وداعًا الجريمة وعمالة الأطفال.. ترخيص «التوك توك» يعيد السائقين لقبضة القانون

التوك توك
التوك توك

بعد سنوات طويلة عانى منها الجميع من الآثار السلبية لانتشار التوك توك في الأزقة والشوارع والميادين بمختلف المحافظات، وزادت معه معدلات الجريمة التي أصبحت عنصراً أساسياً بها، من قتل وسرقة وخطف ونصب وغيرها، إلا أن قرار منعه تماماَ لم يكن منصفاً لأن الكثير من الأسر أصبحت تعتمد عليه كمصدر أساسي للدخل، لذا فكان قرار الحكومة بترخيص التكاتك هو القرار الأصوب للمجتمع وصاحب التوك توك، إذ أنه يحقق المعادلة بمحاولة السيطرة عليه ودخوله ضمن منظومة الدولة، وفى نفس الوقت المحافظة على كونه مصدر رزق للكثير.

قمنا بجولة بين عدد من سائقى التوك توك لمعرفة آرائهم فى عملية التقنين والترخيص وتوفيق أوضاعهم قانونياً.

 

مصلحة للسائقين

في البداية أكد عم على الرجل الخمسينى الذي قضى سنوات كثيرة من عمره سائق توك توك، ومنه استطاع أن يعلم ويربى أبناءه الأربعة، وخرج من بينهم المهندس والطبيب، وأنه سعد جداً بقرار تقنين أوضاعهم.

وأشار إلى أنه كان حزيناً جداً عندما كان هناك كلام عن منع التكاتك تماماً، أما الآن فيمكنه العمل بدون قلق من سحب ماكينته فى أى وقت، مؤكداً أن هذا القرار فى مصلحة السائق الملتزم مثلما هو فى مصلحة الدولة والمواطن، قائلاً «أنا أحسن لى أنى اشتغل تحت مظلة القانون، بدلاً من أن أكون مطارداً طوال الوقت».

وأضاف محمد عزب حاصل على دبلوم فنى صناعى، ويعمل سائق توك توك منذ أكثر من 10 سنوات، أنه سارع بالحصول على ترخيص ماكينته فور سماعه بالقرار، قائلاً «دا بيخلينا فى أمان، وكمان عشان لما واحد يعمل جريمة أو حادثة بالتوك توك يتمسك، وميبقاش كله وحش، وياخدونا عاطل فى باطل».

متابعاً «احنا أغلبنا ناس بتجرى على أسر وعائلات بالكامل، عايزين نشتغل ونكسب لقمة عيش بالحلال، الوحش فينا قليل، بس عشان مابيتعرفش بيتعمم أن سواقين التكاتك كلهم وحشين».

 

الحد من ظاهرة عمالة الأطفال

ولفت إسلام المحمدى 25 سنة، ويعمل على التوك توك منذ خمس سنوات، إلى أن هذه الإجراءات ستعمل على الحد من ظاهرة ركوب أطفال للتكاتك، لأنه سيكون هناك سن معينة، وهذا سيعمل على تقليل الجرائم التى كانت تعتمد على أن سائق التوك توك طفل، ولن ينال العقوبة الكاملة، إضافة إلى أنه أصبح من السهل الوصول إلى أى توك توك ارتكب من خلاله أى جريمة.

 

محاصرة الجريمة

 انتقلنا للخبراء لمعرفة آثار هذا الوضع أمنياً واقتصادياً، فى البداية أكد اللواء أحمد هشام الخبير المرورى أن ترخيص التكاتك أمر مهم جداً، لأن التوك توك بدون هوية يساعد بشكل كبير فى انتشار الجرائم بجميع أنواعها، سواء كانت جرائم سرقة أو اغتصاب أو اختطاف أو أعمال إرهاب، ولكن مع تقنينه كل هذه الأمور سيتم دحرها.

في نفس الوقت سيساعد هذا القرار بشكل كبير على تحقيق الانضباط المروري في الشارع المصري، كما أكد هشام، أن التوك توك غير مسموح له سوى بالسير فى أماكن معينة مثل النجوع والقرى والأزقة الضيقة والمناطق غير المخططة وعدم الخروج نهائيا فى الشوارع الرئيسية والفرعية و أعلى الكبارى وأسفل الأنفاق.

 

ترخيص التوك توك "مباح" في كل المحافظات

 

ترخيص التكاتك سيتم فى جميع أنحاء ومحافظات الجمهورية، وفق حديث الخبير المرورى، الذي علق على أنه كان هناك بعض المحافظات ترفض ترخيص التوك توك مثل القاهرة والبحر الأحمر والسويس، ولكن بعد القرار الأخير ستمنح كل المحافظات الترخيص للتكاتك ولكن بشرط الالتزام بتعليمات خطوط السير.

 

"التمناية"

هناك محوران تعمل عليهما الدولة بشأن التكاتك، أوضحهما اللواء هشام قائلاً : المحور الأول «وزارى» يتبع مجلس الوزراء وهو ترخيص التوك توك، والمحور الثانى «رئاسي» وهو دخول التوك توك فى المبادرة الرئاسة لإحلال التوك توك بالسيارة المينى فان «التمناية» فيتم تسليم التوك توك ويستلم بدلاً منه «التمناية»، ولكل شخص حرية الاختيار بين الحلين اللذين قدمتهما الدولة، فالأمر يرجع لمالك التوك توك، والمهم أن تكون أوراقه سليمة».

حتى الآن لم يتم تحديد مدة زمنية محددة من قبل وزارة الداخلية، وأوضح الخبير المرورى أنه سيتم تحديد ذلك وفق الطاقة الاستيعابية لوحدات التراخيص والتى لها أعمالها الطبيعية فى تراخيص السيارات، موضحاً أنه بعد تحديد المدة وانتهائها ستتم مصادرة التوك توك مباشرة، ولن يكون هناك مرحلة الغرامة قبل المصادرة.

 

إمكانية مصادرة التوك توك

المشكلة التى قد تواجه صاحب التوك توك كما تطرق لها اللواء هشام هى أن يكون التوكتوك بدون ورق، فهذا لن يمكن ترخيصه وسيتم مصادرته، قائلاً «الدولة قدمت المساعدة لهم بتوفير أماكن التراخيص وقللت القيمة المادية للترخيص».

وأوضح دكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي أن الدولة تعمل حالياً على برنامج لاستبدال وإحلال التوك توك بسيارات آمنة ومُرخصة، مثل «المينى فان» التى تعمل بالغاز الطبيعى، وهي خطة ليست وليدة اللحظة لكن جرى التنسيق لها قبل فترة طويلة وذلك لإيجاد بدائل آمنة للتوك توك والحد من آثاره على الاقتصاد، والذى يسبب تكدسًا وزحامًا كبيرًا ويضغط على البنية التحتية للطرق في بعض المناطق.

 

تعزيز موارد الدولة

 

أما عن قرار الترخيص فقال «عائد الترخيص بالتأكيد يؤول للخزينة العامة للجهات الحكومية، وهذا له بالتأكيد انعكاس إيجابى علي إيرادات الدولة»، منوهاً إلى أن التصاريح لعمل التوكتوك مازالت قليلة جداً، ولم يتقدم الكثيرون للحصول على تصريح، في حين تشير التصريحات الرسمية إلي أن 10% فقط من التوكتوك مرخص وهذه نسبة ضعيفة جداً مقابل عدد التكاتك.

لافتًا إلى أن هناك مشاكل أخرى للتوك توك تتمثل فى أنه يساعد على التسرب من المصانع والورش المختلفة، قائلًا «الشباب اليوم يعمل على توكتوك ويحقق 100 إلى 150 جنيهًا دخل متغير، ويبعد عن العمل فى مصنع بمقابل3000 أو 3500 جنيه».

وأضاف أن خطوة تقنين التوكتوك والتخلص منه جزئيًا هى بداية لتصحيح الأخطاء والعودة نحو الاهتمام بالتعليم الصناعى، لأن إجراءات التحول من التوكتوك إلى سيارات آمنة لن يتحملها أصحاب التكاتك، والجزء الأكبر منهم سيلجأ إلى التخلص منه وبيعه وهنا ربما يزداد الأمر سوءًا وينتشر أكثر فى المناطق الشعبية والعشوائية.

 

وداعًا مشاكل السرفيس 

 

نجلاء سامى نقيبة سائقى التكاتك، أكدت أن السائقين سعداء جداً بهذا القرار،لأنه سيحجب عنهم الكثير من المشاكل من السرفيس والحى، لأنه عندما يرخص ماكينته ويكون معه أوراقه سليمة لن يضايقه أحد، خاصة أن القانون الجديد حدد مبلغ 250 جنيهًا فقط للترخيص وهذا مبلغ مناسب، لافتة إلى أن النسبة مازالت بسيطة لأن هناك تخوفات لدى السائقين بأن يحدث مثلما حدث فى السابق، قائلة «كان قد تم فتح الترخيص منذ فترة، وبعد أن قام السائقون بالترخيص استمرت مشاكلهم مع الحى والسرفيس، وكان يأخذ منهم غرامات رغم الترخيص، فهم لديهم تخوف من أن يواجهوا نفس المشكلة».

 

مطالب مشروعة

 

وأكدت أن ما يحتاجه سائقو التوكتوك، هو ضمان أن هذه الرخصة ستكون حماية فعلية لهم من أي رسوم غير قانونية تفرض عليهم، متابعة: «سأحدد موعدا للقاء وزير التنمية المحلية للاتفاق معه على أن الحى والسرفيس يرفعان يديهما من على سائقى التكاتك، وبناءً عليه سنخاطب كنقابة سائقى التكاتك المرور ونتفق معه ونجمع كل يوم عدد معين من التكاتك حسب استيعاب الوحدات، وسأكون مسؤولة على تجميعهم وتجهيز أوراقهم وأكون الوسيط بينهم».

واختتمت حديثها قائلة: «معظمهم ليسو مفتعلى مشاكل وإنما أصحاب بيوت وأولاد، يريدوا أن يكسبوا بالحلال».