الدكتور عبد المنعم سعيد لـ»الأخبار المسائى»:

حوار| عبد المنعم سعيد: الملء الثانى لن يضر مصر.. ونرحب بسد جنوب السودان

الدكتور عبد المنعم سعيد
الدكتور عبد المنعم سعيد

الملء الثانى لسد النهضة لن يمثل ضرراً على مصر
من الممكن تأجيل الانتخابات فى ليبيا.. وتوحيد المؤسسة العسكرية هناك عملية معقدة 
- فوز  حماس فى الانتخابات الفلسطينية يعنى تحول المنطقة لجحيم إيرانى

حوار - أحمد بهجت

يعتبر الدكتور عبد المنعم سعيد أحد الأعمدة الرئيسية فى السياسة المصرية خلال عقود وحتى اللحظة، شغل  رئاسة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وكذلك رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، كما يشغل حالياً رئيس مجلس إدارة المصري اليوم ورئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إضافة لتعيينه من قبل رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى عضواً بمجلس الشيوخ، وهو يحوي بين جعبته الكثير للحديث عنه سواء كان حول قضية سد النهضة والوضع في ليبيا ومصير الانتخابات.. وإلى نص الحوار. 

 


* هل تعتقد أن الملء الثانى لسد لنهضة سيمثل ضرراً على مصر؟


- لا، لأن الملء الثاني وبسبب عدم القدرة الإثيوبية في بناء الجزء الخاص بمنتصف السد بالعلو المناسب وستكون كمية المياه المخزنة أقل من قدرة المس بكمية المياه التى تمر إلى مصر والسودان. لكن الضرر الموجود على مصر يتمثل فى مخالفة مادة من مواد اتفاقية «إعلان المبادئ»، الخاصة بعدم جواز الملء إلا بالتشاور وموافقة دول المصب فى الملء الأول أغفلنا هذه النقطة لصالح التفاوض وكان الفيضان غزيرًا والأمطار غزيرة.


* إذن هل نستطيع القول بأن الملء الثانى لن ينفذ بأى حال؟

- لا يوجد شىء اسمه «لن ينفذ بأي حال» بمعنى شن حرب، لكن هناك أحوال كثيرة جداً يمكن الرد بها على إثيوبيا، وأعتقد أن مصر لن تتردد فى الإقدام عليها.

* لكن التخوف الرئيسى لدى رجل الشارع العادى أن العملية المرتبطة ببناء السد وما يترتب عليها سيضر بمصر والسودان حسب تقدير الخبراء؟


- الضرر يحدث فى حالة الجفاف المتقطع أو الجفاف الدائم لفترة طويلة، إنما فى غير ذلك لكى تقوم إثيوبيا بتوليد الكهرباء لا بد وأن تمرر المياه لمصر والسودان.

* لكن المشكلة أيضاً فى سنوات الملء والتخزين؟

- كان هناك اتفاق على ذلك في واشنطن من العام الماضى وهى 7 سنوات، لكن إثيوبيا انسحبت ولم توقع الاتفاق، وهنا محور التفاوض والتحركات المشتركة بين مصر والسودان. وفى هذه الحالة لابد من إثارة بضعة أسئلة، «هل توافق مصر على الملء أم لا؟» نعم مصر موافقة، لكن بالتزامن مع الملء لا بد من حسابات كثيرة، خاصة بكمية الفيضان وكمية الأمطار، لأن هذه المياه تمر على عدة سدود مثل سد الروصيرص والسد العالى، وكل ذلك متبع فى إدارة الأنهار الدولية مثل نهر الدانوب فى أوروبا والذى تديره هيئة تضبط حركة النهر، السؤال الثانى يتعلق بمدى التزام إثيوبيا بالقانون الدولى فى هذا الصدد، ومن الضرورى ممارسة ضغوط على إثيوبيا لكى تسير فى اتجاه عاقل، وهذا الاتجاه يتمثل فى توقيع اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا،  وللأسف فإن إثيوبيا ترى بأن حقها فى النهر سيادى، وسيسترشدون بالنزاهة والعطف لإزالة المخاوف المصرية والسودانية. لكن كيف لدولة لا تحترم تعهداتها ضد شعبها أن تحترم التزاماتها تجاه الدول الأخرى؟!

