كنوز الأميرة

2 مليون دولار تكلفة إنشائها عام 1969 - «غرفة سحرية» تعيد الشيخ إلى صباه!

الغرفة السحرية .. لها منافع ومضار
الغرفة السحرية .. لها منافع ومضار

كتب : أحمد الجمَّال

تحفل أعداد أميرة المجلات «آخرساعة» منذ عقود طويلة بموضوعات شائقة، ربما طاولها غبار الزمن، لكنها لاتزال تحمل رائحة العبق، وحين يقع تحت يدك عددٌ عتيق منها فهو بمثابة كنز يلقى هالة ضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الصحافة، بل وتاريخ مصر عموماً فى ذلك الوقت. وفى السطور التالية نستعرض «كنوز الأميرة» وما فيها من صفحات الماضى الجميل منذ أعوام وأعوام قبل أكثر من نصف قرن من الزمان.

يفكر كثيرون فى طريقة للحفاظ على شبابهم، وقد بدأت رحلة البحث عن الشباب الدائم منذ زمن بعيد، فوفقاً لأبحاث أثرية، ظل إمبراطور الصين الأول كى شى هيونج، يبحث عن إكسير الحياة الذى اعتقد أنه سيمنحه الشباب الأبدي، حيث أمر جيشه بالبحث عنه فى أنحاء الإمبراطورية، لكنه تُوفى عن عمر ناهز 49 عاماً سنة 210 قبل الميلاد.. وقد انتشرت خلال السنوات الأخيرة غرف الأكسجين لعلاج بعض الأمراض، لكن لا علاقة لها بأكذوبة «الحياة الأبدية».

ورغم أن الموت هو الحقيقة المؤكدة التى لا ينكرها أحد، وأن «عودة الشيخ إلى صباه» محض وهمٍ كبير، فإن  محاولات الوصول إلى وسيلة لحياة بلا نهاية لم تتوقف، وفى عام 1969 نشرت «آخرساعة» تقريراً بعنوان «فى هذه الغرفة السحرية يعود الشباب»، حاولت فيه الإجابة عن السؤال الحائر: «هل يستطيع الأكسجين تحقيق الحلم؟».. وفى السطور التالية نعيد نشر ذلك التقرير بتصرفٍ محدود:

د. محمد خطاب

هل يشهد عام 1969 تحقيق حلم الشباب الدائم؟ وهل يستطيع العلم خلال السنة الجديدة أن يجدّد للإنسان شبابه؟ إن العلم مازال يحاول، وآخر هذه المحاولات تمت فى أمريكا.. غرفة سحرية مليئة بالأكسجين تحفظ للإنسان شبابه.. كيف؟

الحلم قديم منذ دق الإنسان بقدمه على سطح الأرض، وتقدمت به السن، وبدأ يبحث عن «شيء ما» يعيد إليه شبابه الضائع. مثلاً كانت كليوباترا تستحم باللبن الموجود به عصارة خضراوات، لتحتفظ بشبابها لأطول فترة ممكنة.

وفى العصور الوسطى، كانت هناك أسطورة حول «نافورة جوفنس»، وكان الناس يتصوَّرون أن مَنْ يستحم فى مياهها يعود فوراً إلى سن الشباب، حتى ولو كان شيخاً هرماً.

ومكان هذه النافورة غير معروف.. وكانوا يتصورون أن الإلهه «جوفنس» اختارتها للاستحمام فيها تجديدا لشبابها وإحياءً لجمالها، وذلك لتبدو أمام الإله «جوبيتر» فى أكمل زينتها وأروع صورها.

وقد ظل الناس لفترة طويلة يبحثون عن مكان هذه النافورة السحرية، فلم يجدوا لها أثراً، لأنها لم تكن موجودة أصلاً.. واستمرت الحال كذلك لمدة طويلة.. الشيوخ يلّحون فى الطلب.. والعلماء يحاولون، وعندما يتعبون من المحاولات يخرجون بعقار أو نبات أو ينبوع.. يقولون عنه إنه يعيد للإنسان شبابه.. ودائما يكون هذا العقار صعب المنال، لا يجده الإنسان بسهولة، وكان هذا خبثاً منهم حتى لا ينكشف أمرهم بسرعة وسهولة.

