40 عامًا على أكثر دورات معرض الكتاب سخونة.. معركة التطبيع وزيارة آرثر ميللر الطويلة!

افتتاح الدورة الــ١٣
افتتاح الدورة الــ١٣

كتب :ياسر‭ ‬عبد‭ ‬الحافظ

فى‭ ‬السجل‭ ‬الحافل‭ ‬لمعرض‭ ‬القاهرة‭ ‬للكتاب‭ ‬دورات‭ ‬بارزة،‭ ‬تظل‭ ‬مهما‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬المعرض‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬كذلك‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬المصرى‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬أحداثها،‭ ‬ندواتها،‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬فيها‭ ‬ساهم‭ ‬بصورة‭ ‬مؤثرة‭ ‬فى‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬فى‭ ‬زمنها،‭ ‬وربما‭ ‬يمتد‭ ‬تأثيرها‭ ‬إلى‭ ‬عهدنا‭. ‬والدورة‭ ‬الـ13‭ ‬للعام‭ ‬1981‭ ‬يمكنها‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نموذجا‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬صنعت‭ ‬لمعرض‭ ‬القاهرة‭ ‬ذلك‭ ‬الصيت‭ ‬والتأثير،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬نهجها‭ ‬أن‭ ‬يضمن‭ ‬للمعرض‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬المعارض‭ ‬العالمية‭.. ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬فقط‭ ‬وعبر‭ ‬أسبوعين،‭ ‬أكثر‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬بحسب‭ ‬الظروف،‭ ‬خلطة‭ ‬يتجاور‭ ‬فيها‭ ‬الثقافى‭ ‬والسياسى‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬تناغم‭ ‬بين‭ ‬الترفيه‭ ‬والمعرفة،‭ ‬مساحة‭ ‬لا‭ ‬يملكها‭ ‬أحد‭ ‬تتسع‭ ‬لصراع‭ ‬أفكار‭ ‬تمتد‭ ‬نتائجه‭ ‬وتفرض‭ ‬نفسها‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الفعاليات‭.‬

أربعون‭ ‬عاما‭ ‬وشهورا‭ ‬قليلة‭ ‬مضت‭ ‬على‭ ‬الدورة‭ ‬المقامة‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬29‭ ‬يناير‭ ‬إلى‭ ‬9‭ ‬فبرايرعلى‭ ‬أرض‭ ‬المعارض‭ ‬بالجزيرة‭. ‬افتتحتها‭ ‬السيدة‭ ‬جيهان‭ ‬السادات‭ ‬وبصحبتها‭ ‬منصور‭ ‬حسن‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة،‭ ‬والشاعر‭ ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصبور‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للكتاب‭.  ‬قيمة‭ ‬تذكرة‭ ‬الدخول‭ ‬عشرة‭ ‬قروش‭ ‬للأفراد‭ ‬وخمسة‭ ‬للجامعات‭ ‬والهيئات‭ ‬والقوات‭ ‬المسلحة‭. ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬19‭ ‬دولة‭ ‬ومنظمة‭ ‬عربية‭ ‬وأجنبية‭ ‬بينها‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬الدنمارك‭ ‬وأندونيسيا‭.‬

لا‭ ‬تبدو‭ ‬معلومات‭ ‬صالحة‭ ‬ليبقى‭ ‬التاريخ‭ ‬تلك‭ ‬الدورة‭ ‬على‭ ‬عتبته‭ ‬وليس‭ ‬بين‭ ‬صفحاته،‭ ‬لكن‭ ‬إن‭ ‬أضفنا‭ ‬أنها‭ ‬الدورة‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬شاركت‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬أعمالها‭ ‬ساعتها‭ ‬سيتوقف‭ ‬السيد‭ ‬تاريخ‭ ‬ويبدى‭ ‬اهتمامه،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬تحت‭ ‬ذلك‭ ‬العنوان‭ ‬المثير‭ ‬رهنا‭ ‬بقدرة‭ ‬الأطراف،‭ ‬مختلفة‭ ‬الانتماءات،‭ ‬على‭ ‬سرد‭ ‬تفاصيله،‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬وحسب‭ ‬انحيازاته‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬السجلات‭ ‬وبين‭ ‬قصصات‭ ‬الجرائد‭ ‬وأرشيف‭ ‬المجلات‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬تدوينه‭ ‬فى‭ ‬الكتب‭ ‬من‭ ‬شهادات،‭ ‬عما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الدورة‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يمكن‭ ‬خداعه‭ ‬بالعناوين‭ ‬الساخنة،‭ ‬يدونها‭ ‬ثم‭ ‬يتركها‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬غيرهامهملا‭ ‬التحقق‭ ‬والتثبت‭ ‬مراهنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬للحقيقة‭ ‬وجوهامختلفة‭ ‬وحق‭ ‬الاختيار‭ ‬يبيح‭ ‬تعدد‭ ‬زوايا‭ ‬النظر‭!‬