* جنوب السودان أعلنت مؤخراً عن نيتها فى بناء سد على النيل الأبيض, كيف ترى ذلك؟

- مصر ترحب بمثل هذه النوعية من السدود كما فعلت مع تنزانيا. مصر أيضاً من الممكن أن تساعد جنوب السودان فى سد احتياجاته المائية، عن طريق قناة جونجلى والتى ستوفر 25 مليار متر مكعب.

* هناك حديث عن أنه تم الانتهاء من قرابة 65% من هذه القناة؟

- هذه المعلومات منذ 40 عاماً تقريباً لكن لا أعرف ما مصير هذه القناة الآن.

* وماذا عن الشأن الليبي هل الأمور مؤهلة لعقد الانتخابات فى 24 ديسمبر المقبل؟

- إذا لم تكن الأمور مهيأة لإجراء الانتخابات فى موعدها يمكن تأجيلها لموعد لاحق، وبالتالى يمكن فهم الإصرار الدولى على عقدها فى موعدها كنوع من الضغط على الأطراف الليبية المختلفة لاستيفاء الاستحقاقات اللازمة لذلك، ليبيا لديها العديد من الوثائق والمؤسسات التى يمكن البناء عليها للوصول لميعاد 24 ديسمبر. لابد للجميع من التحلى بالصبر, فهناك العديد من القضايا حول العالم لم تحل حتى اللحظة، ويجب ألا ننسى بأن مصر قدمت دعماً كبيراً وبذلت جهداً دبلوماسياً كبيراً وعملت على جمع الأطراف الليبية المختلفة حول مائدة التفاوض.

* برأيك ما هى أهم المعوقات التى تواجه المرحلة الانتقالية الحالية هناك؟

- لعل أهمها توحيد المؤسسة العسكرية لأن هذا أمر معقد جداً, وتدخل المؤسسات الدولية مهم كونها تمتلك الخبرة الكافية فى ذلك, لأنه لا توجد مشكلة من هذه التى يواجهها العالم العربى لم يوجهها العالم قبل ذلك, وهناك اتجاه دولى لجعل ليبيا بدون أكثرية إخوانية ولعل الانتخابات الجزائرية الأخيرة أظهرت انحسار نفوذ الإخوان.
على أى حال أنا متفائل بشأن ليبيا لأننا قطعنا شوطاً كبيراً فى طريق الحل, ومقارنة بالأزمة فى سوريا واليمن هذه الدول ما يزال أمامها الكثير من الوقت للحل.
* بالانتقال إلى فلسطين هل تعتقد أن السلطة الفلسطينية تعيش أزمة؟

