مبادرات على مواقع التواصل لتعليم الحرف اليدوية

موسـم تنميـة المهـارات

الحرف اليدوية تتطلب مهارة وحساً فنياً
الحرف اليدوية تتطلب مهارة وحساً فنياً

كتبت: ياسين صبرى 

مع ارتفاع درجات الحرارة فى الإجازة الصيفية قد يلجأ البعض إلى الاستجمام على شاطئ البحر هربا من الحر، إلا أن البعض الآخر يقوم باستغلال الإجازة فى تنمية قدراته عبر تعلم حرفة أو هواية جديدة، تكون حافزاً لديه للتقدم والإبداع المستمر.. لتصبح الإجازة الصيفية بمثابة موسم لتنمية المهارات وصقل المواهب.
الأمثلة فى ذلك كثيرة ومتنوعة، وقد ساعدت شعبية مواقع التواصل الاجتماعى وسهولة استخدامها بين الجميع على قيام العديد من الأشخاص بتأسيس صفحات خاصة بتعليم الهوايات مثل الرسم أو تعليم الحرف اليدوية أو تشكيل المجسمات الزخرفية.
تواصلنا مع أحد مؤسسى هذه الصفحات، وهو درويش السيد، صاحب مجموعة «تعلم الرسم» على «فيسبوك»، وهو مختص بتنظيم أنشطة صيفية لتعليم هوايات جديدة للمبتدئين، وأوضح أن الصيف يعد الفترة الأفضل لتعلم هواية جديدة كونها تعطى مساحة وقتية لا تتوافر على مدار العام، فالطلبة فى ذلك التوقيت لا يشغلهم التحصيل الدراسى كونهم حصلوا على الإجازة، فيكون استعداد المتدربين أكبر فى هذه المرحلة وهو ما نلحظه فى حجم المنضمين لمجموعة «تعلم الرسم». 
ويشرح درويش طريقة عمله لمن يهوى تعلم الرسم، حيث يقوم فى البداية بإرسال تشكيلة من الرسوم تجسد موضوعات مختلفة يمكن من خلالها تحديد ميول المتدرب الفنية، وبعد اختيار نموذج معين، يعرض عليه رسوماً متدرجة الصعوبة لتقليدها، وخلال هذه العملية يتم إبداء الملاحظات على الرسم ليقوم المتدرب بتعديله إلى أن يصل إلى الدرجة الفنية المطلوبة.
يتابع: موضوعات الرسم التى يمكن أن يبدأ بها المتدرب متنوعة، فهناك من يرغب فى رسم موضعات عن الطبيعة وهناك من يريد القيام برسم مجسمات عن المنازل أو الأماكن الأثرية، وقد يفضل البعض رسم الوجوه (البورتريهات) بتفاصيلها الدقيقة.
عملية تعلم الرسم خلال الإجازة الصيفية تتم على حسب استعداد المتلقى، فعندما يكون المتدرب لديه موهبة فعلية لا يأخذ فترة طويلة للتعلم وقد يتقنه خلال مرتين إلى ثلاث مرات بعد تلقى الإرشادات الصحيحة التى تساعده أن يكون مشروع فنان، أما المتدرب متوسط القدرات فنظل بجانبه لتقويم أسلوبه من خلال المتابعة المستمرة، وعندما ينتهى من مرحلة ما نبدأ فى إرسال رسومات أخرى مستواها أكثر صعوبة بحيث يرسمها بصورة متكررة حتى يصل إلى مرحلة التمكن من استخدام مهارته.
ويوضح درويش أن الكورسات التى تقدمها المجموعة تقع ضمن الأنشطة الحرة، ويقول: من يطلب الانضمام إلينا نعطى له عصارة خبرتنا والأساسيات اللازمة للتعلم، التى لا بد أن يسبقها استعداد نفسى جيد من خلال تعلق الشخص ذاته بالهواية التى يريد التدرب عليها، وقد لاحظنا أن الفتيات فى الغالب أكثر إقبالا على تعلم الرسم ولديهم حس فنى مرهف.. إلى جانب تعلم الهوايات يمكن للمرء خلال الإجازة الصيفية تعلم حرفة يدوية، وهذا الأمر توفر العديد من المجموعات على «فيسبوك»، لعل أشهرها المجموعة التى أسسها المحارب جمال طلعت صاحب مبادرة «المصريين أولى» التى تهدف إلى تشغيل السيدات والشباب من خلال مساعدتهم على فتح مصانع صغيرة داخل منازلهم بأقل الإمكانات بحيث يكونوا هم المشرفين على إنتاجهم من المصنوعات اليدوية، لا سيما تلك التى يتم استيرادها من الصين.
يضيف: إذا لم يكن لدى المتدربين مقومات الإنتاج الأولية مثل الماكينات أو الخامات، نوفرها لهم ضمن المبادرة، ثم يتم تدريبهم حتى يتقنوا العمل عليها، ثم تبدأ مرحلة الإنتاج المنزلى تحت إشرافنا، ثم يتم تسويق المنتجات أونلاين عبر الإنترنت.
وتابع: قمنا بتوسيع مجال مبادرة «المصريين أولى» لتشمل محافظة الإسكندرية، وتم أيضا افتتاح مركز تدريب بجامعة المنيا فضلا عن قيامنا بجولات تدريبية فى جامعتى جنوب الوادى والمنوفية وكنا على وشك افتتاح مركز تدريبى هناك ولكن تفشى وباء كورونا حال دون ذلك بسبب منع التجمعات.
وأوضح جمال أن المبادرة تمكنت من تدريب مئات الآلاف من السيدات والشباب على 20 حرفة من المنتجات المصنوعة من الجلد طبيعى والجلد الصناعى، وكذلك صناعة الحقائب بمختلف أنواعها وهناك أيضا كورسات لصناعة الملابس والـ«تى شيرتات» والأحذية، بجانب المنتجات ذات الطابع الفرعوني، وما ساعد على نجاح المبادرة هو دعم الدولة عندما أوقفت استيراد مستلزمات المدارس من الخارج، وهو ما أعطى فرصة كبيرة لصناعتها محلياً.
سلمى حافظ (مُعلمة) وإحدى المنضمات إلى مبادرة «المصريين أولى» فى فترة الإجازة الصيفية الحالية، نقلت لنا عصارة تجربتها قائلة: عندما انضممت إلى المبادرة لاحظت أننى أصغر الموجودين سناً، فهناك العديد من الأشخاص متفاوتى الأعمار داخل المكان ولكن ما جمعهم هو حب التعلم والرغبة فى تحويل هوايتهم لحرفة متقنة.
تضيف: علمت بالمبادرة من خلال فيديوهات تم نشرها على موقع «يوتيوب»، فقد كنت دائماً أبحث عن أماكن للتدريب على صناعة الأشغال اليدوية، ولكن أى من الأماكن التى ذهبت إليها لم ترقَ إلى تطلعاتي، فضلاً عن عدم وجود تدريب عملى بها على عملية التصنيع.
ولكن الأمر اختلف مع مبادرة «المصريين أولى» كما أوضحت سلمى، فعند متابعة الفيديوهات الخاصة بمؤسس المبادرة جمال طلعت والتواصل معه دعاها إلى مقر المبادرة الموجود فى منطقة شبرا لتقوم بجولة فى المكان وهناك استقر رأيها على تعلم صناعة حقائب السيدات.


وأوضحت: عندما بدأت فى التدريب بدأت بمستوى بسيط من تصنيع حقائب الجلد الصناعى ثم الجلد الطبيعى فى المرحلة الثانية وأخذت بعد ذلك كورسات فى صناعة الأحذية الرياضية، وتعلمت ماهية أنواع الجلود وأماكن شراء الخامات وبدأت فى التصنيع والإنتاج على ماكينة داخل منزل ولتسويق المنتجات أنشأت أيضا صفحة على الإنترنت لتسهيل العرض على الزبائن. . من جانبه، أوضح الدكتور عماد مخيمر، أستاذ علم النفس بجامعة الزقازيق، أن تغيير مفهوم قضاء الإجازة الصيفية واستغلالها بصورة أكثر عملية وفائدة يدخل ضمن ما يُعرف باكتساب العادات، أى اكتساب عادة جديدة عبر التفكير فى التطوير الذاتى لبناء شخصية أفضل.. يتابع: الفوائد التى ستنعكس على الشخص جراء هذا التغيير كثيرة للغاية أولها أن يصبح أكثر صلابة ولديه خبرات حياتية، فما نكتسبه من خبرات فى المدرسة أو الجامعة محدودة، أما الخبرات التى نكتسبها من الحياة فتكون أعمق.