وتطورت الأحوال، وأصبح العلماء أكثر خبثاً، ففى بعض البلاد الرأسمالية أراد قليل من الأطباء الذين يلهثون وراء جمع المال، أن يستفيدوا من رغبة الأغنياء والشيوخ فى إعادة شبابهم، فبدأوا يخرجون كل فترة بعلاجٍ جديد، يقولون إنه يعيد الشباب إلى الشيوخ.

الغرفة السحرية

والأدوية الحديثة بدأت بعقار «هـ 3» الشهير، وصاحبته الدكتورة آنّا أصلان تلف العالم للدعاية له.. وبعد فترة قليلة انكشف الأمر واتضح أنه لا يمكن أن يعيد للإنسان شبابه.

وأخيراً، أذاعت وكالات الأنباء برقية تقول إن الطب فى الولايات المتحدة، توصّل إلى علاج يمنع آثار الشيخوخة، كما تقول نفس البرقية إن الأطباء الأرجنتينيين توصلوا إلى عقار جديد يؤجل ظهور آثار الشيخوخة، ويعيد الحيوية إلى الجسم البشري.. وراء هذا الكلام نظرية علمية قديمة معروفة لكل أطباء العالم.

الشكل الجديد لغرف العلاج بالأكسجين

الدكتور محمد خطاب يقول: إننا لو منعنا أو قللنا الدم عن أى عضو من أعضاء الجسم، فإن هذا العضو يبدأ فى الضمور، وتستمر الحال كذلك حتى يموت، والعكس صحيح، بمعنى أننا إذا أعطيناه دماً أكثر، فإن الحياة تعود إليه. وعليه، فإننا إذا أعطينا للإنسان أكسجين أكثر، وهو غاز الحياة، فإنه يذوب فى الدم ويدفعه بقوة أكبر إلى أعضاء الجسم.. هذه هى النظرية العلمية المعروفة منذ مدة طويلة، وكانت تستخدم فى عمليات القلب، حيث تُجرى للمريض عمليةٌ تحت ضغط جوى يساوى ضعف الضغط العادي، وفى درجة حرارة أقل. وهكذا، أخذ بعض الأمريكان هذه النظرية، وقالوا إننا يمكن بها أن نعيد للإنسان شبابه، ولكنهم قالوها بتحفظٍ شديد، فقد صرَّح الدكتور تشارلز آبوت، رئيس قسم العلاج بضغط الأكسجين بمستشفى «سانت بازباناس» بأنه من المحتمل أن ينجح استعمال الأكسجين المضغوط، من الوجهة النظرية، فى منع آثار الشيخوخة.

علاج حاسم

وتوجد بهذا المستشفى غرفة خاصة للعلاج بالأكسجين المضغوط، بلغت تكاليفها 2 مليون دولار، يوضع المريض بداخلها حيث يتنفس الأكسجين النقي، ويتم ضخ الهواء داخل الغرفة بضغط يعادل ثلاثة أضعاف الضغط الجوي، ويعمل الضغط العالى على سهولة تحلل الأكسجين فى أنسجة الجسم البشري، ما يؤدى إلى راحة القلب، واختصار عمليات التمثيل، وتجدُّد خلايا الجسم.

وقد صرح الدكتور آبوت بأن أنسجة الجسم البشرى تمتص داخل هذه الغرفة كمية من الأكسجين أكثر من المعدل الطبيعى بـ22 مرة، يتم نقلها داخل الجسم بطريقة طبيعية بواسطة الدم.. وقال إن من المحتمل أن يعيش الإنسان داخل هذه الغرفة بدون خلايا الدم الحمراء، وكالعادة جذبت هذه الغرفة كبار الشخصيات السياسية ورجال الأعمال الأمريكان.

