حكايات| معشوق الجماهير.. سعيد الحافي مروض «الكرة الشراب» وملهم الثمانينات

عادل إمام
عادل إمام

رحلة ربما تقلع في العمر مرة واحدة، حين حلّق سعيد فتحي بجناحيه في شوارع إمبابة ليطير بين ملاعب الحي الشعبي بـ«الكرة الشراب»، قبل أن يذيع صيطه ويمسك المخرج الراحل محمد خان بتلابيب قصته ليغزل منها مشاهد سينمائية خرجت للنور بتمثيل من عادل إمام.

مرت السنوات ولا يزال «سعيد الحافي» يستعيد شريط حياته مع كرة القدم والتي جسدها فيلم الحريف – حتى وإن اختلفت بعض التفاصيل -  ليتحدث عن بداياته فيقول: «لا تتعجب حين أقول لك أن كرة القدم هي حياتي حرفيًا.. بها حييت وأحيا وأموت، فمنذ نعومة أظافري وأنا ألعب كرة القدم بمدينة العمال بإمبابة، وتحديدًا بأرض عزيز عزت بتشجيع من أبي».

الحافي

مطلع الثمانينيات، احتفظ الشاب سعيد بمكانة خاصة في إمبابة عندما تسلل إلى قلوب أبنائها من لعبه لكرة القدم في الساحات الشعبية، قبل أن ينتقل منها إلى العباسية والسيدة زينب ثم يتنقل إلى الإسكندرية وغيرها.

لا يستطيع «الحافي» الصمود أمام كرة «شراب» مغزولة بحبكة؛ إذ يقول: «كان يجن جنوني بالكرة، وأذهب ورأها ولا يهم أين؟.. كنت متزوج من الكرة الشراب وبسببها لم أتزوج، فكانت العشق الوحيد لي والاحتياج الوحيد، ربما تكون أضرتني ولكني لا أستطيع كرهها.. وعملت بشركة الكبريت قبل أن تغلق أبوابها ويتم تصفيتها».

من بين عشرات الأندية، عشق «الحافي» فريق الترسانة «الشواكيش»؛ حيث كان وقتها يضم العديد من أساطير كرة القدم، خاصة أن أبيه كان لاعبًا به، وظهرت موهبته في كرة القدم به منذ البداية.

ورغم هذا العشق غير العادي لفريق الترسانة، كان عشقه لمحمود الخطيب – رئيس النادي الأهلي حاليا – بلا حدود، ولا تزال ذاكرته تحتفظ بأن «بيبو سأل عليه أكثر من مرة عندما سمع بموهبته».

بهدوء تسيطر عليه الحسرة، يتذكر سعيد الحافي حظه السيء، فيحكي: «للأسف كنت أعاني من الفلات فوت ولا أستطيع لعب الكرة إلا حافي، ومن هنا أطلق علي لقب سعيد الحافي، فعرض عليا اللعب للقطبين «الأهلي والزمالك» وعدة أندية، ولكن لم يتم السماح لي بلعب الكرة بدون حذاء بالرغم من محاولات أبي - رحمه الله - المضنية لإيجاد حل لهذه الأزمة لدرجة تصنيع حذاء خاص لكن دون جدوى حتى فقدنا الأمل».

ينفي سعيد كل ما تردد في ثمانينيات القرن الماضي كل ما تردد عن رفضه اللعب للأهلي بسبب الأموال التي كان يجنيها من لعب الكرة الشراب، فيروي: «غير صحيح.. نعم كنت أكسب من الكرة الشراب ولكن من يرفض الانضمام للأهلي؟!»

ثم يمضي في حديثه: «كنت أتمنى اللعب لأحد الأندية وكانت رغبة أبي أيضًا، بالرغم من أنني كنت أجني المال من اللعب بالساحات فكان يقال لي: تعالى ألعب ماتش وخد كذا وقت ما كان أكبر موظف مرتبه الشهري أقل من ربع ما أجنيه من مباراة واحدة».

ويضيف سعيد: «الكرة تجن جنوني في كل الأوقات وإلى الآن أشاهدها بشغف قدر استطاعتي، سابقًا كان يتجمع العشرات ليشاهدوني وأنا ألعب، وكان يأتي تجار من كل المحافظات ليشاهدوني.. أذكر أحد المواقف أن رجلا طلق زوجته وجاء ليشاهدني وأنا ألعب وبعد مشاهدتي أتى إلي وفاجئني بقوله: طلقت مراتي قبل أن أشاهدك ولكنك «سلطنتني» وسأردها مرة أخرى لعصمتي بسببك، فكان الجميع يلقبني بالحاوي».

ومن شدة شهرته، يروي قصة أخرى فيقول: «أهلي في إحدى المرات تخيلوا أنني أتشاجر بسبب الزحام الذي كان من الناس حولي ولكنهم اكتشفوا أنهم مشجعين ومعجبين بمهاراتي، فكنت أستطيع أن أروض الليمون والبلي بمهارة «التنطيط» وبطلت لعبها عند سن الـ50».

سعيد الحافي

ويحكي كذلك أن «كثيرًا من نجوم الجيل الذهبي لكرة القدم المصرية لعبوا معه كمصطفى يونس وحسن شحاته وسيد وإبراهيم وإسماعيل يوسف إذ كانوا جيراني فجمعتني الكرة بهم كثيرًا، خاصة الراحل إبراهيم يوسف، ومن المواقف الطريفة أن فاروق جعفر سبني بسبب إعجابه بموهبتي واصفًا طريقة لعبي بأنها سحر».

 بعد أن سرق العمر أجمل سنوات سعيد الحافي بات يقيم حاليا مع أخته التي تتولى أموره لكبر سنه وعدم استطاعته العمل حاليًا، وإن اكتفى بتكريم من جمعية اللاعبين القدامى؛ حيث اشترك في التكريم وزير الشباب أيضًا الدكتور أشرف صبحي.

 

عادل إمام