هل‭ ‬يعنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬فى‭ ‬فعاليات‭ ‬دورة‭ ‬المعرض‭ ‬الـ13؟‭ ‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬أى‭ ‬إشارة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬مشاركة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتصور‭ ‬الذى‭ ‬قد‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬أن‭ ‬حجب‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬الإسرئيلية‭ ‬جاء‭ ‬تفاديا‭ ‬لتصعيد‭ ‬المواقف‭ ‬مبكرا،‭ ‬وأن‭ ‬المسؤولين‭ ‬علقوا‭ ‬الآمال‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تنقضى‭ ‬الدورة‭ ‬عبر‭ ‬وجود‭ ‬إسرائيلى‭ ‬هامشى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توكيل‭ ‬إدكو‭ ‬إنترناشيونال‭ ‬بسراى‭ ‬7،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬مفهوما‭ ‬وفق‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬الجناح‭ ‬الذى‭ ‬تشارك‭ ‬ضمنه‭ ‬إسرئيل‭ ‬ببعض‭ ‬أعمال‭ ‬كتابها،‭ ‬مباشرة‭ ‬أمام‭ ‬جناح‭ ‬االفتى‭ ‬العربيب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والذى‭ ‬يجمع‭ ‬رواة‭ ‬الحدث‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬زين‭ ‬كل‭ ‬واجهته‭ ‬بأعلام‭ ‬فلسطين،‭ ‬وأنه‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬للسفير‭ ‬الإسرئيلى‭ ‬إلياهو‭ ‬بن‭ ‬اليسارحاول‭ ‬بعض‭ ‬معاونيه‭ ‬تغطية‭ ‬الأعلام‭ ‬الفسطينية‭ ‬بأعلام‭ ‬وملصقات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬فحدثت‭ ‬مواجهة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬الفلسطينى‭ ‬والإسرائيلى‭ ‬غادر‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬السفير‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

الأخبار‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المعرض‭ ‬نظم‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الدورة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬ندوة‭ ‬ثقافية‭ ‬حول‭ ‬لغة‭ ‬الكتاب‭ ‬للطفل‭ ‬بإدارة‭ ‬سهير‭ ‬القلماوى‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬جرى‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬تحول‭ ‬أرض‭ ‬المعرض‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للرفض‭ ‬والمواجهة،‭ ‬ولتوزيع‭ ‬البيانات‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬المقاطعة‭ ‬اوفى‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬1981،‭ ‬كنت‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬صف‭ ‬طويل‭ ‬ينتمى‭ ‬بعضه‭ ‬لجيلنا،‭ ‬وينتمى‭ ‬آخرون‭ ‬لجيل‭ ‬الأباء‭ ‬ولجيل‭ ‬الأبناء،‭ ‬وقفوا‭ ‬جميعا‭ ‬أمام‭ ‬الجناح‭ ‬الصهيونى‭ ‬فى‭ ‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولى‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬يوزوعون‭ ‬بياناب‭.‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حكاه‭ ‬صلاح‭ ‬عيسى‭ ‬فى‭ ‬مقال‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬اخروج‭ ‬عن‭ ‬النصب‭ ‬فى‭ ‬االآدابب‭ ‬البيروتية‭ ‬عام‭ ‬1984،‭ ‬صلاح‭ ‬الذى‭ ‬ألقى‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬مع‭ ‬حلمى‭ ‬شعراوى‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تلك‭ ‬الأنشطة،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬يعود‭ ‬ليقرأ‭ ‬المشهد‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاما‭ ‬وينقل‭ ‬عنه‭ ‬مؤلفا‭ ‬الكتاب‭ ‬الصادر‭ ‬حديثا‭ ‬احكايات‭ ‬من‭ ‬دفتر‭ ‬صلاح‭ ‬عيسى،‭ ‬هاجر‭ ‬صلاح‭ ‬ومحمد‭ ‬الشماع،‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أخرى‭ ‬فى‭ ‬المسألة‭ ‬الم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬وجود‭ ‬صهيونى‭ ‬بالمعنى‭ ‬المفهوم‭ ‬وقتها،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬أشيع‭ ‬واستمر‭ ‬فى‭ ‬أذهان‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬الآن،‭ ‬أى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬جناحا‭ ‬إسرائيليا‭ ‬ولا‭ ‬دياوله،‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬جناح‭ ‬هولندى‭ ‬يعرض‭ ‬كتب‭ ‬لمثقفين‭ ‬يهود‭. ‬فقط‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬فلا‭ ‬وجود‭ ‬لجناح‭ ‬أو‭ ‬علم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مظاهرات‭..‬ب‭.   ‬

