شوربة عدس فى عز الصيف

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عبد الصبور بدر

قلت لزوجتي: «نفسى فى شوربة عدس» وعينك ما تشوف إلا النور، نظرت إلى شزرا، قبل أن تقوم بفتح الشباك، وهى تبتسم وتهز رأسها لتشجعنى على الانتحار، وحين تشبثت بموقعى على الكنبة، ورفضت القفز من النافذة، ظهر الغضب الشديد على وجهها، وهى تمد أصابع يديها وثنتها على هيئة مخلبين لتغرسها فى رقبتى.
رفعت كتفى فى محاولة لحماية عنقى من الأظافر المسنونة، وكلما تقدمت، أتراجع للخلف وأنا أغوص فى مسند الكنبة، وأسمع كلمات من عينة: « فى إنسان طبيعى تطلب معاه شوربة عدس فى الصهد ده.. شوربة العدس اللى مجرد التفكير فيها بيرفع درجة حرارة الجسم»
ولم تكن المرة الأولى التى أواجه فيها تعنت زوجتى فى تلبية رغباتى، والحيلولة بينى وبين أطباقى المفضلة، ما يجعلنى أشهر بالقهر، وأنا أتناول الأطعمة التى تحبها هى، وأرتدى الملابس التى تختارها لى،  وأتحدث فى الموضوعات التى تفضلها، وأنام حين يأتيها النعاس، وأستيقظ فى الفجر إذا شعرت بالعطش لأجلب لها الماء.
ذات مرة طلبتُ منها طبق ملوخية (ناشفة) بالطماطم، وحين تعجبت من طبيعة الأكلة، شرحت لها أنها طبخة صعيدى لذيذة، سالت دموعها على خدها، وتركتنى وهى تتجه إلى حجرة النوم، غابت قليلا قبل أن تخرج بحقيبة صغيرة، وهى تقول لي: «الهدوم اللى هنا تكفيك يومين.. سافر الصعيد خليهم يعملولك الأكلة اللى بتقول عليها.. وبعد ما تشبع منها أبقى تعالى»
أما حين أخبرتها برغبنى فى تناول طبق مكرونة محمرة بالسكر، فقد تركت هى البيت، بعد أن سمعتها تتحدث مع والدتها على الهاتف، وتتهمنى بأننى رجل لا يطاق، وأنها فى حاجة ماسة إلى أن تستريح من طلباتى الغريبة ولو كام يوم.
فى الحقيقة الكام يوم دول كانوا فرصة عظيمة إنى «أبرطع» فى المطبخ، وأعد أطباقى المفضلة ابتداء من المكرونة بالسكر ومرورا بالرز بطماطم، وانتهاء بـ «الرِجلة» التى كانت زوجتى تتجنى عليها وتشيع أنها نبات مسمم.
لكنى استيقظت فجأة من الحلم الجميل على كابوس رجوعها للبيت، وهى تطلب منى إخلاء المطبخ فورا، وتشهر السكين فى وجهى، لأعود إلى مكانى على الكنبة، أطلب ما أحبه، وتطهو ما تريد.