معرض جديد للفنانة إسراء زيدان

بهجة البدينات فى «حلم ليلة صيف»

بهجة البدينات فى «حلم ليلة صيف»
بهجة البدينات فى «حلم ليلة صيف»

كتبت: فاطمة على

يشــــهد جالــيرى "آزاد" حاليــــاً معرضــــــاً جـــــديــــداً للفنانـــة التشكيلية إسراء زيدان، انطلق منذ مطلع يوليو الجاري، ويحمل عنوان "حلم ليلة صيف" وهو عنوان المسرحية الشهيرة لشكسبير.. وكانت الفنانة قدمت عرضاً العام الماضى فى التوقيت ذاته وفى القاعة نفسها بعنوان "صيــــف ســـــاخـــن جـداً" لنفس شخوص لوحاتها والمشاهد وذات الأحجام والألوان.
لوحات معارضها السابقة والحالى بكاملها تعبر عن انطلاق الفتيات الضاحكات دوماً على الشاطئ مرتديات ملابس البحر أثناء لعبهن ولهوهن طوال نهار الصيف بين السباحة وركوب الدراجات واللعب بأوراق الكوتشينة والرقص.
الفنانة جعلت لنفسها أسلوباً فى تعبيرها بواقعية أقرب للكاريكاتورية فى مبالغتها لأجساد فتيات لوحاتها الممتلئات، وقد سبقها فى هذا المسار فنانون كثيرون خارج مصر، وهى لم تقع فى مثل ما وقع فيه فنانون مصريون آخرون من تقديم البدانة لنساء رومانسيات متضخمات خاملات لا يتحركن من مقاعدهن من لوحة لأخرى ومن معرض لآخر وهن بذات الهيئة نفسها.


وقد أخرجت إسراء زيدان ما بداخل فتياتها ممتلئات الجسد من بهجة حتى بدت أجسادهن ذاتها كصورة من البهجة التلقائية تتبعهن أينما تحركن أو بأى كيفية يبعثن من خلالها البهجة لمن حولهن، وكأن صيف لوحاتها يبدأ بإشارة من حركة أجسامهن البدينة التى لا يخجلن منها كما هو شائع بين الفتيات شديدى البدانة.. وكأن الفنانة تتعمد أن تقدم لوحاتها وفنها كحالة من منظور نسوى مُكرر داخل حالة متكررة بنفس المقاييس لنفس الحالة الجمالية المعنوية وبنفس الألوان والتقنية فى أكثر من عرض متتالٍ قدمته مرتبطة فيه بنفس ملامح البدينات جسدياً وبنفس تعبيرات الوجوه الضاحكة دوما والتى ذكرتنى بضحكات شخوص رجال الفنان الصينى «يو مينجون» المتكررة أيضاً بضحكات لا تفارقهم وأيضاً مرتديات ملابس البحر وفى المياه وكل وجوههم ضاحكة إلا أنه بعيد عن التكرار لنفس الشخوص كنهج إسراء التى بالتكرار تقدم بهجة الفتيات وفخرهن بأجسادهن الممتلئة كغرض فى حد ذاته..أما مينجون فيوظف التكرار لعكس حالات اجتماعية وسياسية لها دلالات قاسية تعكس ضحكات شخوصه السخرية منها، لأنه يعمل على مفهوم إنسانى واسع أبعد من إرضاء الذات فقط بالجسد وتقبله للبدينات، فتقبُل الجسد طبيعى فى أى فن، لكن المهم المفهوم وعدم التكرار حتى لا تتحوّل اللوحات إلى مجرد مشاهد متكررة تنصب فقط على فكرة الرضا بالجسد الضخم، فمن المهم حب النفس والاعتزاز بها أيا كانت المقاييس الخارجية للجسد، لكن من المهم أيضاً فى الفن إظهار الجمال الإنسانى الخفى للشخوص.   
وفتيات إسراء البدينات يتطايرن خفيفات منفلتات عن الجاذبية كأن أجسادهن وللمفارقة البصرية بلا وزن أو هموم، وربما هذا التعامل البصرى مع الكتلة إن كانت لرجل أو امرأة هو مشروع فنى مهم، فليست الكتلة مجرد ألوان منتفخة زاهية، بل للكتلة قيمتها الجمالية والرمزية التى تقدم دلالات هامة ومفاهيمية وإلا تتحول اللوحات المتكررة من معرض بعد آخر إلى لوحات نمطية مُكررة، إذ إن للوحات البصرية طاقة من المهم تجددها بعيداً عن التكرار باستسهال. ولا يمكن فى العمل الفنى الاعتماد على التكرار من أجل التعبير عن فرحة الفتيات بأجسادهن الممتلئة فقط كهدف حياتى لوجودهن.