خريجى المرحلة الثانوية، وفق ما توصلت اليه البحوث التربوية المقارنة.
ما يبقى :
1- إعداد خطة زمنية ورؤية استراتيجية من قبل رؤساء لجان العلوم والرياضيات للتوافق على السلاسل العالمية التى سوف يتم تغيير المناهج فى ضوئها، أو تبنى بعضها، خاصة أن هناك لجانا طالبت بالتعديل، ولجانا طالبت بالتعريب، ولجانا طالبت بالتطوير، ولجانا طالبت بالتغيير الشامل، والاستعانة بإحدى السلاسل العالمية، مما يتطلب توحد الخط الفكرى عبر المراحل والصفوف الدراسية وتكيفها مع البيئة والثقافة المصرية.
2- استكمال ما تم من خلال تطوير منظومة مناهج العلوم والرياضيات، بالطرق المتوازية، المتمثلة فى التواصل مرة ثانية مع كليات التربية، بهدف تزويد أقسام المناهج الجديدة، حال الانتهاء منها، لكى يستخدمها الطالب المعلم أثناء تدريبه فى التربية العملية، مع تطوير نظام الامتحانات وفق السلسلة التى ستطبق على المتعلمين، وتدريب المعلمين على المناهج الجديدة، وتوفير المعامل والتقنيات والادوات التعليمية، وبذلك نحقق هدفين أولهما تطوير كل عناصرالمنهج كمنظومة، وثانيهما تجريب المناهج الجديدة على عينة من الطلاب فى المدارس المصرية، لمعرفة النتائج على المستوى العلمى للطلاب، وعلى قياس مستوى حب الطلاب للمناهج الجديدة قبل تعميمها.