- بالطبع هناك أزمة شديدة, وغياب شرعية شديد نظراً لإرجاء الانتخابات مؤخراً, وقد كان من الممكن إجراء الانتخابات فى القدس بأكثر من وسيلة سواء عن طريق الاقتراع فى المنظمات الدولية أو عن طريق مكاتب البريد وربما لو استمر الضغط على إسرائيل كان من الممكن ذلك.
لكن يجب ألا ننسى بأنه فى حال عقد الانتخابات ستفوز حماس, وبالنسبة لى لا ينبغى القبول بفوز هتلر مرة أخرى, فلو فازت حماس مجدداً يعنى أن تذهب المنطقة لجحيم إيرانى ولعل جزء من المواجهة الأخيرة فى غزة كان بين إسرائيل وإيران. يجب الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل للإفراج عن مروان البرغوثى وتكوين مجموعة من داخل حركة فتح لكى يتم السماح لها بخوض الانتخابات ومقارعة حماس. لابد أيضاً من إقامة جسور مع الفلسطينيين داخل إسرائيل وخارجها, يجب كذلك التشاور مع الدول التى وقعت معاهدات سلام مع إسرائيل للدفع فى إيقاف حركة الاستيطان أو تعليقها.
* ماذا تقصد بـ «الرابطة العربية» التى ذكرتها فى أحد اللقاءات؟
- كنت محدداً فى استخدام مصطلح «الرابطة العربية» ولم استخدم مصطلحات من قبيل «التحالف العربى» أو «الاستراتيجية العربية». ربما فى القلب من مصطلح «الرابطة العربية», هو تقسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ومدى الاستفادة التى عادت علينا, وكذلك اللقاءات الدورية بين مصر والأردن والعراق, وكذلك منتدى شرق البحر المتوسط والذى يضم الأردن وفلسطين وإسرائيل, وفى هذا الصدد هناك جهد يُبذل فيما يتعلق بغاز فلسطين, وفى حال نجاح تلك الجهود سننجح فى رسم خطوط بحرية وتكون هذه المرة الأولى فى التاريخ التى تُرسم فيها حدود لدولة فلسطينية.
* لعل هذا يدفعنى للسؤال, عن كيفية تقييم دور جامعة الدول العربية؟
- يجب التأكيد على أن العرب بوجود مؤسسة الجامعة أفضل إذ لم تكن هذه المؤسسة فى حيز الوجود. الجامعة تخلق خيطاً رفيعاً رابط بين الدول العربية، خاصة أن الجامعة أقل المنظمات الإقليمية فى العالم تكلفة, فنصف الدول العربية لا تدفع الاشتراكات المطلوبة والباقى يدفعها على أقساط طويلة.
* هل تعتقد أن الجامعة بحاجة للإصلاح؟
- بالطبع مثل أى شىء فى الدول العربية, لابد للجامعة أن تواكب لغة العصر, ومن ذلك الإيفاء بالمستحقات المادية للدول تجاه الجامعة. كذلك تقوية الجانب الثقافى بين الدول العربية, وبالتالى استحداث جائزة ثقافية فى التأليف أو الشعر أو الصحافة أو كل ما يتعلق بالقوة الناعمة.
من الضرورى كذلك تقوية العلاقات البينية فيما بين الدول العربية, فعلى سبيل المثال الباحثون العرب لا يلتقون إلا فى الفعاليات الغربية فى أوروبا, وبالتالى من الممكن للجامعة أن تكون ذلك البيت الكبير الذى يجمعهم. كذلك يمكن للجامعة تقوية جميعات رجال الأعمال.
* وماذا عن دورها فى الأزمات السياسية؟
- الجامعة العربية تعنى الأمانة العامة وهى بدورها تعنى الأمين العام, وهو بدوره لا يتحرك إلا فى إطار الاجماع العربي. من الضرورى التأكيد على أن قوة الجامعة بما يتفق عليه الأعضاء.
* هل تعتقد أن المنطقة العربية تعيش لحظة هيمنة الخليج عليها, أو ما أسماها البعض «لحظة الخليج»؟
- من قال بـ «لحظة الخليج» قال بإن الخليج يقود المنطقة العربية, ومما لا شك فيه حدوث إنجازات فى الخليج, لكن هذه الفرضية أغفلت عدة حقائق ومنها الانخراط فى الأزمة اليمنية والتى أدت لحدوث انقسام فى المواقف بين الدول الخليجية ونتيجة لذلك تعرضت بعض المواقع لهجمات مثل الهجوم على شركة أرامكو فى السعودية أو الهجوم على الفجيرة.
كذلك فإن الخليج فى حالة انتظار لما ستسفر عنه المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة فيما يتعلق بالاتفاق النووى. الأمر الثالث, فإن الإصلاح فى بعض دول الخليج سيخلق قوى ممانعة له.

أستاذ قانون دولي يكشف 3 سيناريوهات لمجلس الأمن في إدارة ملف سد النهضة