ويقال إنه فى داخل هذه الغرفة يمكن علاج بعض الأمراض الباطنية بسهولة، كما أنها تساعد على التئام الكسور وعلاج الأزمات القلبية، فضلاً عن العمل على استجابة الأورام السرطانية للعلاج بالأشعة بطريقة أفضل.

ويقول الدكتور محمد خطاب، أستاذ الأمراض، إن هناك بعض الميكروبات والفيروسات تعيش تحت ضغط عادي، فإذا زاد الضغط فإنها من الممكن أن تموت، كما أن الضغط العالى للأكسجين يمكن أن يحفظ الجسم مدة معقولة حتى يمكن لبعض الأوعية الدموية أن تتجدّد وتولد من جديد، بدلاً من الأوعية التالفة، ولكن هذا كله كلام علمى صحيح نظرياً، وفى التطبيق يمكن أن تحدث أشياء أخرى كثيرة، وفى نهاية هذه النقطة يضع الدكتور خطاب تحفظاً.. إنه يقول إن الأكسجين المضغوط يمكن أن يفيد، ولكنه أيضاً قد يسبب ضيقاً فى شرايين المخ، كفعل منعكس لزيادة الأكسجين.

عقار جديد للشيوخ

وفى الوقت نفسه، أذيع فى الأرجنتين أن الدكتور أنطونيو ليلو، قد توصل إلى عقار جديد مركب من جرعات طبية تخلط مع أدوية أخرى مسجلة يتم تداولها فعلاً فى الأسواق. هذه العقاقير من الممكن أن تعمل على تأجيل ظهور آثار الشيخوخة، ومن الممكن أيضاً أن تعيد الحيوية إلى الجسم البشري.

وقال الدكتور أنطونيو إن هذه المركبات تعمل على إزالة السِمنة وتقوى الجسم، كما أنها تزيد من الصفاء الذهنى وتقوى الذاكرة، فضلاً عن تقوية الإرادة وحدة الفكر. وأوضح أن هذه الأبحاث استغرقت أكثر من 20 عاماً أجرى خلالها التجارب على نفسه وعلى عدد كبير من المرضى.. ويرد الدكتور خطاب على هذا بأنه كلام خيالي، والدليل على ذلك ما تم فى الأرجنتين نفسها، حيث أدين هذا الطبيب، وفُرِضَت عليه غرامة، مع إنذاره بحرمانه من ممارسة مهنته.

الرياضة تفيد فى الاحتفاط بالشباب لأطول فترة

 ويقول الدكتور محمد خطاب: من الأفيد أن نحاول أن نحتفظ بأجسادنا سليمة لأطول فترة، فالشيخوخة المبكرة تجيء نتيجة الأمراض الكثيرة التى تهدد الإنسان، وإهمال هذه الأمراض وعدم علاجها من الممكن أن يسبب الشيخوخة المبكرة.

وفى بلادنا بالذات، فإن الأمراض المتوطنة مثل البلهارسيا والأنكلستوما (أمراض كانت منتشرة فى ذلك الوقت) تؤدى ظاهرياً وعلمياً إلى خلل جذرى فى أداء عمل الأنسجة الحيوية كالقلب والكلى.. وإذا تُركت هذه الأمراض بلا علاج، فإنها تسبب ظهور الشيخوخة للإنسان وهو فى سن الشباب.

كما أن نقص الغذاء يمكن أن يؤدى إلى الشيخوخة، ومثله تماماً الأكل الكثير، بل إن الأكل الكثير قد يؤذى الإنسان أكثر من نقص الغذاء.

وعموما نستطيع أن نقول: إن علاج الشيخوخة ليس عملية سحرية يمكن أن تتم بمستحضر أو مركب كيميائى يعالج كل الخلل فى آلاف الوظائف والخمائر والإنزيمات التى يعتمد عليها الجسم، فهذا مرفوض علمياً تماماً، وما يحاول العلماء الجادون الوصول إليه هو إطالة فترة الشباب، حتى يتم الوصول بالإنسان إلى أعمار متقدمة وهو فى كامل قوته.