تمثيلية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬وصف‭ ‬الكتاب‭ ‬نفسه،‭ ‬ليس‭ ‬المشاركة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بل‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬صلاح‭ ‬عيسى‭ ‬وحلمى‭ ‬شعراوى‭ ‬اللذان‭ ‬نقلا‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬القلعة‭ ‬ليمكثا‭ ‬فيه‭ ‬25‭ ‬يوما‭. ‬يصف‭ ‬حلمى‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬االنيابة‭ ‬ذاتها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تميل‭ ‬لتصعيد‭ ‬الموضوع‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬اقضيةب‭. ‬يسأله‭ ‬المحقق‭: ‬ما‭ ‬أقوالك‭ ‬بشأن‭ ‬المنشورات‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬بحوزتك‭ ‬لحظة‭ ‬القبض‭ ‬عليك؟‭ ‬فيجيب‭ ‬حلمى‭ ‬كنت‭ ‬أقرأها‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غيرب‭ ‬فيلمح‭ ‬المحقق‭ ‬للمحامى‭ ‬بأن‭ ‬يتراجع‭ ‬موكله‭ ‬عما‭ ‬قاله،‭ ‬ويعدل‭ ‬أقواله‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬فقط‭ ‬يسير‭ ‬بالقرب‭ ‬ممن‭ ‬يوزعون‭ ‬المنشورات‭ ‬بالصدفة‭. ‬فيستجيب‭ ‬حلمىب‭.‬

ما‭ ‬الذى‭ ‬دعا‭ ‬صلاح‭ ‬عيسى‭ ‬لتغيير‭ ‬رؤيته‭ ‬للحدث‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬السنوات؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬شهادة‭ ‬حلمى‭ ‬شعراوى‭ ‬وتساهل‭ ‬النيابة‭ ‬فى‭ ‬التحقيقات؟‭ ‬تكشف‭ ‬جريدة‭ ‬السفير‭ ‬فى‭ ‬تغطيتها‭ ‬الصحفية‭ ‬للحدث‭ ‬فى‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬81‭ ‬أن‭ ‬الشاعر‭ ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصبور‭ ‬رفض‭ ‬المشاركة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬تأخرت‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬طلبها‭ ‬فى‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلا‭ ‬الاتصال‭ ‬بالرئيس‭ ‬السادات‭ ‬تضغط‭ ‬لأجل‭ ‬المشاركة‭ ‬وتربط‭ ‬قضية‭ ‬التطبيع‭ ‬بذلك،‭ ‬فصدرت‭ ‬أوامر‭ ‬رئاسية‭ ‬بقبول‭ ‬الاشتراك،‭ ‬لكن‭ ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصبور‭ ‬يتمكن‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬التصدى‭ ‬ويحجم‭ ‬الرغبة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬العارمة‭ ‬فى‭ ‬التواجد‭ ‬بقلب‭ ‬القاهرة،‭ ‬من‭ ‬مشاركة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬السماح‭ ‬لبعض‭ ‬الناشرين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ببيع‭ ‬كتبهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مكتبة‭ ‬اهاشيت‭ ‬لكن‭ ‬الحساسية‭ ‬المصرية‭ ‬التاريخية‭ ‬تجاه‭ ‬أى‭ ‬احتلال،‭ ‬والتضامن‭ ‬المبدأى‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لم‭ ‬يقبلا‭ ‬التواجد‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬رمزيا،‭ ‬لتنتج‭ ‬حركة‭ ‬معارضة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬والثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬جناح‭ ‬هاشيت‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬جناح‭ ‬االفتى‭ ‬العربيب‭ ‬ويبقى‭ ‬محاصرا‭ ‬بقوات‭ ‬الأمن‭.‬

