زيارة سلطان عُمان للسعودية تدشن مرحلة جديدة تسمو بالعلاقات الثنائية

الملك سلمان بن عبدالعزيز والسلطان هيثم بن طارق
الملك سلمان بن عبدالعزيز والسلطان هيثم بن طارق

تدشن الزيارة التي يقوم بها سلطان عُمان السلطان هيثم بن طارق، الأحد 11 يوليو، إلى السعودية تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بداية مرحلة جديدة واستراتيجية في علاقات البلدين وتسمو بها إلى آفاق أرحب وأشمل.

وتمثل الزيارة تأكيدًا على عمق العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان والسعودية الشقيقة، وانطلاقًا من حرص قيادتي البلدين على توثيق الروابط المشتركة التي تجمع القُطرين الشقيقين وتخدم المصالح المشتركة للبلدين، وتكفل حاضرًا ومستقبلاً أكثر ازدهارًا ورخاءً وإشراقًا.

ويرى المراقبون أن زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى السعودية ولقائه بأخيه العاهل السعودي، ستشكل دفعة وانطلاقة لتطوير هذه العلاقة لبناء حاضر زاهر ومستقبل واعد للبلدين والشعبين الشقيقين ومناصرة للحق والعدل والسلام والأمن والتسامح في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والتعاون البناء مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أجل توطيد الاستقرار وزيادة النماء والازدهار.

اقرأ أيضاً: المتحور دلتا يخيم بـ«الحالة الحمراء» على إيران

ويرتبط البلدان الشقيقان بروابط راسخة في مختلف المجالات، ستوثق عراها الزيارة التاريخية للسلطان هيثم بن طارق، التي تُعد الزيارة الرسمية الأولى له إلى خارج السلطنة منذ توليه مقاليد حكم السلطنة في ١١ يناير العام الماضي.

كما يعد هذا اللقاء الثاني بين القائدين بعد لقائهما الأول في يناير ٢٠٢٠م بمسقط عندما قام الملك سلمان بن عبدالعزيز بأداء واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه.

ومنذ اليوم الأول لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم، أكد على مواصلة الإسهام مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دفع مسيرة التعاون لتحقيق آمال وتطلعات شعوب دول المجلس في تحقيق الإنجازات المشتركة بكافة المجالات، كما أن السلطنة بقيادته الحكيمة قد أكدت دومًا على مواقفها السياسية الراسخة، وقد برهنت على ذلك عبر استمرار جهودها الدبلوماسية إزاء عدد من القضايا التي شهدتها المنطقة مشفوعة بالزيارات رفيعة المستوى بين السلطنة وشقيقاتها من دول المجلس.

ويحرص البلدان الشقيقان على تبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك من خلال التواصل واللقاءات المستمرة بين قيادتي البلدين والمسؤولين رفيعي المستوى، وهو ما أكدته الاتصالات المستمرة بين السلطان هيثم بن طارق وأخيه الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وتتلاقى الرؤى والتطلعات العُمانية السعودية في كثير من المجالات والمواقف المختلفة، ومنها مجال البيئة الذي يعد من بين أهم المجالات الدولية المطروحة في أروقة المنظمات الأممية، فقد أعربت السلطنة عن تقديرها لجهود السعودية في مجال الحفاظ على البيئة واستدامتها من خلال مبادرة (الشرق الأوسط الأخضر) التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالشراكة بين دول المنطقة، وتتمثل المبادرة في أكبر برنامج تشجير لمواجهة التحديات البيئية، وقد أكد السلطان هيثم بن طارق خلال تلقيه اتصالًا هاتفيًا في مارس الماضي من الأمير محمد بن سلمان على دعم السلطنة لكل الجهود المبذولة في هذا الصدد.

وقد كثفت السلطنة والسعودية طوال العامين الحالي والمنصرم، اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى، فقد التقى  السلطان هيثم بن طارق بقصر العلم العامر في شهر مارس عام ٢٠٢٠م الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع السعودي لاستعراض أوجه التعاون القائم بين البلدين في شتى المجالات وسبل تعزيزه بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين العُماني والسعودي الشقيقين، وأعرب الأمير خالد بن سلمان عن تشرفه بنقل رسالة من الملك سلمان إلى السلطان هيثم بن طارق، وأنه تم التأكيد خلال اللقاء على "عمق العلاقات الثنائية الأخوية والاستراتيجية التي تربط البلدين الشقيقين في كافة المجالات، وسبل تطويرها بما يحقق مصالحنا المشتركة".

وتتوافق الدبلوماسية العُمانية  ـ السعودية في كثير من الرؤى، خاصة ما يتعلق منها بمكافحة الإرهاب والمحافظة على السلم والأمن الدوليين، وهو ما دفع السلطنة في نهاية عام ٢٠١٦م إلى الانضمام لتحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب لدعم جهود السعودية في هذا الجانب. 

كما أعربت السلطنة في بياناتها السياسية عن وقوفها إلى جانب الحكومة السعودية في مختلف القضايا والأحداث، فقد رحبت عُمان بالمبادرة التي أعلنتها السعودية في مارس الماضي، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية عبر طرق التفاهم والحوار مع مختلف الأطراف ودعم جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى تحقيق التسوية السياسية المنشودة في اليمن الشقيق، وقد أعربت السعودية في هذا الإطار عن تقديرها لجهود السلطنة ودورها "الإيجابي" في الدعم المستمر لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث والمبعوث الأمريكي لليمن تيموثي ليندركينج، وهو ما أكد عليه فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحفي عُقد بالرياض في مارس الماضي.

ويؤكد المراقبون أن مستقبل العلاقات العُمانية السعودية في ظل القيادتين الحكيمتين مبشر بخير، لا سيما وأن هذه الزيارة ستشهد انطلاقة كبرى في التعاون في المجالات التجارية وتشجيع الاستثمار والاتصالات وتقنية المعلومات والبريد والنقل والتقييس بالإضافة إلى المجال الإعلامي المقروء والمرئي والمسموع والشباب والرياضة والثقافة، وتشكل هذه المجالات محاور مهمة في رؤيتي السلطنة والمملكة "رؤية عُمان 2040" و"رؤية المملكة 2030"، وستفتح آفاقًا أرحب للتعاون ستعود على الشعبين العُماني والسعودي بالنفع الكبير الدائم. 

كما أن المحادثات بين القيادتين الحكيمتين خلال الزيارة ستُسهم في حلحلة وإيجاد رؤى مشتركة وتوافق للقضايا الإقليمية المعاصرة، لما تتمتع به السلطنة والمملكة من دراية كبيرة وخبرة سياسية واسعة ومنطلقات دبلوماسية راسخة تستند إلى ثوابت ومحددات سياستهما الخارجية وسعيهما الدائم والدؤوب نحو إرساء دعائم الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع.