فى مقدمتها رأس نفرتيتى وحجر رشيد

جهود مصرية لاستعادة الآثار المصرية المسروقة من الخارج

رأس نفرتيتى
رأس نفرتيتى

فى مقدمتها رأس نفرتيتى وحجر رشيد

جهود مصرية لاستعادة الآثار المصرية المسروقة من الخارج

«عصابات التنقيب» معدومى الضمير هربوا الكنوز خارج البلاد بطرق غير مشروعة
متاحف العالم تعج بأشهر القطع الأثرية المصرية.. والدول تضرب بالقانون عرض الحائط
الأثريون: نتابع كل المزادات .. وما يعرض فى المتاحف الكبرى خرجت بطريقة غير شرعية
مصر تستعيد 27 ألف قطعة خلال الـ 6 سنوات الأخيرة فقط

 

خالد عثمان


فى البداية يكشف الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الآثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، عن مفاجآت من العيار الثقيل حيث يرصد حقيقة الخروج غير الشرعي لأشهر الآثار المصرية فى متاحف العالم، ومنها رأس نفرتيتى، حجر رشيد، تمثال حم - ايونو مخترع التقنية الهندسية لهرم خوفو، وقناع الأميرة كا نفر. 


وأشار الدكتور ريحان إلى أن العثور على رأس نفرتيتى، المعروضة حاليا في متحف برلين بألمانيا، تم بواسطة عالم الآثار الألمانى لودفيج بورخاردت وفريقه الأثرى في السادس من ديسمبر عام 1912 فى ورشة «أتيليه» الفنان الملكي تحتمس بمنطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا، والذى كان من أهم فنانى عصر العمارنة والملك أخناتون الذي حكم من 1353 إلى 1336ق.م.
وأوضح أنه من خلال جميع التقارير الخاصة بالحفائر آنذاك فإن بورخاردت كان يدرك مدى الأهمية الفنية والتاريخية لتمثال نفرتيتي بمجرد اكتشافها وقام بإخراجها من مصر عام 1913 بالمخالفة لعملية اقتسام الآثار المتشابهة آنذاك. 


وأوضح أن التمثال طبقًا لما ذكره عالم المصريات الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق خرج بالتدليس والتمويه على يد العالم الألماني بورخارت عندما كتب فى بيان البروتوكول ومذكرة الحفائر الخاصة باقتسام الآثار المكتشفة أن تمثال رأس نفرتيتى مصنوع من الجبس ويعود لأميرة ملكية وأن بورخارت كان يعرف جيدا أن التمثال مصنوع من الحجر الجيرى لكنه تعمد التمويه بهدف حصول ألمانيا على التمثال، الذي يجتذب أكثر من مليون مشاهد سنويا. 
ونوه ريحان إلى مطالبة مصر برأس نفرتيتي منذ أيام الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان، حيث تقدمت مصر بمذكرة رسمية بتاريخ 14 أبريل عام 1946 إلى مجلس قيادة الحلفاء بطلب استعادة تمثال نفرتيتي وأرسلت الحكومة المصرية طلبا مماثلا عبر السفير المصرى بالولايات المتحدة لوزارة الخارجية الأمريكية فى 21 فبراير 1947 وتلقت الحكومة المصرية ردًا فى 8 مارس 1947 من مجلس قيادة الحلفاء بأنه ليس لديهم السلطة لاتخاذ مثل هذا القرار. 
وتابع قائلا إن الدكتور زاهي حواس بصفته أمين عام المجلس الأعلي للآثار فى ذلك الوقت أرسل ثلاثة خطابات رسمية لنقلها إلى الحكومة والسلطات الألمانية المختصة يطالب فيها باستعادة تمثال رأس نفرتيتي المعروض بمتحف برلين بألمانيا. 
وأوضح أن الخطابات كانت مستندة إلى المادة 13ـ ب من اتفاقية اليونسكو عام 1970 الخاصة بمنع وتحريم الاستيراد والتصدير والنقل غير القانونى للممتلكات الثقافية، وهي المادة التى تطالب جميع أطراف الاتفاقية بضمان التعاون في تسهيل استرداد الممتلكات لأصحابها الأصليين في أسرع وقت ممكن. 


وأضاف أن الرد الرسمي الألماني على طلب الدكتور زاهى حواس هو رفض وزير الدولة الألماني للشؤون الثقافية بيرند نويمان إعادة أو حتى مجرد إعارة التمثال النصفى للملكة الفرعونية نفرتيتى لمصر، مبررًا الرفض حفاظًا على التمثال. 
وبالنسبة لحجر رشيد المعروض حاليا بالمتحف البريطاني، أشار الدكتور ريحان إلى أنه يعد قطعة فنية وأثرية مميزة نقشت عليه نصوص هيروغليفية وديموطيقية ويونانية وكان مفتاح حل لغز الكتابة الهيروغليفية، وسمى بحجر رشيد لأنه اكتشف بمدينة رشيد الواقعة على مصب فرع نهر النيل فى البحر المتوسط. 


وأوضح أنه اكتشفه ضابط فرنسي في 19 يوليو عام 1799م إبان الحملة الفرنسية، والحجر عبارة عن كتلة من البازلت يبلغ طولها حوالي 113 سم، وعرضها 7.5 سم وسمكها 27.5 سم، وهو من الحجر الأملس محفوظ الآن فى المتحف البريطاني.
ولفت الدكتور ريحان إلى أن القوات الإنجليزية تمكنت في معركة بحرية مع الفرنسيين من الاستيلاء على الحجر وإرساله إلى بريطانيا عام 1801 بدون وجه حق فلا حق لفرنسا فى الحجر لمجرد اكتشافه ولا حق لبريطانيا في الاستيلاء عليه وهى تعلم بأحقية مصر فيه. 
وقال إن المطالبات المصرية بعودة حجر رشيد تقابل بالرفض وتبرر الصحف البريطانية عدم استعادة حجر رشيد استنادًا إلى عدة أسباب منها أن المتحف البريطانى يلعب دورا مهمًا كمستودع للإنجازات الثقافية للجنس البشري، كما إن إعادة الحجر إلى مصر ستفتح الباب أمام فيضان من المطالبات المماثلة التى من شأنها أن تفرغ قاعات العرض في المتحف، إلى جانب المخاوف من أن تتعرض القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن لخطر تلف في المتاحف المصرية حال عودتها وبالطبع كلها تبريرات غير منطقية وغير مقبولة. 
وعن تمثال المهندس المصرى القديم حم - ايونو - مخترع التكنيك الهندسى لهرم خوفو المعروض حاليا بمتحف «بيلديزيس» بمدينة هيالديز هايم بألمانيا، أوضح خبير الآثار أنه تمثال جالس منحوت من قطعة واحدة من الحجر الجيرى الأبيض ارتفاعه 5ر155 سم وقد كشف عن التمثال بعثة آثار ألمانية في مقبرة بمنطقة الجيزة تعرف باسم «ج 4000» بجوار الأهرامات عام 1912 وهى قطعة فنية نادرة بحجم الإنسان الطبيعي. 
وأضاف أنه تم تهريبه من مصر إلى ألمانيا واتفقت مصر مع ألمانيا على استعارة تمثال «حم أيونو» خلال افتتاح المتحف المصري الكبير، لكن هذا الاتفاق كان مرتبطا بالموعد السابق لافتتاح المتحف في 2011 وقد أطلق 9 آلاف شاب مصري وأوروبي عام 2010 يدعمهم آثاريون حملة كبرى تطالب باستعادة تمثال المهندس المصرى القديم «حم - ايونو». 
أما قناع الأميرة «كا نفر» المعروض بمتحف لويزانا الأمريكية، قال الدكتور ريحان إنه يعد قناعا جنائزيا لسيدة تدعى «كانفر نفر» يعود تاريخه إلى عام 3500 قبل الميلاد، ويعود للأسرة الـ 19، اكتشفه الدكتور زكريا غنيم عام 1952 فى منطقة المجموعة الهرمية للملك سخم خت بسقارة، ومسجل فى سجلات سقارة بتاريخ 26 فبراير 1952 فى سجل 6 برقم 6119.
وأضاف أنه سرق من مخازن سقارة ومعروض حاليا فى متحف سانت لويس للفنون فى أمريكا، وادعى المتحف أنه اشتراه من تاجر آثار بصورة قانونية عام 1988 بملبغ 500 ألف دولار، بعد أن اشتراه التاجر من زكريا غنيم الذى كانت السلطات المصرية قد أهدته القناع، بينما تحقيقات الحكومة أوضحت أن القناع مسروق، وأنه خرج من مصر ما بين عامى 1966 و1973 بطريقة غير شرعية فى اعتراف وسند بأحقية مصر بالقناع.
وأوضح أن محكمة الاستئناف الأمريكية، الدائرة الثامنة، رفضت الطعن المقدم من الحكومة الفيدرالية الأمريكية، ضد متحف سانت لويس للفنون، لمصادرة قناع «كانفر نفر» الفرعونى، وذلك بسبب عدم تقديم الأوراق الرسمية التى تثبت أحقية مصر فى القناع فى ميعادها، وأصدرت المحكمة حكمًا ببقاء القناع فى المتحف.
ومن جانبه يؤكد الدكتور محمد يوسف كبير الأثريين بوزارة الآثار بقوله علي الرغم من نجاح معدومي الضمير من عصابات التنقيب في تهريب آلاف القطع الآثرية خارج البلاد بطرق غير مشروعة إلا أن الدولة المصرية لم تألوا جهدا في استعادة الكثير من تلك القطع كان من أبرزها في عام 2014 نجحت وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية فى استعادة عدد من القطع المهربة ومنها 3 قطع من ألمانيا بناء على الحكم الصادر من المحكمة العليا «فريبورج»، تمثل تمثالاً جماعياً من البازلت، ومقصورة صغيرة عليها اسم الأمير «خع ام واست»، ومسلة حجرية صغيرة، إلى جانب استعادة 27 قطعة من ألمانيا اتضح أنها خرجت بطريقة غير شرعية، عبارة عن قطع أثرية صغيرة وكسر فخارية.
وأضاف الدكتور محمد يوسف بأنه تمت استعادة 8 قطع من الدنمارك كانت مسروقة من منبر جامع جانم البهلوان، إضافة إلى استعادة قطعة من الكرتوناج الملون من مسروقات المخزن المتحفي بسقارة، كانت مهربة إلى فرنسا، وقطعة من الحجر الرملى كانت مهربة إلى ألمانيا، وهى مغطاة بطبقة من الجص عليها رسم يمثل شخصين من حاملى القرابين ملونة مسروقة المقبرة (TT63) (مقبرة سوبكحوتب) بالأقصر ترجع لعصر تحتمس الرابع، عينة تم استردادها من ألمانيا والمعروفة باسم عينات هرم خوفو سبتمبر.
واستعادة 15 قطعة من إنجلترا تمت سرقتها من المخزن المتحفى بسقارة، وقطعة زجاجية مسروقة من المخزن المتحفى بالقنطرة شرق، واستعادة تمثال أوشابتى من جنوب أفريقيا مصنوع من مادة الفيانس.
وأشار الدكتور محمد يوسف إلى أنه وفى عام 2015-2016، تم استرداد غطائين لتابوتين من العصر الفرعونى على شكل آدمى ومصنوعين من الخشب والكارتوناج الملون وعليهما عدد من النقوش والزخارف الملونة من إسرائيل، ومجموعة من الحشوات الخشبية بعد إيداعها فى صالة مزادات بونهامز بمدينة لندن، وتمثال عاجى من برلين يعود إلى القرنين السابع أو الثامن الميلادى، وإناء حجرى من برلين، إلى جانب لوحة الزيوت السبعة المقدسة من سويسرا، والتى تعود لعصر الدولة القديمة.
واسترداد من سويسرا لوحة أثرية من الجرانيت الأسود تعود لعصر الأسرة الثلاثين، 7 قطع أثرية من «أمريكا والإمارات وسويسرا» عبارة عن مشكاتين كانتا مسروقتين من مخازن متحف الحضارة، ولوحة جنائزية للمدعو «سشن نفرتوم» مصنوعة من الحجر الجيرى.
ونجحت الدولة المصرية من عام 2018 إلى 2021 في استرداد عدد كبير من القطع الأثرية شملت 222 قطعة أثرية و21 ألف عملة من 5 دول، واستعادة تابوت أثرى مُذهب كان اشتراه متحف المتروبوليتان بالولايات المتحدة الأمريكية من أحد تجار الآثار الذي كان حاملا لتصريح خروج للقطعة صادر من مصر ويرجع لعام 1971.
واسترداد 9 قطع من فرنسا، و14 قطعة من قبرص، و3 من الولايات المتحدة الأمريكية، وقطعة من الكويت، و195 قطعة و21660 عملة معدنية من إيطاليا، ليصل إجمالي عدد القطع المستردة منذ يناير 2018 وحتى نهاية نوفمبر 2018، 222 قطعة أثرية و21 ألفا و660 عملة معدنية.
وفي 23 يونيو 2021 تم استرداد 114 قطعة أثرية مصرية تم نهبها من الداخل وتهريبها إلى فرنسا، إلى جانب استرداد 3 قطع أثرية مصرية من بريطانيا خرجت بطريقة غير شرعية. ومن جانبه اعترف الدكتور شعبان عبدالجواد، مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، إن مصر والدول صاحبة التراث الحضاري تعاني من ظاهرة الحفر خلسة في المواقع الأثرية، حيث لا يتم تسجيل القطع الأثرية المهربة أو معرفة موعد خروجها لكن يتم رصدها بعدما تظهر في صالات مزادات أو ضبطها في أحد الموانئ أو المطارات الدولية أثناء البيع.
وأضاف « شعبان عبدالجواد» أن مهمتنا الأساسية متابعة كل المزادات التي تعرض القطع الأثرية المصرية في الخارج سواء في دور العرض الإلكترونية والموانئ الدولية وما يعرض في المتاحف الكبرى بآثار خرجت من مصر بطريقة غير شرعية.
وتابع شعبان عبدالجواد، فى عام 2019 استطعنا استرداد تابوت أثري كان موجودا في متحف المتروبوليتان بنيويورك وكان معروضا بأوراق مزورة وهو تابوت مذهب ومن القطع الفريدة جدا ويعرض الآن في المتحف القومي للحضارة».
وأردف شعبان عبد الجواد مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، أن الآثار كانت تباع وتشترى حتى عام 1983، إذ كان هناك قانون ينظم عملية بيع الآثار لكن بشرط وجود شهادات تصاحب هذه القطع.
وواصل: «كل عملنا يأتي بالتعاون مع النيابة العامة المصرية لأن الأثار المهربة قضايا يتم التحقيق فيها، وكل جهة تقوم بعملها على أكمل وجه في هذا الملف ما دفع عددا كبيرا من دول العالم إلى استنساخ التجربة المصرية في عمليات الاسترداد.
 

«رأس نفرتيتي».. محاولات مصرية لاستعادة الملكة الموجودة بألمانيا