السفير‭ ‬تنقل‭ ‬فى‭ ‬تغطيتها‭ ‬تصريحا‭ ‬لافتا‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) ‬لمسؤول‭ ‬فى‭ ‬الخارجية‭ ‬المصرية‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لسفير‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬العلم‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬المعرض‭ ‬الذى‭ ‬يضم‭ ‬ممثلين‭ ‬لدور‭ ‬النشر‭ ‬وليس‭ ‬ممثلين‭ ‬لدول‭. ‬

هل‭ ‬يمكن‭ ‬فى‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬الدورة‭ ‬1981؟‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬نتائج‭ ‬تلك‭ ‬الدورة‭ ‬انضمت‭ ‬مع‭ ‬عناصر‭ ‬أخرى‭ ‬لتسهم‭ ‬فى‭ ‬رسم‭ ‬ملامح‭ ‬لعام‭ ‬امتلأ‭ ‬بالعنف‭ ‬وانتهى‭ ‬بمشهدى‭ ‬رحيل‭ ‬مأساويين،‭ ‬أحدهما‭ ‬سياسى‭ ‬والآخر‭ ‬ثقافي،‭ ‬لبطلين‭ ‬كل‭ ‬فى‭ ‬موقعه‭ ‬وبحجم‭ ‬مسؤولياته‭ ‬كان‭ ‬مشاركا‭ ‬فى‭ ‬خروج‭ ‬الدورة‭ ‬الـ13‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬انتهت‭ ‬إليه‭: ‬الزعيم‭ ‬السادات‭ ‬والشاعر‭ ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصبور‭.  ‬

لكن‭ ‬الأمور‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬أبدا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬البساطة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الإحاطة‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بقراءة‭ ‬المتناقضات،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬مثلا‭ ‬فهم‭ ‬السياق‭ ‬الذى‭ ‬كانت‭ ‬تجرى‭ ‬فيه‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬وفى‭ ‬الزمن‭ ‬نفسه‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض‭ ‬نفسها،‭ ‬يتحرك‭ ‬الكاتب‭ ‬المسرحى‭ ‬الأمريكى‭ ‬آرثر‭ ‬ميللر،‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬يزور‭ ‬مصر‭ ‬ضيفا‭ ‬على‭ ‬صديقه‭ ‬الأمير‭ ‬صدر‭ ‬الدين‭ ‬خان‭ ‬حيث‭ ‬يقيم‭ ‬معه‭ ‬فى‭ ‬حارة‭ ‬درب‭ ‬اللبانة‭ ‬بحى‭ ‬القلعة،‭ ‬بيت‭ ‬المعمار‭ ‬المصرى‭) ‬زار‭ ‬ميللر،‭ ‬الذى‭ ‬انصب‭ ‬جانب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬علاقته‭ ‬بمارلين‭ ‬مونرو،‭ ‬أسوان‭ ‬لأسبوعين‭ ‬وعاد‭ ‬ليتم‭ ‬لقاءاته،‭ ‬بقدم‭ ‬مكسورة،‭ ‬مع‭ ‬المثقفين‭ ‬المصريين‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬زيارة‭  ‬ميللر‭ ‬الطويلة،‭ ‬جاءت‭ ‬فى‭ ‬خضم‭ ‬تقلبات‭ ‬حادة‭ ‬تسود‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأكملها،‭ ‬خريطة‭ ‬مليئة‭ ‬بالتفاصيل،‭ ‬وتاريخ‭ ‬قابل‭ ‬للمراجعة‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬تناقضات‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬فهم‭ ‬تجاورها،‭ ‬لكن‭ ‬ومن‭ ‬حسن‭ ‬الحظ‭ ‬أنه‭ ‬وخلال‭ ‬دورة‭ ‬1981‭ ‬وأمام‭ ‬سراى‭ ‬7،كان‭ ‬فى‭ ‬الإمكان‭: ‬أخذ‭ ‬قسط‭ ‬من‭ ‬الراحة‭ ‬فى‭ ‬الاستراحات‭ ‬المخصصة‭ ‬لذلك‭.. ‬مع‭ ‬تناول‭ ‬الوجبات‭ ‬الخفيفة‭ ‬والمشروبات‭ ‬الدافئة‭ ‬والمثلجة‭.. ‬هناك‭ ‬كان‭ ‬للزوار‭ ‬رؤية‭ ‬التاريخ‭ ‬يتمشى‭ ‬بينهم‭ ‬حاملا‭ ‬أوراقه‭ ‬وأقلامه‭ ‬يستعد‭ ‬لأعمال‭ ‬دورة‭ ‬تفتتح‭ ‬عاما‭ ‬لن‭ ‬يكف‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬التدوين‭!‬